حين ينتصر العقل على العاطفة.. «حب العشرة» سر الزواج الناجح

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتبت: مروة أنور

في ظل ارتفاع معدلات الطلاق، يؤكد الخبراء أن حُب العِشرة أفضل من الحب الرومانسى ما قبل الزواج، فالشباب في حيرة من أمرهم، فهناك من يفضل الزواج من شريك حياة تربطة معه قصة حب رومانسية قبل الزواج لاعتقادهم أنه الزواج الناجح وأن الحب الذي يأتى بعد الزواج مفتعل وليس حقيقيا، بينما هناك صنف يرى فى الحب بعد الزواج حقيقة وصدقا وحبا دائما لا يزول، ويعتقد أن الحب قبل الزواج وهم يعيشه المرء ويتلاشى سريعا بعد الزواج.. من خلال هذا التحقيق نحاول أن نعرف أيهما أفضل: الحب قبل الزواج؟ أم الحب الذى يأتى بـ"العِشرة" بعد الزواج؟

د. حسن خولى: قرار الزواج غير العقلانى معرّض للفشل

أمل رضوان: أفضل لأنه يعطى نتائج واقعية

يقول الدكتور حسن خولى، أستاذ علم الاجتماع, إن الزواج القائم على العلاقات العاطفية بعيدا عن العقل معرّض للفشل، ولكن إذا تحدثنا عن الزواج عموما فهو تجربة اجتماعية إنسانية، وبعيدًا عن المشاعر أو العقل فهو معرّض للنجاح أو الفشل فى الحالتين، ففى الزواج لا توجد قاعدة ثابتة، لأنه من الصعب تثبيت قاعدة على كل الأشخاص، بل إن كل فرد له طباعة، هناك شخصية حالمة ورومانسية تبحث عن العاطفة والمشاعر، وهناك شخصية واقعية وعملية تتزوج بعقلها ولا تبحث عن الحب، وهناك مجموعة معايير تحكم نجاح أى علاقة وعلى كل طرف واجبات ومسئوليات للقيام بها أو التشاركية والحوار والاحترام والوفاء والمودة وكلٌ بإمكانه أن يجعل هذا الارتباط ناجحا وقويا.

ويضيف: الحب بعد الزواج والمعروف بـ"حُب العِشرة" أفضل من حب ما قبل الزواج المبنى على الخيال والتوقعات دون دراسة لشخصية الطرف الآخر، فالحب عن طريق العشرة والتعود أعمق من حب العاطفة والخيال، وفى كثير من الأحيان يولد الحب الرومانسى من رحم حب العشرة والتعود، ونحب هذا الشخص لدرجة أن فكرة غيابه تولد القلق، وهذا يشبه طبيعة الحب الموجود بين أفراد الأسرة وبين الأشقاء.

إقرأ أيضاً | في الفلانتين.. حكايات من تجارب زواج ناجحة في «عالم المكفوفين»

من جانبها، تقول أمل رضوان، استشارى العلاقات الأسرية، إن الحب شيء ضرورى فى العلاقات الزوجية عموما، سواء كان الزواج مبنيا على حب ما قبل الزواج أو حب العشرة، وذلك لخلق جيل متسامح ذكى عاطفيا واجتماعيا، وتجربة الزواج لا تقوم إلا على التفاهم والود والتقارب النفسى بين الطرفين، وهو ما ينعكس بشكل طبيعى على الأبناء كما أن حب العشرة أفضل من حب الرومانسيات والخيال والتوقعات لأن الأخير لا يعطى نتائج واقعية.

وتحذر رضوان من أن ينقلب حب العشرة إلى تعود، لأن التعود يخفض استجابة الطرف الآخر، ففى بداية العلاقات نستجيب لشريكنا فى حالة من الإثارة يكون الجسم مشحونا، لأن الإحساس جديد ومثير والتعود هو مفهوم يتم تطبيقه غالبا على الظواهر الإدراكية، والتعود يمكن أن يؤثر فى العلاقة الجديدة بشكل سلبى بحيث يتلاشى بمرور الوقت، إلا أنه ليس بالضرورة أمرا سيئًا، فعادة ما يفسح الشغف الأوّلى الذى يميل إلى بداية العلاقة الطريق لشيء أعمق كحبٍ قوى وأكثر وضوحًا يمتاز بالصدق والدعم والاحترام. لافتة إلى أن الارتباط المبنى على الحب يؤسس لعلاقة ناجحة، وإن خالف التوقعات أحيانًا، أما التقليدى فيحتاج لوقت طويل حتى يستطيع الزوجان الوصول لتفاهمات تجعل هذا الارتباط مستقرًا.

بينما يقول عمرو يسرى، أستاذ علم النفس، إن الحب أساس أى علاقة ناجحة، ولكن ينبغى أن يُبنى على العقل والمشاعر معا، وليس الخيالات فقط، لأن الوقائع هى التى تدل على طبيعة البشر، فمن خلال الوقائع وتحكيم العقل يمكن فهم الشخصيات، والجدير بالذكر أن حب العشرة والتفاهم بين الأشخاص أفضل من الحب ما قبل الزواج وأساس الزواج هو التوافق والتفكير بلا أى ضغط لذا هو الأصلح.

ويضيف: الزواج يحتاج أن يكون الطرفان مؤهلين نفسيا على التشارك فى كل أمور الحياة، سواء كان زواجا تقليديا أو مبنيًا على حب، والحب المبنى على العقل وقراءة الواقع والتوافق بين الطرفين يكون الأنجح، أما الزواج المبنى على العاطفة فقط فنجد فيه الشخص يتوقع من شريك حياته ما لا يجده بسهولة.

وما بين معارض ومؤيد لفكرة حب العشرة، تحدثنا إلى بعض الأشخاص لنعرف آراءهم، ومن بينهم مها أحمد، التى تقول: إن الزواج التقليدى يمكن أن يأتى بعده تفاهم وحب ويمكن أن يكتشف الطرفان وجود اختلافات كبيرة بينهما، بينما الزواج المبنى على الحب الرومانسى لا يفشل فى كل الأحيان، وأنا تقدم لطلب يدى شاب بطريقة زواج الصالونات وطلبت منه أن نأخذ فترة كبيرة للتفاهم ولكى نتعود على بعضنا البعض ويفهم كل طرف الآخر، وذلك بعد فشلى فى الزواج المبنى على قصة حب رومانسي.

أما محمد عيد، فيقول إنه يفكر فى الزواج التقليدي، بعدما فشل زواجه الأول بعد حب دام عدة سنوات، وذلك لأن الحب التقليدى مبنى على العقل والإدراك والتفاهم بين الطرفين، الذى تسبب فى دمار العلاقة وجعل الزواج جحيما هو سماع زوجته لنصائح أهلها وصديقاتها، ولكن الزواج التقليدى يرسم خطوطا من الصعب تجاوزها والعشرة هى التى تكشف معادن الأشخاص، وهذه الحياة هى التى تخلق الحب الحقيقى وتجعل الزواج التقليدى ناجحًا.