حسن حافظ
بالتزامن مع اختيار اليونان كضيف شرف المهرجان فى دورته الحالية، احتفت الهيئة العامة لقصور الثقافة بحضور الثقافة اليونانية، التى تعد واحدة من أبرز الحضارات القديمة، والتى أخرجت الكثير من روائع الأدب العالمي، إذ صدر عن الهيئة عدة عناوين فى إطار الاحتفاء بالثقافة اليونانية، كانت فى مقدمة المعروض فى جناح الهيئة بالمعرض، الذى يتميز باستقطاب جماهيرى واسع، لتنوع إصداراته التى تغطى مناحى الثقافة المختلفة من أدب وشعر وتاريخ والدراسات الشعبية، وهى وجبة تقدم بأسعار زهيدة فى متناول جميع القراء.
فى مقدمة الوجبة اليونانية التى تقدمها قصور الثقافة، نجد أهم عمل شعرى ملحمي، ممثلا فى االإلياذةب واالأدويسةب لشاعر الإغريق الأشهر هوميروس، وكتاب امن الأدب التمثيلى اليوناني.. أربع مسرحيات لسوفكليسب، وهي: أليكترا، وإياس، وأنتيجونا، وأوديب ملكًا، ترجمة عميد الأدب العربي، طه حسين، واجمهورية أفلاطونب ترجمة فؤاد زكريا، وافن الحب وعلاجهب لأفيد ترجمة أمين سلامة، وكتاب افجر الفلسفة اليونانية قبل سقراطب للدكتور أحمد فؤاد الأهواني.
كما أصدرت اقصور الثقافةب كتاب االنفسب لأرسطوطاليس، ترجمة أحمد فؤاد الأهواني، وكتاب أرسطو الآخر افى الشعرب ترجمة شكرى محمد عياد، وهما معا من أشهر كتب الفيلسوف اليونانى الأشهر، كذلك طبعت الهيئة الأعمال الكاملة للكاتب المسرحى أرستوفانيس، فى ثلاثة مجلدات، وهى مسرحيات ساخرة تعد من أروع ما قدمت القريحة البشرية فى النقد الساخر من جميع نماذج البشر، لذا شكلت أعماله نقلة فى تاريخ الكتابة المسرحية، كما يجد القارئ مسرحيات الشاعر اليونانى القديم ميناندر، بترجمة أمين سلامة، ويعد ميناندر أحد أشهر كتاب المسرح اليوناني، والذى ساعدت مسرحياته فى الانتقال من الكوميديا القديمة إلى الكوميديا الجديدة، وشكلت أعماله نقلة فى تاريخ الكتابة المسرحية.
ولا تقتصر مشاركة هيئة قصور الثقافة على الكتب الخاصة بالاحتفاء بالثقافة اليونانية، إذ يعد جناح الهيئة أحد أكثر الأجنحة استقبالا للزوار، لما يمتلكه من وجبة متنوعة من الكتب عبر سلاسل الهيئة التى تخاطب جميع القراء، مثل سلاسل االذخائرب المعنية بالتراث، واالهويةب المعنية بكل ما يتعلق بالشخصية المصرية، واذاكرة الكتابةب المختصة بالكتابات التأسيسية لرموز الفكر المصرى فى بدايات القرن العشرين، فضلا عن سلاسل اآفاق عالميةب، واروائع المسرح العالميب، واالدراسات الشعبيةب، واالفلسفةب، وغيرها من السلاسل، وخلال الأيام الأولى من المعــرض حققت الهيئــــة مبيعـــات ضخمــة، وجــــاءت اربـــاعـــــية الإســــكندريـةب وهـى رباعـية روائية للورنس داريـــل، وامساجد مصر وأولياؤها الصالحونب فى خمسة أجزاء من تأليف الدكتورة ســعاد ماهــر، على رأس قـــائمة الأكثر مبيعا فى جناح هيئة قصور الثقافة.
سقوط أسطورة ديليسبس
لا يكتسب معرض القاهرة الدولى للكتاب مكانته الفريدة من كونه معرض الكتب العربية الأول فقط، بل إن أحد جوانب تفوقه وتفرده يكمن فى الاستثمار فى قوى مصر الناعمة والحقيقية، عبر فتح باب الندوات لمفكرين مصريين من مختلف الانتماءات والأطياف الفكرية، ما ينتج عنه حالة من تلاقح الأفكار تكون محل إقبال من زوار المعرض، كأحد أهم فعالياته التى يحرص الجمهور على المشاركة فيها، وقد افتتحت قاعة المكتبة الأدبية أولى فعالياتها بمناقشة كتاب ديليسبس.. الأسطورة الكاذبة، تأليف محمد الشافعى، الكاتب الصحفى، والصادر عن الهيئة العامة للكتاب، والذى يحلل من خلالها الشافعى أكذوبة ديليسبس، وذلك فى حضرة عدد من المؤرخين الأكاديميين الذين شاركوا فى الندوة.
الشافعى قال فى الندوة، إن الكتاب يعد استكمالا لمجموعة من كتبه عن المقاومة الشعبية فى إقليم القناة، إذ سبق وأن أصدر كتاب قناة السويس.. ملحمة شعب وتاريخ أمة، وكتاب احكاوى القناة.. أنشودة العرق والدماءب، وأكد أن البحث عن حقيقة ديليسبس أدى به للاطلاع على الكثير من الوثائق الأصلية والمصادر المعتبرة، ليصل إلى حقيقة أنه كان أفاكا، ولم يكن مهندسا يوما، إذ درس الحقوق فقط، وفشل فى العمل بالسلك الدبلوماسى، وأنه سرق فكرة قناة السويس من المهندس ديفيلى الذى كان من ضمن علماء الحملة الفرنسية التى غزت مصر العام 1897م، لافتا إلى أن ديليسبس مجرد لص، إذ يمنع تكريم اسمه فى فرنسا، لأنه مات وهو متهم فى قضية نصب.
بدوره، قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، خلال كلمته بالندوة: إن الكتاب الجديد اعتمد على مصادر موثوقة تؤكد بشكل دامغ حقيقة أن ديليسبس سرق فكرة حفر القناة، لافتا إلى أن هناك ظاهرة فى مصر وهى تمجيد من وصفهم بـ جلادينا وتمجيد الأعداء عبر إطلاق أسماء شوارع على محتلين احتلوا مصر، وحذر من محاولات البعض تشويه الصورة الذهنية للشعب المصرى.
من جهته، أكد الدكتور طارق منصور، أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة عين شمس، أن جريمة ديليسبس الرئيسية هى تحويل مشروع ربط البحرين المتوسط والأحمر، إلى أداة لبدء مشروع احتلال مصر، وتمهيد الطريق للتدخل الأوروبى، وهى الجريمة التى لم تخرج منها مصر إلا عبر تأميم قناة السويس على يد جمال عبدالناصر 1956م، لافتا إلى أن فكرة ربط البحرين لم تكن جديدة ولم تكن من اختراع ديليسبس كما حاول أن يوحى، فالمشروع موجود منذ العصور المصرية القديمة، والذى تم تنفيذه فعليا بربط نهر النيل بالبحر الأحمر فى العصر الرومانى ثم العصر الإسلامى.