أحدثك عن محل ضخم لكنه يبيع ما يبيعه محل بقالة متوسط حتي لا تعتقد أن الكلام به شبهة رفاهية
سوبر ماركت في مدخل الشيخ زايد، عندما دخلت سمعت الإذاعة الداخلية تبث موسيقي حزينة مليئة بنواح الناي والكمان، شعرت أنها موسيقي جميلة ولكنها ليست في المكان المناسب، بعد دقائق من التجول بين البضائع وتأمل الأسعار عرفت أنها مناسبة جدا، فحالة الأسعار لا تخلو من أسي ما، أعربت إحدي السيدات للعامل عن اندهاشها من ارتفاع سعر الدجاجة المذبوحة أكثر من أربعة جنيهات في أقل من أسبوع، قال العامل بميكانيكية رديئة (أصل الدولار بقي ب 11)، قالت له السيدة أن تاريخ الذبح منذ أسبوع عندما كان سعر الدولار (سبعة وشوية)، تركت السيدة الدجاجة ومشت تدفع سيارة المشتريات وبعد خطوات قليلة شاهدتها تتوقف ثم تعود وسحبت دجاجة ثم اختفت.
الكلام عن الأسعار هذه الأيام غير الكلام عنها في أي فترة سابقة، وحجة الدولار حاضرة علي لسان الجميع، وأصبح التدقيق في طلبات البيت سمة عامة، المشهد المتكرر عند كل كاشير أن المشتري يراجع ما وصل به إلي هذه النقطة ثم يتخذ قرارا بالتخلي عن سلعة أو اثنتين لن تخرب الدنيا إذا ما عاد إلي البيت بدونهما، في هذه المحلات الكبيرة ستجد كل كاشير يقف أمام الماكينة وإلي جواره كومة من البضائع تخلي عنها الزبائن ساعة الحساب.
أحدثك عن محل ضخم لكنه يبيع ما يبيعه محل بقالة متوسط حتي لا تعتقد أن الكلام به شبهة رفاهية، كلامي عن أساسيات التموين ووجبات الطعام وساندوتشات المدرسة، وأكثر المتضررين هم أهل الطبقة المتوسطة الذين لا يمتلكون بطاقة تموين ولا يتحركون بكوبونات الخبز ويمنعهم الحياء من التشاجر أمام سيارات نصف النقل الحكومية التي تقف في الشارع تبيع كراتين اللحم المجمد، كان الستر يجعلهم في غير حاجة لمزاحمة الفقراء، لكن الستر في خطر، وبعض المشروعات الجديدة تسحب بشكل غير مباشر من ميزانية البيوت المصرية، وأذكر أنه عند قسم الأجبان في السوبر ماركت كان هناك رجل عجوز يبدو أنه جد ومعه حفيده كان يقول له ( التُمن نص الربع) وقال الطفل : المهم يكون بالزيتون، قدم البائع للجد طلبه فأخد يدقق في السعر المطبوع علي لفة اللانشون لكنه لم يكن متأكدا، خلع نظارته حتي يري بصورة أفضل، ثم سأل البائع باندهاش (ده تٌمن؟).