مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

خريطة توضح الحدود البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان
خريطة توضح الحدود البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان

زار  اسرائيل المبعوث الأمريكى اليوم لرعاية مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. قبلها بشهر كان فى زيارة مماثلة للبنان من الواضح أن الزيارتين أسفرتا عن إعلان الجانبين استعدادهما لاستئناف المفاوضات.

يبدو أن المبعوث الأمريكى عاموس هوكستين الذى عينه الرئيس چو بايدن لإدارة المفاوضات يأتى هذه المرة مصوبًا العين الحمراء لإثبات الجدية، ومحملًا بحزمة من الإنذارات، حسبما نقله مسئولون إسرائيليون عنه.

المبعوث الأمريكى يعتمد الدبلوماسية المكوكية ولا يرغب فى إجراء مباحثات مشتركة كما كان الحال فى الجولات السابقة المتعثرة التى جرت فى قاعدة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالناقورة فى لبنان، بدلًا من ذلك سيقوم بنفسه بإجراء المناقشات ونقل الاقتراحات من جانب لآخر. وصرح بأنه يأمل أن يقدم الجانبان تنازلات لتيسير التفاوض. وفى نوفمبر الماضى وجَّه ما يشبه الإنذار للجانبين، بأنهما إن لم يتوصلا إلى حل وسط فسينهى مهمته وكأنه يرفع غطاء الرعاية الأمريكية عن هذه المفاوضات. واقترح على الإسرائيليين موعدًا بضرورة إنهاء المسألة قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية فى مارس 2022. 


مع ذلك لا يبدو أن ذلك النشاط المفاجئ والاستجابة السريعة من الجانبين يمكن أن يفضيا إلى انفراجة حقيقية، لا سيما أنه لم يصدر عن أى من الجانبين اللبنانى أو الإسرائيلى ما يمكن اعتباره بادرة حسن نية، بالتالى فإن مجرد الاستعداد لاستئناف المفاوضات دون مستجد معتبر يمكن أن يثير التساؤل عن أى نوع من التنازلات يمكن أن يطلبها الوسيط الأمريكى (إسرائيلى المولد) من كلا الجانبين اللبنانى والإسرائيلى، وعن طبيعة التنازلات التى يمكن أن يقدمها كل طرف.
تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين الجانبين، إسرائيل ولبنان، وهما من الناحية الفنية فى حالة حرب. يتنازع الجانبان على حوالى 860 كيلومترًا مربعًا (330 ميلًا مربعًا) من البحر الأبيض المتوسط تقع داخل مناطقهما الاقتصادية الخالصة.

 من جانبها إسرائيل لم تكن أبدًا فى عجالة من أمر ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وتقف عاقدة ذراعيها انتظارًا لما يسفر عنه الوضعان الإقليمى والداخلى اللبنانى من ضغوط على بيروت. لكن التوصل إلى اتفاق فى النهاية يمنحها شرعية وحرية العمل فى التنقيب عن الغاز والأهم أن هذا الاتفاق قد يمثل من وجهة نظرها خطوة نحو تعاون محتمل مع لبنان ونافذة لتليين العلاقات وتوجيهها نحو المصالحة والتطبيع. العائق الوحيد فى هذا الصدد هو حزب الله الذى أعلن زعيمه حسن نصر الله أنه بينما سيترك الأمر للحكومة اللبنانية للتفاوض على إنهاء النزاع، فإن مجموعته لن تتسامح مع عمليات التفتيش الإسرائيلية فى منطقة النزاع.
وقال: «تخطئ إسرائيل إذا اعتقدت أنها تستطيع انتزاع هذه الموارد من المنطقة المتنازع عليها قبل اكتمال المفاوضات». مضيفًا أن «المقاومة قادرة على التصرف وستفعل ذلك ضد أى أعمال إسرائيلية فى المنطقة المتنازع عليها».
أما لبنان فبعد أن غرق فى أزمته الاقتصادية والمالية منذ أواخر عام 2019 يبدو أكثر حرصًا على سرعة حل نزاعه الحدودى مع إسرائيل، مما يمهد الطريق لصفقات نفط وغاز مربحة محتملة، لكن على الرغم من الوضع الاقتصادى الضاغط فى لبنان فلن يجرؤ زعيم سياسى فى بيروت على تقديم تنازلات تعرّضه للاتهام بالتفريط فى الحقوق والثروات. من هنا لا يبدو أن فارق السرعة وحده بين الجانبين يمكن أن يؤدى إلى صفقة مضمونة.