«استودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب وشعبه الطيب» بهذه الكلمات الممزوجة بالدموع أعلن سعد الحريرى، رئيس الحكومة اللبنانية السابق والزعيم السنى الأبرز فى لبنان، تعليق نشاطه فى الحياة السياسية وعدم خوض الانتخابات النيابية المقبلة والتفرغ لعمله التجارى، وتضمن خطاب الوداع تبريرا من الحريرى لقراره أن» لا مجال لأى فرصة إيجابية للبنان فى ظل النفوذ الايرانى والتخبط الدولى والانقسام الوطنى، ودعا الحريرى عائلته من «تيار المستقبل» إلى اتخاذ نفس الخطوة، مما فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول مستقبل لبنان بعد غياب الحريرى.
قرار الحريرى نابع من توتر بينه وبين القيادة السعودية، فالسعوديون كانوا الداعمين السياسيين لعائلة الحريرى إلى أن انهار الوضع تماما بعد احتجاز الحريرى فى المملكة عام ٢٠١٧، ومنذ ذلك الحين برزت مؤشرات عبرت عن استياء الرياض من الحريرى وتحديدا من عدم مواجهته لحزب الله واستعداده للتوصل لصيغة تعايش معه.. وفى نفس السياق، زار وزير الخارجية الكويتى بيروت منذ أيام حاملا سلة من الشروط، على لبنان تلبيتها لإعادة العلاقات مع الدول الخليجية لطبيعتها، وهذه الشروط هى أشبه بالإنذار الأخير لأن من شبه المستحيل أن تنجح الطبقة السياسية فى إقناع حزب الله بالتقيد بها، وإن دلت هذه الزيارة على شىء فهو أن دول الخليج تنحاز مرة أخرى للموقف السعودى المتشدد تجاه لبنان، و يشير إلى أن لبنان مقبلة على عزلة عربية أكبر فيما تزال عالقة بين السعودية و إيران خاصة ان الدولة اللبنانية عاجزة عن مواجهة حزب الله.
وعبر سياسيون عن حزنهم من قرار الحريرى اعتزال الحياة السياسية، وقال نجيب ميقاتى، رئيس الحكومة «صفحة حزينة للوطن ولى شخصياً، ولكننى أتفهم الظروف المؤلمة التى يعيشها والمرارة التى يشعر بها»، كما اعتبر وليد جنبلاط، رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» أن «قرار الحريرى، يعنى إطلاق يد حزب الله والإيرانيين، وهو قرار محزن جداً، ونفقد به ركيزة للاستقلال والاعتدال».
ويرى مراقبون أن قرار الحريرى يمكن أن يحدث فراغا فى القيادة السياسية السنية خاصة إذا تبنى سياسيون سنة آخرون نفس القرار، و هو ما يضع حزب الله فى مأزق ولن يتمكن من تحقيق المصالح الإيرانية لعدم وجود شريك سنى فى الحكم، فكيف له أن يحكم دون غطاء سنى؟ وهو ما ينذر بتأجيل الانتخابات.
