حكايات| أخطر قاتل ومغتصب.. ليزا ماكفي الناجية الوحيدة من سفاح فلوريدا

أخطر قاتل ومغتصب
أخطر قاتل ومغتصب

"رُب ضارة نافعة".. مقولة كثيرا ما نرددها، فمواقف الحياة لا تنتهي وما نواجه ليس بالضرورة أن يكون جميعه ما نحلم بتحقيقه، فالتحديات لا مفر منها في كل خطوة نخطوها تجاه ما نسعى لتحقيقه في هذه الحياة، ولذلك نجد أن أفضل ما يقال حينما لا تسير الأمور بالشكل الذي نتوقعه هي تلك المقولة الماسية منا من يهون بها مصاعب الحياة وأخرون يعتمدوها للتشجيع والبعض الآخر يتخذها لانتظار خير قادم نتيجة السعي ومهما اختلفت المواقف والأهداف تبقى المقولة واحدة "رُب ضارة نافعة".

ولكن هذه المقولة لم يتضح جوهرها الرئيسي إلا بقصة الناجية الوحيدة من سفاح فلوريدا ذلك المغتصب القاتل الذي انهى حياة عشرات النساء واغتصب المئات لتكن بداية تغير حياتها للأفضل وتوجيها على الطريق السليم على يد ذلك المغتصب فمن شخصية كانت تسعى لإنهاء حياتها بنفسها إلى واحدة تجاهد من أجل تحقيق العدالة والقبض على أخطر سفاح وكأنها ليست نفس الفتاة تتمكن من إثبات مدى صحة المقولة.

بعد قتل 7 فتيات.. حبس أخطر سفاح بريطاني داخل قفص زجاجي حتى الموت

"ليزا ماكفي" الناجية الوحيدة من مقصلة سفاح فلوريدا "بوبي جو" ومحققة العدالة لعشرات النساء الذين انتهت حياتهم على يد هذا السفاح لم تكن يوما تتخيل أن تكون هذه هي قصة حياتها التي تشبه التصاعد الدرامي لفيلم يحوز على جائزة الأوسكار فما حدث لها من تغير وتقلب في 26 ساعة يمكن وصفه بـ"كأن الدنيا انقلبت رأسا على عقب" فما هي إلا لحظات لتتحول من منتحرة إلى كاشفة لغز أكثر القضايا غموضا في أمريكا.

ولدت "ماكفي" لتجد نفسها وسط عائلة غير صالحة لرعايتها فوالدها غير متواجد ووالدتها مدمنة على المخدرات وأقرت السلطات أنها غير قادرة على رعاية ابنتها لتجد نفسها لا بديل أمامها سوى العيش مع جدتها في منزلها بـ "تامبا" في ولاية "فلوريدا" وتخيلت أنها بذلك ستكون في مأمن فما هو معروف عن الجدة أنها أحن على الحفيد من الأم ولكنها لم تتخيل أن مع كل لحظة في حياتها ستكون النتيجة مزيد من المعاناة.

حيث تعرضت "ماكفي" للاعتداء والتحرش ولمدة 3 سنوات على يد زوج جدتها الذي هددها بالقتل في كل مرة حاولت فيها مصارحة جدتها ولكنها لم تستسلم لتهديده وأخبرت جدتها التي لم تصدقها ولو للحظة واعتبرتها غير متزنة نفسيا لتقرر الفتاة البالغة من العمر 17 عام أن تبدأ مع نفسها صفحة جديدة لا تحتاج فيها لأحد يدعمها لتعمل في محل بيع "دونات" وتنفق على نفسها ودراستها ومع اعتقادها أنها أصبحت مالكة لأمرها جاءت لحظة اليأس التي تملكتها واقنعتها أنه لا بديل عن مفارقة تلك الحياة الرافضة لوجودها.

ففي عام 1984 قررت "ليزا ماكفي" أن تقتل نفسها بعد أن تعرضت للاغتصاب تحت تهديد السلاح من قبل زوج جدتها بحسب موقع " allthatsinteresting" وبعد كتابتها لرسالة وداع الحياة وتوجهت لتنفيذ خطتها اختطفها قاتل متسلسل ومغتصب متمرس ليكون هذا التحول المرعب في قصتها سبب تمسكها بالبقاء على قيد الحياة.

3 نوفمبر من عام 1984 تاريخ تحول حياة "ليزا" الدرامي فما هي إلا 26 ساعة فاصلة بين فتاة بلا هدف يائسة تريد الانتحار إلى محققة ناجحة ومتخصصة في جرائم الجنس لتنضم منها إلى مكتب عمدة مقاطعة "هيلزبره" بعد كشفها لأخطر قاتل في فلوريدا وبدأت قصة الـ 26 ساعة بمحاولة "ليزا" الانتحار ولكن قبل أن تنفذ المحاولة تصادف وجودها في شارع "بوبي" المفضل الذي يختار منه ضحاياه ليقع الاختيار عليها وتحت تهديد السلاح اختطفها سفاح فلوريدا وفي لحظة تحول تقرر "ليزا" تنفيذ كل ما يطلبه منها للبقاء على قيد الحياة التي كانت تريد مفارقتها منذ لحظات.

لم ترى وجه من قام باختطافها فهجومه من الخلف منع محاولة اكتشاف وجهه ورغم صراخها لمحاولة إنقاذها إلا أنها باءت جميعا بالفشل حتى أضطرت لتنفيذ ما يطلبه لتدرك أنها لم تعد تريد الموت ليقوم "بوبي" بتقييدها وعصب عينيها ووضعها عنفا في سيارته لتبحث ليزا على أي شيء من الممكن أن يكون أداة انقاذ حياتها لتكتشف من خلال مساحة رؤية بسيطة مفتوحة أسفل العصابة نوع السيارة " دودج ماجنوم حمراء" لتكون هذه المعلومة أولى ملاحظات القبض على السفاح.

ومع تركيز ليزا في طريق سير السيارة تمكنت من رسم طريق منزله في عقلها لتبدأ معاناة الـ 26 ساعة حيث قام "بوبي" مغتصب 50 سيدة وقاتل 8 آخرين بتعذيبها واغتصابها لتتأكد مع مرور كل لحظة أنها قد تكون لحظاتها الأخيرة في الحياة فمن الخنق والضرب إلى السحل ومحاولة القتل والاغتصاب جميعها مواقف تعرضت لها ليزا على يد "بوبي".

ولكن على طريقة شهرزاد تمكنت "ليزا" من وقف أوامر "بوبي" بقتلها فهو كان صادر الحكم والمنفذ وليس "مسرور" حامل السيف فبعد حكايات عن ظروفها وعن والدها المفتعل ومرضه ورعايتها له وبلا مبرر استيقظت المشاعر الإنسانية لبوبي ويقرر أن يعيدها مكان اختطافها بشرط أن تخبر والدها أنه السبب في عدم قتلها.

لتنفذ ليزا خطة القبض عليه فقامت بوضع بصماتها على أركان متعددة من شقته في "تامبا" في محاولة اثبات وجودها هنا يوما ما وفي طريق الإفراج عنها وعودتها إلى والدها غير الموجود جمعت بعض دلائل طريق العودة مثل توقفه لفترة أمام ماكينة صراف آلي سمعت صوتها والتوقف بعدها في محطة وقود وبعد ذلك أوصلها خلف شركة وأخبرها بالانتظار لمدة 5 دقائق قبل نزع العصابة عن عينيها حتى يتمكن من القيادة بعيدا فلم يكن يعلم أنها تمكنت من جمع كل هذه الدلائل ضده.

وبمجرد أن أصبحت ليزا حرة ذهبت طائرة إلى منزل جدتها مأمنها في الحياة فهي مازالت تحت وصايتها فكل ما تعرضت له ومازالت في عمر الـ 17 ولكن كررت جدتها عدم تصديقها واتهمتها أنها خلقت هذه القصة وأنها كانت مع صديق ما لدرجة أن ليزا عندما أبلغت الشرطة عن اختطافها شهدت جدتها ضدها وكذبت فكرة تعرضها للاختطاف ولكن لحسن حظ ليزا أصرت الشرطة على إجراء تحقيق.

وبمساعدة ما جمعته من دلائل مثل لون السيارة ونوعها وتوقيت وجوده عند الصراف الالي وما وجده الطب الشرعي على ملابسها من ألياف حمراء تعود إلى سجادة ما ومتشابه مع كافة ضحايا السفاح تأكدت الشرطة من صدق ادعاء ليزا وخاصة بعد مقتل فتاتين بنفس أسلوب مقتل الـ 8 الاخرين الذين تم العثور عليهم وفي نفس الطريق التي وصفته ليزا.

ومع تعاون ليزا مع الشرطة كشفت عن سوء معاملة زوج جدتها معها وتم اعتقاله وضيقت الشرطة الخناق على بوبي وبعد تتبع حركاته وتعقب سيارته تمكنت الشرطة من القبض على سفاح فلوريدا بعد 12 يوم من تحرير ليزا ليتم محاكمته بارتكاب جرائم قتل من الدرجة الأولى وحكم عليه بالإعدام لتشهد ليزا ومن الصفوف الأولى على لحظة مقتل خاطفها ومغتصبها "بوبي لونج".

ومعها تغيرت حياتها كليا ولكن هذه المرة نحو الأفضل حيث شغلت مجموعة متنوعة من الوظائف كمتعاونة مع الشرطة وفي عام 2004 سجلت في أكاديمية الشرطة وانضمت لاحقا إلى مكتب عمدة مقاطعة "هيلزبره" نفس الدائرة التي ألقت القبض على خاطفها وبدأت تتخصص في جرائم الجنس لتكون في النهاية "رُب ضارة نافعة".