حكاية الحسناء اليونانية «موسكا».. عاشقة قطط الشوارع بالقاهرة

حكاية الحسناء اليونانية «موسكا».. عاشقة قطط الشوارع بالقاهرة
حكاية الحسناء اليونانية «موسكا».. عاشقة قطط الشوارع بالقاهرة

كانت موسكا صديقة القطط في مصر، حيث كانت تنتظرها أكثر من 30 قطة على النافذة كل يوم، وفي الحديقة الخاصة بمنزلها تتزاحم 20 قطة أخرى عندما تحس بدبيب قدميها على أرض الشارع.

 

تبدأ الظاهرة الغريبة بعد الباب بقليل، حين تقفز 50 قطة من كل لون وجحم ونوع فوق ظهرها وعلى كتفيها ورأسها وذراعيها، ويختفي وجهها وراء كتلة من اللحم المزركش، ويضيع صوتها وسط المواء والخرابيش وتتقدم هي ببطء في طريقها إلى داخل البيت وترفع قدميها في حرص وتضعهما في حذر حتى لاتطا قدميها عى أي منهم.

 

مشهد ظل يتكرر في خمسينيات القرن الماضي عند خروج موسكا في الصباح، ويعرف جيرانها بأنها قد وصلت أو أنها في طريقها للخارج عندئذ تندفع القطط من النوافذ والأشجار وعندما يمتلأ الجو بمواء العشرات وهي تتمسح في قدميها، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة عام 1954.

 

تعود تفاصيل القصة الطريفة إلى وصول الحسناء الإغريقية إحدى فتيات اليونان إلى القاهرة؛ حيث كان عمرها 20 عاما، وكان جمالها مثيرا، وتزاحم حولها عشرات من الشباب يطلبون يدها لكنها كانت تهز رأسها وهي ترفض أياديهم جميعا، وتمد يدها فقط إلى قطتها «بوتسي» التي جاءت بها من اليونان.

 

اقرأ أيضًا| لأول مرة.. 5 حسناوات في قاع المحيط خلال السبعينيات

 

رفضت «موسكا» أن تتزوج ومضت أعوام وهبطت عليها ثروة من السماء عندما مات أحد أقاربها الأغنياء في مصر، وتكررت محاولات الزواج مرة أخرى وتكرر الرفض، وقالت الحسناء إنها تحب بوتسي فقط، وفي أحد الأيام أمرت مخدوميها بأن يقوموا بإعداد وليمة من اللحوم والأسماك وعصائر الطماطم والبرتقال.

 

انتظر الخدم حضور الضيوف، وخرجت هي بسيارتها إلى الطريق، وعادت بعد مدة ومعها 4 قطط من قطط الشوارع، وأمرت بإغلاق النوافذ حتى لا تهرب القطط الخائفة، وعلت وجوه الخدم الدهشة وهم ينظرون إلى القطط الأربع ومعها بوتسي القطة المدللة وهي تندفع إلى المائدة وتحطم الأطباق.

 

بينما جلست هي تبتسم وتتابع القطط الجائعة تتناول اللحوم والأسماك، وبعد انتهاء الطعام أمرت الخدم بفتح الابولي والنوافذ فاندفعت القطط هاربة إلى الشارع مرة أخرى، وأخذ الخدم يجمعون الأطباق المحكمة ويتواصلون النظرات البلهاء، وتكرر المشهد كل يوم، وكان عدد القطط يتضاعف في كل مرة.

 

لم يتحمل الخدم هذا الوضع وتركوا المنزل وأشاعول في كل مكان أن موسكا قد أصابها الجنون، ويتبدل الخدم كل يوم ويتركون العمل أيضا حتى أقاربها وأصدقائها تركوها وحدها لقططها، وأشاروا عليها بأن تشتري قططا سيامية جميلة، وتشرف على تربيتها بدلا من قطط الشوارع المتشردة، وحفاظا على أحوالها التي تطير في الهواء من أجل هوايتها المجنونة.

 

لكن موسكا لم تقتنع واستمرت قي طريقها وامتلأ البيت بأكثر من 200 قطة كانت تقفز فوقها، وتملأ وجهها بالخدوش والخرابيش، وتذهب إلى الطبيب وهي تضحك ليعالجها من الجروح.

 

تناقص المال أمام الهجوم المتزايد من القطط، وتقدم جيرانها بعشرات الشكاوى منها حيث تثير الضجة عندما تدخل أو تخرج أو تقدم الطعام لمئات القطط التي توالت في أركان منزلها، وفوق الدواليب، واحتدمت المعارك بين القطط بينما هي سعيدة بالقطط الجديدة والأمهات، ولم تهتم بالخطر الداهم ومالها يتناقص حيث باعت مجوهرات وذاب شبابها، ومضت السنوات، وانتقلت إلى بيت صغير، وبدأت تبيع الأثاث ونزلت لتعمل وتكسب المال ليس من أجلها لكن لإطعام القطط.

 

ولم ترض أن تغير الطعام الذي تأكله القطط «البولوبيف، والسمك، واللحم المشوي، واللبن للقطط الصغيرة»، ولم تستطع أن تجد عملا بعدما ذوى شبابها، ورضيت أن تعمل طباخة في أحد النوادي، وكانت تقدم أصناف المأكولات الشهية التي كان يصنعها الطباخون بمنزلها، وفي الظهيرة تحمل حقيبتها مملوءة بالطعام وتذهب للقطط، وتعود مرة أخرى بعد الظهيرة إلى عملها وفي المساء تنتظرها عشرات القطط الجائعة استعدادا للعشاء.

 

ظلت موسكا تعمل طباخة لتطعم القطط، وتشتري ثيابا بدلا من التي تمزقها القطط، وفي أحد الأيام نشب حريق بالنادي وواجهت مشكلة إطعام القطط الخمسين التي استقرت دائمة في بيتها غير العشرات من الضيوف التي تأتي لتأكل ثم تذهب إلى الشارع.

 

اشترت موسكا ماكينة خياطة بالتقسيط، وعملت خياطة لعدة شهور حتى أنحنى ظهرها وضعف بصرها، وعدم بقصتها ثري أجنبي يسكن بالزيتون وهو نفس الحي الذي تسكن فيه فاستعان بها في مطابخه، وعند عودتها للمنزل تدخل بهدوء لتوقظ القطط النائمة، وتبقى ساعة كاملة تعد المائدة من سمك السلمون والبولوبيف والتونة، وتقدم للصغار الخبز مغموسا في اللبن، وتستقبلها القطط عند الباب.

 

بينما يقف البعض عند النافذة يترقب حضورها، وحين تطمئن عليهم تبدأ في إفراغ حقيبتها، وإعداد الطعام وينشب الصراع العنيف بين القطط وتتدخل هي لتعد الأطباق في كل ناحية حتى لا يطغى الأقوياء على الصغار، ويرتفع الصراخ، ويطل الجيران من النوافذ يطلبون منها أن توقف هذا الضجيج.

 

وبعد فترة تملكتها حالة من الحزن حيث ماتت قطتها المدللة بوتسي، وقامت بدفنها بعدما أصابها العمى في أيامها الأخيرة، وأخذت تذهب إلى الطبيب البيطري يوميا حيث أحد القطط تشكو من عينيها، وأخرى سقطت فوق المكواة الساخنة، وثالثة كسرت ساقها عندما ادخلتها بين تروس ماكينة الخياطة، وامتلأت الغرفة بزجاجات الدواء والقطن.

 

وفي النهاية تضحك موسكا وهي تشير إلى قططها، وتقول عندي هيئة أمم، وعندي قوس قزح، وقطط سوداء التي تتشائمون منها، والتي يقولون إنها سبب ضياع ثروتي وشبابي بدون زواج، لأن قطتي الأولى بوتسي كانت سوداء لكني لا أصدق هذه الخرافات، فأجدادكم الفراعنة كانوا أول ناس في البشرية اهتموا بالقطط حتى أنهم عبدوها، ووضعوا لها تماثيل ورسموا رأسها فوق المعابد وعلى التوابيت.

 

وتصرخ في جيرانها قائلة: لماذا تكرهون قططي وهي لا تزيد عن 50 قطة الآن وفي إنجلترا كلها 6 ملايين قطة ولها مصانع خاصة لتصنيع غذاءها، ولها محلات خاصة، غير أن انجلترا تنفق من ميزانيتها كل عام  40 مليون جنيه على طعام القطط وحدها، فكيف تصرخون من 50 قطة!؟

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم