عودة سوريا للجامعة.. فى انتظار الحسم

فى الطريق إلى قمة الجزائر.. ترميم «بيت العرب»

الجامعه العربيه
الجامعه العربيه

قد لا تمر الأشهر القليلة المقبلة وتلتئم من جديد انعقاد القمة العربية المنتظرة فى الجزائر، بعد انقطاع ثلاث سنوات؛ نتيجة أزمة كورونا، آخر القمم شهدتها تونس، فى مارس من عام ٢٠١٩، الدولة المضيفة حريصة على أن تكون قمة تضامن، وقد يكون هذا هو السبب فى ترحيل عقد القمة التى كان من المقرر أن تكون فى الأسبوع الأخير من الشهر المقبل.
الجزائر تسعى إلى حسم قضية عودة سوريا إلى الجامعة العربية، قبل الوصول إلى القمة، عبر مشاورات مكثفة قام بها وزير الخارجية إلى ثلاثة من العواصم العربية «القاهرة والرياض وأبو ظبى»، بالإضافة إلى اتصال مع نظيره القطرى، ناهيك عن الاجتماع التشاورى لوزراء الخارجية العرب فى الكويت، الأسبوع الماضى، حيث اكتشف أن هناك بعض التحفظات على الخطوة، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من التشاور رغم زيادة معدلات التواصل بين مسئولين عرب والحكومة السورية، وآخرها وزير الخارجية العمانى بدر البوسعيدى، الذى زار دمشق والتقى الرئيس بشار الأسد. 
على نفس محاولات حل الأزمات العربية، جاء التحرك الكويتى الذى حمل وزير خارجيتها أحمد ناصر الصباح مبادرة خليجية لتنقية الأجواء مع لبنان، بعد أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحى المسيئة لبعض دول الخليج، ودور حزب الله اللبنانى وسياساته فى توتير العلاقات بين الجانبين. الرد اللبنانى والذى تم التوافق عليه بين رئيسى الجمهورية والوزراء  محل دراسة من العواصم الخليجية، خاصة أنه لم يحسم القضية الأساسية بشكل واضح وحاسم. 
عودة سوريا وتطبيع العلاقات بين دول الخليج ولبنان جزءٌ من الجهد لترميم البيت العربى مع تعدد الأزمات وتنوع المشاكل.

الزيارة الأخيرة، الأسبوع الماضى، التى قام بها وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدى إلى دمشق، الاثنين الماضى، ولقائه مع الرئيس بشار الأسد، خطوة جديدة فى سلسلة من تحركات عربية بدأت منذ سنوات من عدة عواصم عربية باتجاه إنهاء القرار الذى اتخذ فى أكتوبر من عام ٢٠١١، بتجميد عضوية سوريا فى الجامعة والعمل على مشاركتها فى القمة المقبلة فى الجزائر التى لم يتحدد موعدها، وإن كان هناك حرص جزائرى على استضافتها خلال الأشهر المقبلة.

ورغبة عربية فى استئناف أعمالها، نتيجة جائحة كورونا بعد آخر قمة عربية استضافتها تونس فى مارس ٢٠١٩. الوزير العمانى كان واضحًا عندما أشار إلى «وجود جهود تقوم بها العديد من الدول العربية للم الشمل وتصفية الأجواء العربية».


من جهته دعا الرئيس بشار الأسد إلى «مقاربة سياسية عربية جديدة للتعامل مع المتغيرات ووضع أسس لمنهجية العلاقات السياسية وإجراء حوارات عقلانية مبنية على مصالح الشعوب».

 
ولعل تصريحات الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أثناء زيارته للعاصمة الأردنية عمان تُمثل رؤية واضحة لحقيقة الوضع تجاه هذه القضية، عندما أشار - أولًا - إلى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية مرتبطة بتوافق عربى وتجاوب الحكومة السورية مع المواقف العربية المطروحة.

وحتى هذه اللحظة لا يبدو الأمر كذلك، تاركًا - ثانيًا - الباب مفتوحًا أمام مزيد من المشاورات حتى عقد الاجتماع الذى سيعقد فى الأمانة العامة للجامعة الشهر المقبل، وقد يكون على هامش أعمال الدورة العادية لوزراء الخارجية العرب وموعدها، كما جرت العادة فى مارس من كل عام بعد أن كشف عن الاجتماع التشاورى فى الكويت لوزراء الخارجية العرب، الأسبوع الماضى، لم يناقش هذه القضية، ناهيك عن الأمر أيضًا متعلق بموقف الجزائر مستضيفة القمة العربية المقبلة.

والتى كما يبدو من مواقفها الربط بين الانعقاد والتوصل إلى توافق عربى حول العودة، وكان ذلك واضحًا فى مواقف الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون الذى قال: «عندما ننظم قمة عربية لابد أن تكون قمة موحدة ويجب أن تكون سوريا حاضرة».

وأشار وزير الخارجية الجزائرى رمطان العمايرة، بأن سوريا ستكون فى المقام الأول على جدول أعمالها وأن بلاده تتفق مع عدد من الدول العربية فى دعم عودة سوريا إلى الجامعة العربية. 
ولعل الراصد للمواقف العربية من القضية يدرك بالضرورة ارتفاع أعداد الدول المؤيدة لتلك العودة دون أن يكون هناك إجماع عام، وقد كشف وزير الخارجية السورى فيصل المقداد فى تصريحات أخيرة له أن هناك ١٤سفارة عربية مفتوحة فى دمشق، مشيرًا إلى أن العودة للجامعة العربية ليست فى مركز اهتمامات دمشق المهتمة بتحسين العلاقات مع الدول العربية ومنهم الأردن، حيث جرى اتصال بين قيادة البلدين فى أكتوبر الماضى، كما أن الملك عبدالله الثانى يملك رؤية متكاملة لإعادة تأهيل النظام السورى ليس على المستوى العربى فقط، ولكن دوليًا عرضها على الرئيس الأمريكى والروسى خلال زيارته للبلدين، فى صيف العام الماضى.

وهناك تبادل لزيارات على مستوى كبار المسئولين ومنهم وزير الدفاع السورى على أيوب الذى زار العاصمة عمان، فى سبتمبر الماضى، والإمارات أيضًا من الدول المتحمسة لتلك العودة وزار وزير خارجيتها الشيخ عبدالله بن زايد دمشق منذ أسابيع، وهو نفس موقف العراق ولبنان وتونس. 


ويبقى مواقف كل من مصر والسعودية وقطر، ولعل القاهرة والرياض لا تمانعان من حيث المبدأ فى تلك العودة مع ارتباطها بالسعى إلى تسوية سياسية وفقًا لقرارات الأمم المتحدة مع تنشيط تلك العملية لتسهيل تلك القرار وإنهاء العمل بقرارات المقاطعة والعقوبات المفروضة على سوريا خاصة من جانب واشنطن والاتحاد الأوروبى.

وتنفرد الدوحة برفضها وفقًا لما قاله وزير خارجيتها الشيخ عبدالله آل ثانى الذى صرح منذ أيام بأن أسباب منع سوريا من المشاركة فى اجتماعات الجامعة ما زالت قائمة ولم نر أى تقدم أو تطور فى سلوكيات النظام وتعاطيه مع هذه الأسباب هذه إذا خريطة مواقف الدول العربية من هذا قرار عودة سوريا للجامعة العربية.


ولعل الأشهر أو الأسابيع المقبلة كفيلة بحسم هذه القضية مع الوضع فى الاعتبار أن هناك مواقف دولية مؤثرة على الرؤية العربية؛ ومنها استمرار عقوبات قانون قيصر الأمريكى، واشتراط الاتحاد الأوربى بتسوية سياسية وربطها بأى دور فى إعادة تعمير سوريا.

 

اقرا ايضا | قد لا تمر الأشهر القليلة المقبلة وتلتئم من جديد انعقاد القمة العربية المنتظرة فى الجزائر