تابع العالم أجمع محاولة إنقاذ الطفل المغربى ريان، الذى سقط فى بئرٍ سحيقة، ظل قابعًا بداخلها لمدة خمسة أيام، قبل أن يُخرَج جثمانه هامدًا فى مشهد مبكٍ ومؤثر، ترك فى وجدان الإنسانية جرحًا غائرًا.
لقد بذلت السلطات المغربية أقصى جهودها لإنجاح عملية انتشال هذا الملاك الصغير من غيابة الجُب، لكن القدر - ولا اعتراض - كان قد دوّن كلمته، وأراد له أن يكون أحد عصافير الجنة.
مات ريان.. لكنه أحيا فى نفوسنا أشياء كثيرة.. علَّمنا أن تتآلف قلوبُنا، وأن يتوَّحد دعاؤنا.. وأعطانا درسًا فى أن يحب الإنسان أخاه الإنسان.. لقد ذكَّرنا بكل عصافير الجنة التى رفّت أجنحتُها من قبلِه نحو السماء.. ذكّرنا بالطفل السورى آلان كردى وهو مُلقى على بطنه ميتًا على شواطئ تركيا، بعدما غرق القارب الذى استقله مع أسرته فى طريق الهرب من الحرب السورية إلى اليونان.. ذكّرنا بمحمد الدرة وآلاف الأطفال الفلسطينيين الذين قضوا منذ احتلال بلادهم.. ذكّرنا بآلاف الصغار فى اليمن الذين يموتون أو يتضورون جوعًا جراء الحرب.. وغيرهم الكثير من الأطفال الموجودين فى مناطق الصراعات حول العالم.
إن حكمةً خافية برقت من عتمة هذه الحادثة المأساوية: أن مصيرنا كلنا فى نهاية المطاف حفرةٌ كتلك التى ابتلعت ريان، ولذا يجب أن تتوقف الحروب والنزاعات فى كل مكان، لتعيش شعوب الأرض فى سلام.. وآن الوقت لأن ينهى الكبار صراعاتِهم ويلتفتوا إلى بناء مستقبلٍ جميل وآمن للجميع كأشقاءٍ فى رحاب الإنسانية.
كأن ريان أراد أن يقول إن الكل يعيش فى حفرةٍ.. والحفرة دائمًا يصنعها الكبار، وبالأخير يقع فيها الصغار، فعلى الأقل ارحموا ضعف هؤلاء الصغار الذين لا ذنب لهم وامنحوهم أبسط حقوقهم: الحياة.
وصلت رسالتُك يا ريان... سلامًا إلى روحك الطيبة.