محمد حفظي .. الصعود إلى قمة السينما و«التريند»

محمد حفظي
محمد حفظي

محمد كمال

«جعلوني منتجا»، كان هذا العنوان الرئيسي للحوار الذي أجرته «أخبار النجوم» مع محمد حفظي عام 2009، بعد فترة من اتجاهه للدخول في إنتاج الأفلام، وبعد أن كانت بداية ظهوره كسيناريست، ملخص ما قاله حفظي وقتها أنه اتخذ خطوة الإنتاج لحماية أعماله، وحتى يكون المتحكم الرئيسي فيها، سواء على مستوى عدم إجراء تعديلات على الورق، بالإضافة لتحديد الميزانيات والتدخل بشكل فعال في مسألة توقيت طرح الأفلام، وعندما بدأ حفظي الإنتاج كان صراع الموزعون على أشده بين «الشركة العربية» من ناحية، و«المجموعة الثلاثية» من ناحية أخرى، ذلك الصراع الذي تأثر به كل المنتجين ومن بينهم حفظي الذي كان في خطواته الإنتاجية الأولى .

ظلمت مشاريعه الأولى توزيعيا لكنه رضخ ونجح في التعامل مع معطيات السوق وقتها، وبمرور الوقت أصبح حفظي هو الـ«نمبر وان»، ليس على مستوى الإنتاج فحسب، بل أيضا على مستوى الصناعة بشكل عام، بمسيرة سينمائية شهدت عدة نقلات، بدأت بالكتابة وبلغت أنه أصبح أحد المتحكمين في الصناعة، بل وعلى قمة «التريند»، حيث تلاحق أعماله العديد من الأزمات، وتحديدا في الأعوام الأخيرة، والتي كان آخرها فيلم «أصحاب ولا أعز».

بدأ حفظي مسيرته في السينما من خلال بوابة المخرج طارق العريان الذي قدمه ككاتب للسيناريو والحوار لفيلم «السلم والثعبان» الذي كان من قصة العريان وذلك عام 2001، وتزامن هذا الفيلم مع وجود فيلم «سهر الليالي» الذي ألفه تامر حبيب، وأيقن الجميع وقتها أن السينما مقبلة على ثنائي جديد يحمل موهبة حقيقية في مجال الكتابة، ثم كرر حفظي التعاون مع العريان من خلال فيلم «تيتو» عام 2004، وبعدها بعام كتب حفظي السيناريو والحوار لفيلم «ملاكي إسكندرية» الذي كتب قصته وائل عبدالله، وفي نفس العام قدم حفظي «فتح عينيك» مع المخرج عثمان أبو لبن، ويبدو أنها التجربة الأولى التي جعلت حفظي يفكر جديا في مسألة الإتجاه للإنتاج بعد التعديلات والتدخلات الكثيرة التي حدثت وقتها، وفي عام 2007 قدم حفظي فيلمين، الأول «التوربيني» مع المخرج أحمد مدحت، والثاني - الذي كتب له السيناريو والحوار - كان «45 يوم» من تأليف وإخراج أحمد يسري، وأيضاً فيلم «آخر كلام» مع المخرج أكرم فريد.

في 2008 قدم حفظي أول فيلم من إنتاجه وحمل إسم «ورقة شفرة» الذي قدم من خلاله الثلاثي الشهير أحمد فهمي وهشام ماجد وشيكو، بعد نجاحهم من خلال حلقات «رجال لا تعرف المستحيل»، ومن بعده مسلسل «أفيش وتشبيه» الذي ساعدهم حفظي في تمويله وقتها، وفي نفس العام أنتج حفظي فيلم «زي النهاردة» الذي قدم من خلاله تلميذه النجيب المخرج والمؤلف عمرو سلامة، ثم في 2009 قدم فيلم «العالمي» للمخرج أحمد مدحت، وفي 2010 أنتج أهم فيلم في مسيرة الثلاثي فهمي وماجد وشيكو وهو «سمير وشهير وبهير»، والذي قدم خلاله أيضا المخرج معتز التوني في تجربته الأولى.

بعد ثورة يناير 2011 تغييرت بوصلة حفظي الإنتاجية، حيث أصبح من أوائل صناع السينما الداعمين للسينما المستقلة، ولم يكن يعلم الجميع وقتها أن هذا الانحراف البسيط سيكون المفتاح السحري لحفظي ليصبح أحد المسيطرين على الصناعة في المستقبل، وكانت البداية مع «ميكروفون»، ذلك الفيلم الذي يعد وقتها من أكثر الأفلام المصرية مشاركة في المهرجانات الدولية، وقدم حفظي من خلاله المخرج أحمد عبدالله، وفي نفس العام ومع حالة الحراك السياسي شارك حفظي في إنتاج فيلمين عن الثورة، الأول «18 يوم»، والثاني «الطيب والشرس والسياسي»، وفي ديسمبر من نفس العام، طرح تجربته الثانية مع المخرج عمرو سلامة، من خلال فيلم «أسماء»، والذي كان من الأفلام القليلة التي طرحت في هذا العام.

بدأت تجربة حفظي الإنتاجية تسير في اتجاهين بداية من عام 2012، الأول مع الأفلام التجارية، والثاني مع السينما المستقلة، من خلال فيلمين هما، «بنات العم» من إخراج أحمد سمير فرج، و«عشم» للمخرجة ماجي مرجان في تجربتها الأولى، وشهد هذا العام التجربة الإنتاجية الأولى لحفظي خارج حدود الوطن العربي، من خلال مشاركته في إنتاج الفيلم الإنجليزي «أخي الشيطان» للمخرجة الويلزية ذات الأصول المصرية سارة الحسيني.

وضع حفظي كامل تركيزه مع السينما المستقلة بعد أن بدأت تحقق له تواجد على مستوى مهرجانات السينما الدولية، وفي عام 2013 قدم فيلمين هما «فيلا 69» التجربة الأولى للمخرجة آيتن أمين، و«فرش وغطا» للمخرج أحمد عبدالله، وفي 2014 يعود حفظي ليتذكر أنه سيناريست ويعود للتأليف من جديد بعد غياب 6 أعوام من خلال فيلم «وردة» مع المخرج هادي الباجوري، وهي تجربة أعادت السينما المصرية لتجارب الرعب، وفي نفس العام أنتج فيلم «لامؤاخذة» إخراج عمرو سلامة.

منعطف جديد ظهر في مسيرة المنتج محمد حفظي، وذلك من خلال الشراكة المستمرة حتى اليوم مع شركة «ماد سوليوشن» إحدى أهم شركات التسويق السينمائي في المنطقة، وصاحبها السوري علاء كركوتي، تلك الشراكة وضعت حفظي على قمة خريطة السينما العربية كمنتج وموزع للأفلام في المهرجانات الدولية والعربية، والمشروع الذي تبعها وهو «جوائز السينما العربية» الذي أصبح يضم أهم النقاد في الوطن العربي، فقد قدم حفظي عام 2015 «يا طير الطاير» للمخرج الفلسطيني العالمي هاني أبو أسعد، كما شارك في إنتاج فيلم «قبل زحمة الصيف» آخر أفلام المخرج الراحل محمد خان، وأيضا الفيلم الإنجليزي «المنعطف»، وفيلم «كدبة كل يوم» للمخرج خالد الحلفاوي.

في عام 2016 أصبح حفظي المنتج الرئيسي للأفلام، يتدخل فيها مع شركات كبيرة، أو من خلال صناديق الدعم في المهرجانات السينمائية، لكن تبقى ضربة البداية دائما لدى حفظي، على غرار تجربة «اشتباك» للمخرج محمد دياب، والذي يعد الفيلم المصري الأكثر مشاركة في المهرجانات، مع فيلم «أخضر يابس» للمخرج محمد حماد، وهو أيضا من إنتاج حفظي، وفي نفس العام قدم حفظي فيلم «علي معزة وإبراهيم» للمخرج شريف البنداري، وعلى مستوى السينما التجارية قدم فيلم «هيبتا المحاضرة الأخيرة» إخراج هادي الباجوري، وفي عام 2017 قدم فيلم «شيخ جاكسون» مع المخرج عمرو سلامة.

في عام 2018 أنتج حفظي فيلمين، الأول «عيار ناري» للمخرج كريم الشناوي، والثاني «يوم الدين» الذي يعد التجربة الأولى للمخرج أبوبكر شوقي، والذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان»، وفي 2019 قدم فيلمين أيضا هما «سواح» للمخرج المصري اللكسمبورجي أدولف العسال، و«بعلم الوصول» إخراج هشام صقر، وشارك في إنتاج وتوزيع الفيلم السوداني «ستموت في العشرين» للمخرج أمجد أبوالعلاء الذي شارك في مهرجان «فينسيا»، وحصل على جائزة أفضل عمل أول، وفي عام 2020 أنتج حفظي 3 أفلام، هي «رأس السنة» إخراج محمد صقر، والفيلم الإنجليزي «الأقصر» للمخرجة زينة درة، و«خط دم» للمخرج رامي ياسين، والذي أنتج خصيصا لمنصة «شاهد»، وأيضا فيلم «سعاد» للمخرجة آيتن أمين الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» في دورته الأخيرة، وكان من المفترض أنه الترشيح المصري لجائزة «أوسكار أفضل فيلم أجنبي»، لكن النزاعات بين صناعه أدت إلى تأجيل عرضه التجاري، وفي عام 2021 شارك حفظي في إنتاج 3 أفلام، هم «صالون هدى» للمخرج الفلسطيني هاني أبو سعد، وفيلمين صاحبهما أزمات في هذا العام، الأول هو الأردني «أميرة» للمخرج محمد دياب، والثاني «ريش» للمخرج عمر زهيري.

دخل حفظي في شراكة إنتاجية جديدة من خلال شركة «دائرة ميم الإبداعية»، والتي ضمت معه المخرج عمرو سلامة والمنتج ممدوح سبع، ومن خلالها دخلوا في شراكة أكبر مع منصة «نتفلكس» لتقديم عدد من الأعمال، بدأت من مسلسل «ما وراء الطبيعة»، ثم «بيبمو»، وأخيرا الفيلم صاحب الأزمة الدائرة حاليا «أصحاب ولا أعز»، كما تولت شركة حفظي مسئولية توزيع العديد من الأفلام التي لم تكن من إنتاجه، مثل السعودي «بركة يقابل بركة»، و «لما بنتولد» و «ورد مسموم» و «ليل خارجي»، والفيلم الفلسطيني «200 متر»، واللبناني «كوستا برافا».

تولى حفظي منصب رئيس مهرجان القاهرة عام 2018 ليصبح أصغر من تولى هذا المنصب عبر تاريخ المهرجان، وقضى في المسئولية 4 أعوام، لتكتمل مع هذا المنصب دائرة حفظي في صناعة السينما، والذي أصبح أحد أهم روافدها الحالي، كما شارك حفظي كعضو لجنة تحكيم في مختلف المهرجانات الدولية، ومن ضمنها «فينيسيا» عام 2018، وكان حفظي هو العربي الوحيد الذي اختارته مجلة «سكرين إنترناشيونال» ضمن قائمة «قادة المستقبل» في فئة المنتجين، وتصدر قائمة (10 أسماء لابد أن تعرفهم في صناعة السينما العربية) لمجلة «فارايتي»، وأنضم لعضوية «أكاديمية فنون وعلوم الصورة المتحركة – الأوسكار» عام 2019 ضمن فرع المنتجين، ونال وسام «الفروسية» الفرنسي في الآداب والفنون تقديرا لإسهاماته البارزة في السينما العربية.