< يفكر الواحد أحيانا هل المبرر مادي؟، هل الأزمة الاقتصادية هي التي جعلت الخدمة في معظم الأماكن متردية؟ <
خلال الفترة الماضية لم ألتق سوي بهذه الحالة، الحالة التي تعمل بنصف اهتمام و(بـ ضهر ايدها) علي رأي أمي كناية عن قلة الإخلاص، رأيت نسخة في مدرسة ابنتي، في العيادة، في محطة البنزين، في المقهي، في عامل الدليفري، أنا لا أعدد أمثلة وخلاص، في كل مكان موجود في القائمة السابقة رأيت استهتارا وقلة إتقان، لا أهمية لشرح الواقعة ولكن الملخص هو الأهم، الملخص أننا في مصر صرنا نعمل جميعا بنصف اهتمام بنصف شهية بنسبة ضمير مهني ضعيفة، لا يمكن للواحد أن يعرف سببا واضحا لتلك الحالة الجماعية.
الكل متلهف علي أن ينهي مهمته بأي طريقة حتي يحصل علي أجره، يصبح في أشد حالات انتباهه ولياقته الذهنية والنفسية ساعة المطالبة بالأجر، لكن ساعة الكلام عن العمل وقصور فيه يستخدم المواطن أكبر كم ممكن من الأعذار المختلقة والأكاذيب المنمقة ليسد الثغرات الواضحة فيما قام به من عمل.
حتي المحلات التي كان الواحد يذهب إليها ولديه ثقة في الحصول علي الحد أدني يرضيه من الخدمة، هذه المحلات (باظت)، لم أعد زيارة مكان ما (مطعم أو محل أو مستشفي) بعد شهرين من زيارة أولي مرضية جدا إلا ووجدت ثمة انهيارا في الخدمة، لا أري أحدا في مصر يحافظ علي مستواه وهذه ليست مبالغة، وراجع بينك وبين نفسك كل من كنت تمدح إنتاجهم أو خدماتهم قبل ستة أشهر وحدد موقفك منها اليوم ستجد ثمة قصورا يكبر أو يصغر لكنه موجود بالفعل.
يفكر الواحد أحيانا هل المبرر مادي؟، هل الأزمة الاقتصادية هي التي جعلت الخدمة في معظم الأماكن متردية؟، أقول لنفسي وما دخل الإتقان بالأزمة المالية؟، ما دخل الأزمة المالية بمحل نظارات شهير يعيد تصنيع النظارة ثلاث مرات في شهر واحد لأنه يخظئ في كل مرة؟، ما دخلها بطبيبة مدرسة أطفال تصف دواء خاطئا؟، ما دخلها بمطعم يقدم لك غير ما طلبته؟، ما دخلها بعامل في بنزينة يترك غطاء التانك مفتوحا فتكتشف ذلك بالصدفة بعد 100 كيلومتر، ما دخلها بكهربائي يجعلك عمله تحتاج إلي كهربائي آخر، ما دخلها بشركة نت لا تستجيب لشكواك التي لم تنقطع علي مدي شهور؟، ما علاقة الأزمة الاقتصادية بالالتزام بالمواعيد وبأصول التعامل والإتقان وشوية الضمير ؟
نحن في مشكلة كبيرة ولن يُضيع هذا الوطن مؤامرة أو أزمة اقتصادية، لكن الناس قد يفعلون ذلك، ولو فعلوها سيكون هذا أول شيء يفعلونه بإخلاص وبامتياز.