ليبيا.. العودة إلى «المربع الأول»

■ جانب من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبى
■ جانب من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبى

حتى كتابة هذه السطور، ما زالت السماء الليبية ملبدة بالغيوم، ولم تسطع شمس الاستقرار والأمن والأمان على ربوع الأراضى الليبية، وما زال شعب شيخ المجاهدين عمر المختار لم يحصل على حريته المسلوبة منه منذ أكثر من 11 عاما، وما زال الفرقاء السياسيون فى ليبيا يراهنون على استمرار الأوضاع كما هى طالما يدعم ذلك مصالحهم ويدعم وجودهم على كراسى الحكم.. وفى النهاية فالخاسر هو الشعب الليبى الذى يدفع فاتورة مصالح النخبة ورغبات دول اجنبية لا تريد الاستقرار لهذا البلد الذى انهكته مسارات الاحتراب العسكرى والسياسى لسنوات عجاف.


فشلت جميع الحلول لعقد انتخابات رئاسية أو برلمانية تعطى بريق أمل نحو الاستقرار.. تقدم مهلة حتى لو مؤقتة لحالة الصراع والتناحر بين أبناء الشعب الواحد.. تراجعت الآمال وعادت اصوات البارود تعلو سماء ليبيا لتزيد من أوجاع الشعب الليبى، فالانتخابات التى حلم بها لتقوده الى صناديق الاقتراع ليعبر من خلالها عن حريته تأجلت لأسباب سياسية ليس له فيها ناقة ولا جمل واصبحت سرابا بعيد المنال.. فبعد 24 ديسمبر الماضى وتأجيل اول انتخابات فى تاريخ ليبيا، تعلق الشعب الليبيى بأقوال الساسة الليبيين على عقدها خلال 30 يوما اى نهاية يناير 2022 ودعم ذلك رئيس الهيئة العليا للانتخابات الليبية لكن تبخرت تلك الآمال ولم تجر الانتخابات، ثم قرر مجلس النواب الليبى طرح مبادرة جديدة مفادها وضع خارطة طريق جديدة للانتخابات بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات ومجلس القضاء الأعلى ووزارة الداخلية من خلال لجنة مكونة من 30 مثقفا وكاتبا واكاديميا من رجال القانون الدستورى يمثلون الأقاليم الليبية الثلاثة التاريخية برقة وطرابلس وفزان وأكد مجلس النواب الليبى ان الدستور الحالى لم يعد مقبولا من الليبيين، مضيفا ان ليبيا فى حاجة إلى دستور توافقى حديث يلبى رغبات الليبيين كافة ويكون قادرا على تأسيس دولة ديمقراطية.
طرح المجلس الليبى الذى يقود إلى تأجيل غير مسمى لعقد الانتخابات الليبية سواء كانت رئاسية او برلمانية دعمه تصريحات عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية الذى أشار إلى ان المفوضية تحتاج من 6 إلى 8 أشهر على اقل تقدير لاستكمال إجراءات العملية الانتخابية مشيرا إلى انه تلقى تهديدات من تشكيلات مسلحة من محاولة إعلان القائمة النهائية لمرشحى الرئاسة فى الانتخابات التى كان مزمع عقدها ديسمبر الماضى.


وما زاد الأمرغموضا حول مصير عقد الانتخابات الليبية ما طرحه سيف الإسلام القذافى من مبادرة جديدة لحل الأزمة الليبية والذى طالب بإرجاء الانتخابات الرئاسية على ان تعقد الانتخابات البرلمانية لإنقاذ ما تبقى من خارطة الطريق واحترام إرادة 2.5 مليون ناخب ليبى ، وأشار سيف الإسلام القذافى فى مبادرته التى أعلن عنها محاميه خالد الزائدى أن عقد الانتخابات البرلمانية فى موعد محدد سيجنب البلاد احتمالات الحرب والانقسام، وتقطع الطريق أمام كل المبررات لمرحلة انتقالية جديدة،.


فى الجانب الآخر يبقى مجلس الدولة بقيادة خالد المشرى الذى يرفض اى مقترحات صادرة من مجلس النواب الليبى الذى يناصبه العداء، وكما هو الحال مع اى مبادرات لسيف الاسلام القذافى الذى يعتبره امتدادا لنظام والده الراحل معمر القذافى، وهكذا يستمرالصراع إلى أجل غير مسمى ولا تظهر بوادر لحل الأزمة الليبية إلا فى الوقت الذى يصل فيه الجميع الى إرادة سياسية واحدة تقود الجميع إلى التكاتف والتعاون على إنهاء حالة الانقسام والاحتراب السياسى التى ربما اذا استمرت على تلك الوتيرة ستعود بالبلاد الى المربع صفر.