نائبة على الهامش فى البيت الأبيض .. كامالا هاريس.. «شاهد ما شافش حاجة»

كامالا أثناء الحملة الانتخابية
كامالا أثناء الحملة الانتخابية

خالد حمزة

 كامالا هاريس ، كانت أول امرأة من أصل أسود وجنوب آسيوى، تتولى منصب نائب الرئيس فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت تعمل فى مكان لا يفصلها عن الرئاسة إلا شعرة، لكن عامها الأول فى المنصب لم يكن سهلا، فقد تراجع معدل قبولها الشعبى بصورة ملحوظة، وإذا كانت قد قبلت ترشيح حزبها لها لمنصب نائب الرئيس، معتقدة أنها ستكون الوريثة الأقرب للرئاسة، فذلك الاعتقاد مازال فى علم الغيب، وسط المتربصين من الحزب الجمهورى المعارض، ووسط حزبها الديمقراطى نفسه من شخصيات ترى أنها الأجدر بالكرسى، من امرأة ملونة لا تملك الكثير من الحنكة السياسية، أو فن التعامل مع مرؤوسيها أو الإعلام.

منذ توليها المنصب، كُلفت هاريس بمهمتين، الأولى هى معالجة أسباب الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة من أمريكا الوسطى، وكانت المهمة صعبة للغاية، ولكنها كانت تكرارا لدور لعبه بايدن، عندما كان نائباً لأوباما.

أما المهمة الثانية، فكانت العمل على سن قانون التصويت القومى، فبعد اتهامات ترامب، بتزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أقرت بعض الولايات التى يسيطر عليها الجمهوريون، قوانين تقيد التسهيلات المقدمة للناخبين للإدلاء بأصواتهم، مثل التصويت عن طريق البريد وإتاحة صناديق الاقتراع، وأصبحت مهمة هاريس رعاية الإصلاح على المستوى القومى كله، لكن يبدو أنه مع وجود معارضة جمهورية موحدة وتعنت بعض الديمقراطيين فإن جهودها ستفشل.

وفى أمريكا، يُنظر إلى نواب الرئيس على أنهم ورثة سياسيون للرؤساء الذين يخدمونهم، خاصة عندما يكون الرئيس فى الـ 82 من عمره فى نهاية فترة ولايته الأولى، وهاريس لديها طموحات رئاسية، بعد أن تقدمت بالترشح للمنصب فى 2019، وعندما اختارها بايدن كمرشحة لمنصب نائب الرئيس، تم تقديمها على أنها على رأس الجيل القادم للحزب، مع خلفيتها متعددة الأعراق،  لكن وجودها فى المقدمة جعلها هدفاً للنيران المعادية والصديقة، فالجمهوريون يرون فيها منافسا قويا، لابد من كسره بكل السبل، أما الديمقراطيون فيرى بعضهم أنهم الأحق بالترشح، من امرأة ملونة من أصول غير أمريكية خالصة، كما يرى آخرون داخل الحزب أن أداءها خلال عامها الاول بالبيت الابيض، وعلى بعد خطوات من المكتب البيضاوى لم يكن مبشرا، كما كشف ديمقراطيون أنهم فوجئوا بمستوى النتائج حول اداء نائبة الرئيس، وحجم التغطية الصحفية السالبة عنها.

على أرض الواقع، الأمر ليس ورديا لكامالا، فقد أظهر آخر استطلاع للرأى أجرته صحيفة يو إس توداى، أن نسبة القبول الشعبى لها بلغت 28% فقط، مما يجعلها من أقل نواب الرئيس شعبية فى تاريخ أمريكا، وكانت لدى ما يزيد عن نصف المشاركين فى الاستطلاع، وجهة نظر سلبية تجاهها.

وأظهرت استطلاعات أخرى أن معدل قبولها مماثل لمعدل قبول بايدن، وهو ما يعنى أن الأسباب التى أثرت على معدلات قبول هاريس سلباً، هى ذاتها التى أثرت على معدلات قبول بايدن، وأبرزها تداعيات وباء كورونا والمناخ الاقتصادى، ولأشهر، واجهت كامالا انتقادات واشنطن بأنها تتخبط، لأن أربعة من كبار موظفيها، أعلنوا أنهم سيغادرون مناصبهم، وسط حديث متصاعد عن فوضى داخل إدارتها، وسبق أن استقال عدد كبير من كبار الموظفين فى طاقمها خلال عامها الأول بالمنصب، من بينهم مدير الاتصالات والمتحدث الصحفى، وفجر ذلك تساؤلات أخرى حول كفاءة هاريس الإدارية، والطريقة التى تتعامل بها مع موظفيها.

منتقدوها، يرونها نائبة رئيس غير متزنة أحيانا، تهين الموظفين، وتنهر المخضرمين منهم، الذين نجحوا فى مناصبهم منذ سنوات طويلة، ورددت وسائل إعلام أمريكية كما تقول صحيفة واشنطن بوست، أن بعض موظفيها يريدون العمل فى حملة إعادة انتخاب بايدن، بينما لا يرغب آخرون فى التعامل معها، حال ترشح ديمقراطى آخر للرئاسة، والملفت هنا أن معظم هؤلاء الموظفين الذين غادروها، كانوا ممن ساهموا بشكل كبير فى صنع صورتها وزيادة شعبيتها، لدى الناخب الأمريكى، كما ازدادت أزماتها، بسبب زلات لسانها المتكررة والمحرجة للإدارة الأمريكية فى عدة مناسبات قومية، كما واجهت هجمات منتظمة على وسائل التواصل الاجتماعى، بتعليقات سلبية، ونكات معادية للمرأة، وفوق ذلك فهى لم تتمكن من صياغة موقف سياسى، يمكنها من خلق صورة إيجابية عن نفسها، وعندما سألها مذيع قناة إى بى سى نيوز، عما إذا كانت تشعر بأن إدارة بايدن، لا تستغلها بما يكفى، ضحكت قبل أن تنفى ذلك، ولم يكن تصرفها بهذه الطريقة، سوى انعكاس لأزمة.

ورغم ذلك كله، فهناك جانب إيجابى لهاريس، فمعظم الاستطلاعات تضعها على رأس المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، حتى الآن على الأقل، ويبدو أنها لاتزال تتمتع بثقل داخل حزبها، وبين النساء من الأقليات العرقية، كما أن حلفاء البيت الأبيض، يعتبرون ما يثار حولها، ظلما لنائبة الرئيس، التى دخلت التاريخ كأول امرأة، وأول شخص من غير البيض، تتولى هذا المنصب، وأن ما تتعرض له، مشابه تماما لما تعرضت له هيلارى كلينتون فى انتخابات 2016، أمام دونالد ترامب، من تمييز على أساس الجنس، وأنها لهذا السبب تخضع لحسابات تختلف عن سابقيها من الذكور البيض، ويؤكدون أن الوافدة الجديدة نسبياً إلى واشنطن، كانت مترددة فى إقامة علاقات جيدة مع وسائل الإعلام، وبالتالى فإن الانتقادات الموجهة لها، غالباً ما تكون عنصرية، وهى انتقادات طاردتها كامرأة من أصل أفريقى هندى، فى كل وظيفة قامت بها تولتها من عشرات السنين، كما أنها عندما وصلت لمنصب نائبة الرئيس،أصبحت هدفاً أكبر، لأن كثيرين يرونها الوريثة الشرعية، لأكبر الرؤساء الأمريكيين سنًا.