أثر ياسر رزق

عبدالسميع الدردير
عبدالسميع الدردير

يوما ما كنت أترجم مقتطفات استشهدت بها كبرى وكالات الأنباء فى العالم نقلا عن الكاتب الصحفى ياسر رزق بينما تقدمه الوكالة العالمية باعتباره «الرجل المعروف بقربه من الرئيس السيسي» حسب وصفها The man known to be close to El Sisi..


فى العام الفائت نعتته زميلة بواحدة من أكبر الشبكات التلفزيونية فى العالم حينما سعت جاهدة لاستضافته بأنه «سمكة كبيرة» a big fish بالنسبة لهم، لكن لم يتم اللقاء.. أتذكر حديثى لأستاذ الأساتذة بالأخبار رفعت طنطاوى رحمه الله بأنه فى تقديرى تحول اسم ياسر رزق إلى  علامة تجارية تتفوق على اسم كبرى المؤسسات القومية فى بلادنا.. قلت هذا وقتها مستشعرا الخطر من غياب ياسر رزق يوما ما، فجميعنا زائلون.. لكن، الأستاذ رفعت اعتبر فى كلامى مبالغة يكسوها الإعجاب والفخر برئيس تحرير الأخبار آنذاك.. وإن كان كذلك، فهذا الإستنتاج لم يأت من فراغ.. فكان أستاذنا رزق ملء السمع والبصر فى أكثر الأوقات الحرجة التى مرت بها بلادنا والتى دونها وفصلها فى كتاب سنوات خماسينه الصادر قبيل رحيله المباغت.. وصل ياسر رزق إلى أعلى درجات السلم الوظيفى فى كار البحث عن المتاعب، فإلى ماذا كان يتطلع الأستاذ إذا؟


اقول لك عزيزى القارئ: كان أستاذنا يتطلع إلى الأثر.. الأثر الذى يتركه بعد رحيله.. فعندما زف لنا الأستاذ ياسر نبأ حصوله على موافقة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى على بناء أكبر برج فى أفريقيا على ضفاف النيل، تزامن هذا مع رفع اسمى مصطفى أمين وموسى صبرى على المبنيين الإدارى والصحفى لمؤسسة أخبار اليوم على التوالي.. عندئذ جال فى خاطر عدد من أبناء أخبار اليوم أن الأستاذ يحلم بأن يكون أثره باقيا على أعلى مبنى فى أفريقيا على ضفاف النيل وتحت اسم المؤسسة التى عشقها وفيها أفنى حياته: «مبنى ياسر رزق».. هكذا كان يحلم الأستاذ .. لم أكن أنتوى الكتابة عن استاذنا ياسر رزق.. فماذا أقول بعد ما قيل؟ إلا أن ما دفعنى للكتابة هى كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى للمسئولين مؤخرا والتى لا تزال ترن فى أذني: «احلموا.. أنتم ما بتحلموش ليه؟؟!»..


كان ياسر رزق يحلم، وبينما أنهكه المرض ظل يؤمن بأن فى مصر إرادة سياسية لم يصادف مثلها التاريخ.. إرادة سياسية تشد عضد الحالمين.
رحم الله الأستاذ ياسر رزق وتغمده بواسع عفوه ورضوانه.