تمثال «ويري» المعروض للبيع بلندن بـ 75 مليون جنيه.. هل يمكن استرداده

صورة موضوعية
صورة موضوعية

ما تزال دُور المزادات العالمية تتاجر بآثارنا ليل نهار دون رقيب أو حسيب، فمنذ أمس تعرض دار مزادات سوثبى (sothebys) بلندن، ضمن ما تعرض تمثالاً حجريًا جيرياً مصريًا يزيد ارتفاعه عن 80 سنتيمترًا، لرجل مصري قديم كان يُدعى "ويري" يعود عمره لأكثر من 4400 عام، حيث يرجع لعصر الأسرة الخامسة في الفترة ما بين 2432-2421 ق. م. 

وتعرض دار المزادات التمثال المصري كما يقول الباحث الأثري د. حسين دقيل ما بين 3 إلى 5 ملايين دولار، أي من الممكن أن يزيد سعره عن 75 مليون جنيه مصري، وتقول دار مزادات سوثبز إنها حصلت على هذا التمثال من مالكه الذي كان يُعيره لمتحف المتربوليتان للفنون بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة ما بين من 1996م وحتى العام الماضي 2021م. 

وتذكر دار المزادات في وثائقها أن التمثال المصري كان قد تم العثور عليه مع سبعة تماثيل أخرى في مقبرة لـ "ويري وزوجته" بجوار أهرامات الجيزة عام 1913م من قبل الأمريكي "جورج أ. رايزنر"، الذي كان يعمل ضمن بعثة متحف الفنون الجميلة في بوسطن وجامعة هارفارد. 

وأنه في عام 1921م، قامت الحكومة المصرية متمثلة في مصلحة الآثار التي كان يتولى إدارتها الفرنسيون في ذلك الوقت، قامت بمنح هذا التمثال لمتحف الفنون الجميلة بعد تقسيم المكتشفات إلى نصفين نصف لمصر والنصف الآخر أخذته البعثة طبقًا للقانون المصري الذي كان يسمح بتقسيم المكتشفات الأثرية حينذاك!!.

وتقول دار المزادات أيضاً، إنه وفي عام 1978م، بيع التمثال المصري في مزاد علني بمبلغ 280 ألف دولار، وكان حينها أعلى سعر يتم تحقيقه على الإطلاق في مزاد لمنحوتات قديمة، وفي عام 1996م وحتى عام 2021م، قام المالك الأخير بوضع التمثال على سبيل الإعارة إلى متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك كما ذكرنا أعلاه. 

وها هو التمثال المصري الرائع يُباع الآن، هذا التمثال الفريد من نوعه الذي لا مثيل له في عالم الفن القديم كما يقول النقاد، يظهر فيه السيد "ويري" وهو يتحرك للأمام، وساقه اليسرى متقدمة في وضع نموذجي لتلك الفترة، ويرتدي باروكة شعر مستعار مكون من صفوف من الضفائر، ونقبة بطول الركبة مربوطة عند الخصر بحزام معقود من الأمام، ويستند التمثال من الخلف على مسند مكعب كي يحافظ على اتزانه. 

وكان الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، قد أوضح أن مصر لديها الحق في المطالبة بوقف بيع التمثال والمطالبة بعودته إلى مصر لعدة أسباب أن التمثال خرج من مصر في ظل قوانين ملغية بحكم إصدار قانون حماية الآثار الذي ألغى كل القوانين السابقة، وبالتالي كل ما ترتب عليها فهو باطل فالقانون رقم 215 لسنة 1951 مُلغَى بحكم قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010، والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 والمعدل بالقانون 20 لسنة 2020، وبالتالي فكل الآثار التي خرجت من مصر في ظل هذا القانون حتى لو لديهم مستندات تصير باطلة ومن حق مصر عدم الاعتراف بها واعتبار الآثار التي خرجت في ظل هذا القانون آثار مهرّبة من مصر وخرجت بطرق غير شرعية.

وأضاف الدكتور ريحان، أن المادة 24 من القانون 215 لسنة 1951 تنص على "لا يجوز الاتجار في الآثار إلا بترخيص وزارة المعارف العمومية ويصدر بتنظيم هذا الاتجار قرار من وزير المعارف العمومية، كما نصت المادة 26 من نفس القانون "لا يجوز تصدير الآثار إلى الخارج إلا بترخيص من وزير المعارف العمومية بعد موافقة المصلحة المختصة وإلا ضبط الأثر ويصدر بتنظيم التصدير قرار من وزير المعارف العمومية " وبهذا فقد أجاز هذا القانون المشئوم تجارة الآثار بترخيص من وزارة المعارف العمومية وقد تم إلغاؤه بقانون حماية الآثارعام 1983 ومن حق مصر بعدم الاعتراف بأي سندات تصدير لأي أثر خرج في ظل القانون المشئوم.

ومن هذا المنطلق أشار الدكتور ريحان إلى أن صالة سوزبي مطالبة بتقديم سندات حصول متحف الفنون الجميلة ببوسطن على هذا التمثال من مصر وسندات بيع المتحف للتمثال إلى صالة سوزبى، وهذا ما لم تقدمه في بيان عرض التمثال مما يدل على وصول التمثال للصالة بشكل غير شرعي لعدم وجود سندات تصدير للأثر ومحاولة التزوير لإيجاد صيغة ملكية غير قانونية حديثة  لتبرير البيع.

اقرأ أيضا

انتهاء مهلة التقدم لوظائف التموين.. الاثنين القادم

 

ونوه الدكتور ريحان لكارثة اتفاقية اليونسكو 1970 الذى وقعت عليها 123 دولها من بينها مصر وهى الاتفاقية الخاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية والمنظمة لآلية عودة القطع الفنية التي تم الحصول عليها بشكل غير شرعي إلى بلادها الأصلية والكارثة فى أنها حصلت على موافقة ضمنية من 123 دولة بعدم المطالبة بعودة آثارها المنهوبة قبل عام 1970 والذى يدخل فيها تمثال "ويرى" المعروض بصالة سوزبى حاليًا.

 

ومن عيوب الاتفاقية  أيضًا ضرورة تقديم دليل على ملكية الآثار التى نهبت بعد عام  1970 ومعظم الآثار التى خرجت من مصر خاصة بعد عام 2011 فى سنين الفوضى ناتج أعمال الحفر خلسة وبالتالى فهى غير مسجلة وليس لها سند ملكية وبذلك تحرمنا هذه الاتفاقية من المطالبة بعودة هذه الآثار رغم أنها آثار مصرية مهربة وتلجأ مصر إلى الاتفاقيات الثنائية التى تعقدها مع الدول بعيدًا عن هذه الاتفاقية لتلافى هذا البند غير المنصف ومنها خمس اتفاقيات لمكافحة تهريب الآثار والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وقبرص وإيطاليا وكوبا وبيرو وكينيا وجميعها بعيدة عن اتفاقية اليونسكو.

 

ويطالب الدكتور ريحان الدول العربية الموقعة على الاتفاقية وعددها 15 دولة حسب تاريخ التصديق هي الكويت، ليبيا، العراق، مصر، الأردن، الجزائر، سوريا، تونس، السعودية، قطر، موريتانيا، عمان، لبنان، المغرب وفلسطين بالاتفاق على تعديل بنود الاتفاقية والتقدم بها إلى اليونسكو واستخدام كل وسائل الضغط لديهم لتعديل البنود المجحفة بالاتفاقية .