فنجان قهوة

أصله ماعداش على مصر

يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى

 أنا أُصدق أن الفنانة شادية قالت لبليغ حمدى وهى تسمع منه أغنية ياحبيبتى يامصر على العود لأول مرة فى بيتها فى الجيزة ( الغنوة دى يابليغ هتفضل عايشة حتى بعد مانموت ) ! كان الشاعر محمد حمزة يجلس بينهما يشعل سيجارة عاشرة وقد إنتهى من كتابة كوبليه جميل وصف فيه مشاعر غاية فى الصدق ( ولا شاف النيل فى أحضان الشجر .. ولا سمع مواويل فى ليالى القمر .. أصله معداش على مصر ) .


هل تصدق أن هذه الأغنية عمرها ٥٢ سنة ، وأن شادية بكت وهى تغنيها لأول مرة على المسرح ، وأن سنة ١٩٧٠ التى ولدت فيها هذه الأغنية كانت من أصعب السنوات على مصر بعد مرور ثلاث سنوات على نكسة ١٩٦٧ ، مع ذلك استطاع حمزة وبليغ صناعة أغنية وطنية مُلهمة لشعب يمر بهزيمة وأيام بلا أمل !


بعد ثلاث سنوات أخرى تحولت ( ياحبيبتى يامصر ) إلى أيقونة نصر فى ١٩٧٣ ، وكان مقطع منها يجعل القلب يرتجف وشادية الرقيقة تُغنى بحماس طفل ( ماشافش الرجال .. السُمر الشداد .. فوق كل المحن .. ولا شاف العناد .. فى عيون الولاد .. وتحدى الزمن ) .


يقول الأستاذ جمال الغيطانى أن الجنود على جبهة القتال كانت هذه الأغنية التى تبثها الإذاعة المصرية تبدو مثل رسائل مشفرة تحثهم على النصر ) .
بعد ٥٢ عاما تشتعل البيوت بعد الفوز فى مباريات كرة القدم بنفس الأغنية ، يغنيها الكبير والصغير فى قوة وفخر .


فجر أمس كانت ياحبيبتى يامصر هى نشيد المصريين فى البيوت والمقاهى والشوارع بعد الفوز على الكاميرون ، حماس بلا حدود ، ليس فقط للفوز وهو انتصار جميل على اليأس والفشل ، لكن لأننا فعلا نحب مصر حبا من القلب ، نحب الأرض والعلم والتاريخ والاسم ، نحن شعب عاشق لبلده إلى حد السماء ، نستخدم أغنية ياحبيبتى يامصر عنوانا لما نريد أن نقوله لأنفسنا ولأعدائنا ، هذه بلدنا الكبيرة العظيمة التى نتمسك بالخوف عليها والحب الكبير لها .


ياحبيبتى يامصر أغنية فريدة لأنها أغنية حب وليست أغنية حرب ، أغنية نصر وليست أغنية إنتظار للنصر ، أغنية فى وصف نبضات قلوبنا ليست أغنية مغشوشة !


 يا بلادى ياأحلى البلاد يابلادى ، بسيطة لكنها مثل زهرة نبتت فى كف يد كل مصرى . شكرا لمن صنعوا لنا أغنية عابرة للزمن مُعبرة فى كل زمان .
دائما منتصرة يابلدى .