الصراع الأبدي بين المنتجين والمستهلكين.. والنزاع الجيوسياسي بين أمريكا وروسيا يصعدان بأسعار البترول لمعدلات غير مسبوقة

المهندس مدحت يوسف
المهندس مدحت يوسف

الخبراء: توفير بدائل البترول والانتقال إليها ينهي توحش اسعار البترول ويقود سوق الطاقة للاستقرار 
 

حالة من الجنون أصابت أسعار البترول العالمية خلال الربع الأخير من العام الماضي ٢٠٢١، نتيجة التوترات التى طغت على سوق النفط العالمى، والتى سحبت معها سعر برميل البترول للوصول إلى أرقام قياسية ليلامس ٩٠ دولار للبرميل أمس الجمعة، نتيجة الصراعات السياسية وحروب الطاقة التى تعاني منها مختلف دول العالم، خاصة فى ظل جائحة كورونا ، وحالة الطقس الغير مستقر فى كافة أنحاء العالم، وبالأخص التوترات الجيوسياسية بسب التهديدات الروسية على الحدود و الأوكرانية، وتبادل المناوشات بين موسكو وواشنطن، الأمر الذى كان له بالغ الأثر على المعاناة التى تعانى منها اروبا فى حربها لتوفير الطاقة لمواطنيها، وكذلك عدم وضوح الرؤية لمنظمة الدول المنتجة والمصدر للبترول أوبك،  وعلى الجانب الآخر منظمة أوبك بلس ، بالحرب على توفير مصادر الطاقة خاصة البترول طال معظم دول العالم، الأمر الذى أدى إلى تحريك الأسعار للمنتجات البترول من بنزين وسولار وبوتاجاز ووقود الطائرات.. وغيرها من منتجات بالارتفاع اكثر من مرة خلال النصف الأخير من عام ٢٠٢١.
وأكد الخبراء أن اسعار البترول حققت اطول فترة مكاسب أسبوعية خلال الأسبوع الماضى منذ أكتوبر الماضى ، تزامنا مع انتشار موجة الطقس البارد فى معظم الولايات الأمريكية،  الأمر الذى سيؤدى إلى تهديد وتعطيل إمدادات البترول بشكل كبير، كما أكد المحللون ان تعافى الطلب  يفوق العرض، حيث تتعرض اسواق البترول بشكل متزايد لانقطاع الامدادات، فضلا عن التوترات الجيوسياسية فى اروبا الشرقية، والشرق الاوسط عززت مكاسب البترول الحادة التى دفعت العقود الاجلة لخام برنت وغرب تكساس للارتفاع بنحو ١٨ % و٢١% على التوالى هذا العام.
كما يتوقع الخبراء أن تتجة الأسعار تحت ١٠٠ دولار للبرميل كما يتوقعون أيضا أن يتحول سوق البترول إلى فائض فى اقرب وقت ممكن فى الربع القادم مما يساعد على كبح جماح الارتفاع الأخير. 
كما أشار الخبراء إلى أن تأثير سعر الدولار الجنيه المصرى لم يكن له التأثير على ارتفاع أسعار البترول لاستقرار سعر الدولار امام الجنيه.
وجاء قرار لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائى للمنتجات البترولية بشكل ربع سنوى فى اجتماعها المنعقد عقب انتهاء شهر ديسمبر الماضى التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة فى السوق المحلى وذلك للربع يناير / مارس 2022 حيث تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتباراً من الساعة التاسعة صباحاً من امس الجمعة كالآتى 7.25 جنيه للتر بنزين 80 و 8.50 جنيه للتر البنزين 92 و 9.50 جنيه للتر بنزين 95 وتثبيت سعر السولار عند 6.75 جنيه للتر.
ولجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء هى المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بيع بعض المنتجات البترولية بشكل ربع سنوي فى اجتماعها الأخير وذلك تأكيداً لمبدأ الشفافيه و المصداقية من اللجنه تجاه المواطنين.
ويأتي قرار اللجنة الاخير انطلاقًا من التزامها بما تم الإعلان عنه فى يوليو 2019 بتطبيق آلية التسعير التلقائي على بعض المنتجات البترولية كما هو متبع في العديد من دول العالم، حيث  تستهدف الآلية تعديل أسعار بيع بعض المنتجات البترولية فى السوق المحلية ارتفاعًا وانخفاضًا كل ربع سنة، وفقًا للتطور الذي يحدث لأهم عاملين مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية فى السوق المحلية وهما: السعر العالمي لبرميل خام برنت، وتغير سعر الدولار أمام الجنيه  بخلاف الأعباء و التكاليف الأخري الثابتة والتى يتم تعديلها كل عام بالتزامن مع اعتماد ميزانية الهيئة العامة المصرية للبترول للعام المالي السابق من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات. 
وتوكد لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية بان توصياتها وقراراتها تهدف الى تعزيز المصداقية والالتزام بما تم الاعلان عنه مسبقا للشعب المصرى العظيم وهو ما يضيف الى رصيد المصداقية والشفافية التى تنتهجها مؤسسات الدولة فى عملها اليومى الرامى لخدمة المواطنين.
 كما أوضحت اللجنة فى تقريرها على استمرارها فى المتابعة الدقيقة لتطورات أسعار البترول العالمية، وسعر الصرف السائد بالسوق المحلية، والتزامها بتطبيق آلية التسعير التلقائي وفقًا للمحددات المقررة، ومع مراعاة تجنب حدوث أية تشوهات فى تسعير المنتجات البترولية بالسوق المحلية قد تؤدى إلى خلل فى المنظومة السعرية للمنتجات البترولية. 
 وأن الهدف الاساسي للجنة لتطبيق التسعير التلقائي هو إيجاد آلية واضحة تُوفر رؤية مستقبلية للجميع: أفرادًا، وشركات ومؤسسات، حول اتجاه أسعار المنتجات البترولية بالسوق المحلية، وفقاً لما هو معمول به في معظم دول العالم حيث أن مصر تبنت العمل بهذه الآلية تحقيقا للعدالة الاجتماعية.
 كما ان الآلية توفر قدر من المرونة والقدرة على تمكين مؤسسات الدولة على تقديم أفضل خدمة للمواطنين.
وقد شهد سعر البترول ارتفاعا كبيرا خلال الأسبوعين الماضيين الذى لامس ٩٠ دولار، وزيادة مؤشرا سعر البترول الخام فى الأسواق العالمية، الخامان القياسيان نتيجة التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأمريكا،  واستمرار جائحة كورونا وزوجة الطقس البارد التى تضرب الكثير من دول العالم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. 
وقد استعـرضت اللجنة متوسطات أسعار خام برنـت فى السوق العالمى وسعر الصـرف خلال الربع الرابع من العام ٢٠٢١
وتعتبر تلك المتوسطات أهم مؤثرين ومحددين لتكلفة اتاحة وبيع المنتجات البترولية فى السوق المحلية بخلاف الأعباء والتكاليف الأخري.
وحول ارتفاع أسعار البترول العالمية يقول الخبير البترولى المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول سابقا ان قرار منظمة أوبك وحلفاؤها (أوبك بلس) مؤخرا برفع سقف انتاج النفط بمقدار ٤٠٠ الف برميل يوميا اعتبارا من شهر فبراير ٢٠٢٢ ليضع حدا ولو قليل من الاستياء السائد من معظم دول العالم من نقص المعروض من النفط والذي ادي الي صعود مستمر لأسعار النفط عالميا ليصل يوم ٥ يناير الي ٨١,٢٩ دولار للبرميل من خام برنت القياسي
واضاف يوسف ان دول أوبك بلس واجهت تحديا خلال الفترة السابقة تمثل في لجوء الدول العظمي للإفراج عن كميات كبيرة من مخزونها الاحتياطي وبالفعل تفاعلت امريكا وانجلترا والهند واليابان وكوريا والصين بصورة عاجلة وجاءت كميات الخام المفرج عنها ٥٠ مليون برميل من جانب امريكا فقط …إلا أن تلك المبادرات لم تؤتي الهدف منها فبعد هزة سعرية للنفط عاود النفط ارتفاعه مرة اخري كنوع من ثبوت السيطرة علي مجريات السوق من جانب أوبك بلس، كما أن المساس بالاحتياطي من النفط مخاطرة جسيمة للدول العظمي له تبعاته الخطرة ولم يكن الهدف الاستراتيجي من تكوين مخزونات النفط اللجوء لها للسيطرة علي أسعار السوق .
قرار أوبك بلس الاخير يمثل نوع من كسر الحملات الإعلامية التي تنادي باعتبار قرارات أوبك بلس بتخفيض سقف الإنتاج هو احتكار لسلعة استراتيجية تتعلق بها الحياة العامة …كما أن قرار أوبك بلس الاخير يهدف في المقام الأول للوصول إلي أسعار عادلة تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين للنفط .
إلا أن فإن الأمر لن يخرج عن وصول أسعار النفط عالميا لمستويات سعرية مقبولة لدي دول المنظمة التي حققت إنجازات كبيرة بعد عودة أسعار النفط لما يفوق اسعارها قبل ابريل ٢٠٢٠ والتي انهارت خلالها أسعار النفط لمستويات سعرية بالسلب في البورصات العالمية.
وبالتالي فإن أسعار النفط بعد تنفيذ القرار ستترواح ما بين ٧٥- ٨٠ دولار وهي الاسعار المقبولة لدي دول المنظمة وحلفاؤهم.
وأكد يوسف ان الصراع الأبدي بين منتجي ومستهلكي البترول سيستمر لحين الإنتقال الي بدائل البترول شريطة تحقيق المعادلة الصعبة والمتمثلة في المقارنة السعرية مع بين تكلفة بدائل النفط والمشتقات النفطية مع انحسار اسعار النفط لتتغلب علي تكلفة البدائل لاستمرار الاعتماد علي النفط لأبعد مدي وهذا يمثل التحدي الصعب لمنتجي النفط في المستقبل