شركة لويدز البريطانية وهي أكبر شركة تأمين في العالم اصدرت منذ ايام تقريرا يحذر من اندلاع ثورة مدنية عارمة شاملة ستهدد الاستقرار العالمي

لا شك ان محترفي اثارة الفوضي قد لجأوا إلي استغلال قضية تيران وصنافير وحب الشعب المصري لبلاده ليجعلوا من هذه القضية قضية تخلي عن الارض والهدف هو التشكيك في ان مصر قد عادت وبقوة لتحتل دورها المحوري كركيزة لاستقرار المنطقة.. واكبر دليل علي هذا توافد قيادات الدول المهمة لزيارتها وتأكيدهم علي الوقوف والالتفاف حول الشعب وقيادته.
وقد رأيت وسط الآراء والافكار التي تدعي بقوة ان لديها وثائق تؤكد ان مصر قد تخلت عن جزء من ترابها ان أقوم بالغوص وسط ارشيف المعاهدات والاتفاقيات الدولية الذي تحتفظ به الامم المتحدة في خزائن ضخمة تحت مكتبة داج همرشولد بمقر المنظمة الدولية.
وقامت امينة المكتبة للشئون القانونية بمساعدتي في الاطلاع وعلي الرغم من ان طبيعة عملي كمراسل لدار «أخبار اليوم» في الامم المتحدة قد اكسبتني قدرة علي القراءة والاستماع والاستيعاب لجلسات طويلة علي مدي الـ ٣٥ عاما الماضية.. فقد وجدت انني سأضيع وسط الكم الهائل من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة بين مصر وكافة دول العالم.
وفي اليوم التالي رأيت أن أركز فقط علي تيران وصنافير وكانت المفاجأة عندما اطلعت علي جلسة لمجلس الامم عقدت يوم ١٥ فبراير ١٩٥٤ وذلك لبحث شكوي قدمتها اسرائيل تتهم فيها مصر بإعاقة الملاحة في خليج العقبة وفي نفس الوقت شكوي مصر من ان اسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة الموقع مع مصر بشأن العوجة وانها تشجع العصابات الصهيونية علي محاولة الاستيلاء علي الارض.
وقد مثِّل مصر في هذه الجلسة اثنان من ابرز قامات الخارجية هما: السفير مراد غالب والسفير محمود عزمي وكان ممثل اسرائيل ابا ايبان الذي ما لبث يتهم مصر بانتهاك حرية الملاحة في خليج العقبة والذي كان يشير اليه باسم خليج ايلات مما اثار غضب مندوب مصر.. وبمهارة الدبلوماسي المحنك تناول السفير مراد غالب التزام مصر باتفاقية القسطنطينية الخاصة بحرية الملاحة في البحر الاحمر والتي وقعت في ٢٩ أكتوبر من عام ١٨٨٨ وما تعطيه الاتفاقية لمصر من حق في تفتيش ومراجعة السفن العابرة بما لا يعيق إبحارها وان كان يحافظ علي امن البلاد..
وأشارمندوب مصر إلي ان سجلات الحرب العالمية الثانية أوضحت ان مصر في إطار نظامها الدفاعي كانت مكلفة من قبل الحلفاء بحماية الملاحة في البحر الاحمر.
وأعلن السفير مراد غالب ان مصر قد بعثت بمذكرة حول وضع جزيرتي تيران وصنافير إلي السفير الامريكي في مصر بتاريخ ٢٨ يناير ١٩٥٠ تفيد بأن مصر موجودة بالجزيرتين بموافقة واتفاق مع حكومة المملكة العربية السعودية التي تمتلكهما.
وهنا عدت إلي السجلات الخاصة بوزارة الخارجية الامريكية ووجدت ان السفير الامريكي بالقاهرة وهو كافري قد بعث بمذكرة سرية إلي وزير الخارجية الامريكي بتاريخ ٣٠ يناير أي بعد تلقيه المذكرة المصرية تفيد بأن مناوشات اسرائيل بشأن تيران وصنافير لا يجب ان تكون موضع مناقشة حيث ان هناك اتفاقاً واضحاً وكاملاً فيما بين مصر والسعودية حول تواجد «احتلال» مصر لهذه الجزر وان الاتفاق قام علي اساس مراعاة حق السعودية في هذه الجزر التي تبعد عن الشواطئ المصرية بثلاثة اميال وما يقرب من ٤ أميال من الشواطئ السعودية..
وأعود مرة اخري إلي رد فعل اباايبان لما ذكره مندوب مصر وإصراره علي ان مصر تحتل هذه الجزر السعودية.. وبمهارة الدبلوماسي المخضرم السفير محمود عزمي قال: ان ما ذكره المندوب الاسرائيلي عن ان مصر تحتل الجزيرتين هو في الواقع امر صحيح وان هذا الاحتلال المصري تم منذ عام ١٩٠٦ وأوضح ان الاتفاق فيما بين مصر والسعودية لا يؤكد ضم مصر لهذه الاراضي السعودية بل يوضح انها ارض محتلة ويعطي لمصر حق التعامل بشأن حمايتها.. ومرة اخري قادني البحث إلي مذكرة بسجلات الخارجية الامريكية بشأن خطاب بعث به وزير خارجية الولايات المتحدة بتاريخ ١٧ يناير من عام ١٩٦٨ إلي وزير خارجية اسرائيل وقال دين راسك الوزير الامريكي في خطابه بالاشارة إلي المناقشة التي دارت بين الرئيس الامريكي ورئيس وزراء اسرائيل اثناء زيارته الاخيرة لولاية تكساس والتي تناولت وجود القوات الاسرائيلية علي ارض تيران بعد العدوان الثلاثي. وان الحديث دار حول ضرورة انسحاب القوات الاسرائيلية من الجزيرة وان اسرائيل لا تريد ان تقدم علي ذلك دون تأكيد علي تفادي تداعيات مثل هذا الانسحاب.
وقال راسك ان السفير الامريكي قد كلف بمناقشة الامر مع العاهل السعودي الملك فيصل وان الملك قد أوضح للسفير الامريكي ان السعودية التي تمتلك جزيرة تيران قد أعطت مصر صلاحيات إدارة الجزيرة وان بلاده لا تنوي نشر قوات مسلحة أو عسكرة الجزيرة او إعاقة الملاحة....
وهكذا ومرة اخري فإن الحديث عن مستقبل الملاحة ومصير تيران كان يتم علي اساس الاقرار بأن تيران ارض سعودية.
مواجهة الإرهاب بالأمريكي
القلق من أهم أسباب الإصابة بالاكتئاب.. أمر معروف ولكن الإدارة الأمريكية تصاب باستمرار بالقلق وتتابع باهتمام كل ما يجري في مصر خاصة المظاهرات والاحتجاجات الغوغائية.. وتندفع بعض المنظمات الراعية لما يطلق عليها حقوق الانسان باتهام مصر بانتهاك حقوق الانسان المصري.
ولمواجهة هذا القلق وهذه الاتهامات ماذا لو أعلنت مصر انها ستطبق النظام الأمريكي في مواجهة الاضرابات والمظاهرات؟
من المعروف أن الدستور الأمريكي يكفل حرية التجمع وحرية التعبير إلا ان المعلن والمعروف والمتعارف عليه ان هذه الحريات ليست حريات مطلقة.. فاذا أراد قطاع أو مجموعة من الأمريكيين القيام بمظاهرة أو احتجاج فلابد من الحصول علي تصريح رسمي من الشرطة وإخطار السلطات الأمنية بسبب المظاهرة وعدد المشاركين فيها، إذ أن الفوضي مرفوضة والتجمع مسموح به ويتم وضع حواجز علي جانب الطريق مع ترك الأرصفة خالية من أي متظاهر لتمكين الجمهور الأمريكي بممارسة حياته العادية.. ويتم تحديد موعد المظاهرة من ساعتين إلي ٣ ساعات وبعد ذلك لابد من انصراف كل المشاركين في المظاهرة وأي محاولة لمخالفة هذه الشروط يتم إلقاء القبض علي أي مخالف ويتم تكبيل اليدين بوضعهما خلف الظهر ويتم احتجاز المخالف لعدة أيام حتي يتم تحديد موعد لوقوفه أمام المحكمة.
وفي حالات انتشار الفوضي تستخدم أساليب عنيفة منها العصا الإلكترونية التي ترسل شحنة كهربائية في الجسم وهناك بطبيعة الحال الغازات.. وكل هذه الاساليب مشروعة في ظل القانون الأمريكي.. ويجدر بالاشارة هنا إلي أن هناك زيادة ملحوظة في مبيعات منتجات السيطرة علي الشغب في الولايات المتحدة خوفا من أن تواجه المدن الأمريكية اضطرابات مدنية علي غرار ما حدث في مدينة فيرجسون.. وأشار تقرير صدر مؤخرا عن مركز بحوث ساندلر أن الطلب المتزايد علي طائرات المراقبة «الدرون» وهي الطائرات التي تطير دون طيار قد أدي إلي انتاج انظمة تستخدم مدافع المياه للسيطرة علي المظاهرات الضخمة.
ومن المتوقع أن يصل عائد مبيعات أجهزة مكافحة الشغب إلي ٣٫٥ مليار دولار مع نهاية عام 2020 وأن أكبر قدر من هذا العائد سيكون من الولايات المتحدة نظرا لقيامها بزيادة تسليح الجهات الأمنية وأجهزة تطبيق القوانين بعد اضطرابات فيرجسون التي وقعت في عام 2014.
وكانت شركة لويدز البريطانية وهي أكبر شركة تأمين في العالم قد اصدرت منذ ايام تقريرا يحذر من اندلاع ثورة مدنية عارمة شاملة ستهدد الاستقرار العالمي.
وأشار التقرير إلي ان هذا الشغب المدني يثير قلقا في أوساط الاثرياء ويدفعهم للاستعداد لهذا الشغب. وأوضح التقرير ان بعض الاثرياء قد اتجهوا لشراء مخابئ فاخرة وواقية من القنابل. ونقل التقرير عن شركة اسمها فيفو تتولي بناء هذه المخابئ ان هدف بنائها هو حماية الاثرياء من خطر عامة الشعب.
وتشير التقارير إلي ان عددا كبيرا من الاثرياء قد غادروا مدينة شيكاغو وغيرها من المدن الأمريكية الكبري وأشارت إلي ان هناك توجها نحو شراء أماكن اقامة في مناطق نائية من نيوزيلندا.
نهاية الرحلة
مع اقتراب انتهاء مدة ولاية بان كي مون سكرتير عام الأمم المتحدة لم يتوقف مون عن ممارسة الاعراب عن القلق ولكنه ودون أي مبرر بادر بالإعلان عن قلقه لمصير المتهمين في قضية التمويل الاجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر وذكر بيان اصدره المتحدث الرسمي باسمه ان هناك ضرورة للحصول علي محاكمة عادلة.
والغريب ان يصدر هذا البيان عن جهة ضرورة ان تلتزم بالحياد وقبل اتخاذ اجراء في هذه القضية.
وعلي الرغم من تأكيد البيان علي أن مصر قد قبلت بتوصيات صدرت عن قواعد حرية التجمع إلي جانب اصدار قانون جديد بشأن المنظمات غير الحكومية بما يتفق والدستور المصري وحقوق الانسان الدولية.. وقد بادرت وزارة الخارجية برفض تصريحات السكرتير العام باعتبارها تدخلا في شأن القضاء المصري والشئون الداخلية لمصر.
وقد اصبح من الواضح خلال الاشهر الماضية ان تصريحات بان كي مون قد اصبحت تحاكي النمط الأمريكي للتصريحات أي الاعراب عن القلق وتوجيه النقد بصورة تتجاوز صلاحياته كسكرتير عام ولا بأس أن يشير التصريح في نهايته إلي الجانب الايجابي في توجهات الجهة المعنية بتصريحه.
وليس هناك أي شك ان بان كي مون كان طوال السنوات العشر الماضية النموذج المثالي للمواصفات الأمريكية لمهمة السكرتير العام.. وذلك لان واشنطون كانت تؤكد دائما انها تريد لمن يشغل هذا المنصب ان يكون مجرد سكرتير وليس قائدا عسكريا. وفي تلاعب بالألفاظ كانت تلغي وصف السكرتير العام بأنه سكرتير عام حيث ان صفة عام General تنطوي علي صفة القيادة..
نقل الحقائق
منذ أن عملت كمراسلة لدار اخبار اليوم كنت حريصة دائما علي ان انقل الخبر وأي حدث كما هو وأن يكون ذلك عبر معايشتي أو اطلاعي الشخصي علي ما يجري.. وكان ومازال من الصعب اقناعي بكتابة خبر أو تحليل لم اطلع عليه وهناك كثيرون مما تعاملت معهم يشهدون بذلك ومنهم علي سبيل المثال كوفي عنان سكرتير عام الامم المتحدة السابق ومن المصريين ليس علي سبيل الحصر السفير المخضرم احمد حجاج والسفير أحمد ابوالغيط..
ومازلت حتي اليوم أري أن مهمة الصحفي هي نقل الحقيقة وليس العمل بالسياسة.. وقد ذكرت هذه المقدمة نظرا لأنني قمت منذ أسبوعين قد تابعت لأكثر من ساعتين جلسة استماع عقدتها اللجنة الفرعية للاعتمادات التابعة للجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي وكان الحديث عن ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية وبطبيعة الحال تناول ذلك المساعدات التي ستقدم لمصر في العام القادم.
وحرصت علي نقل كل ما جري بما في ذلك تعليق السفيرة آن باترسون مساعدة وزير الخارجية والسفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة والذي اشارت فيه إلي أن الخارجية الأمريكية تري أن جماعة الإخوان المسلمين ليست جماعة إرهابية وانها جماعة سياسية دينية وتحت ضغط من اسئلة اعضاء اللجنة ذكرت باترسون ان بعض اعضاء الجماعة لديهم توجهات إرهابية.
وبطبيعة الحال نقلت ما ذكره بعض أعضاء الكونجرس حول ضرورة ان تتخذ الادارة الأمريكية موقفا من جماعة الإخوان المسلمين وفي مقدمة هؤلاء النائب عيسي داريل ممثل ولاية كاليفورنيا والذي ايدته رئيسة اللجنة.
ولم تكن مفاجأةلي ان تقوم أغلب وسائل الاعلام الأمريكية بنشر الخبر وكأنه تأييد ومساندة لجماعة الإخوان دون أي اشارة لتصريحات النواب المخالفة لمنطق السفيرة باترسون.. وعلي الرغم من معايشتي لأسلوب أغلب وسائل الاعلام الأمريكية التي تنقل اخبارها من صحف المعارضة فقد خشيت ان أكون قد اخطأت في نقل ما سمعت وعاودت الاستماع إلي تسجيل جلسة مجلس النواب.. وهنا ادركت مدي الفساد الذي اصاب الاعلام الأمريكي الذي اصبح يعتمد بصفة اساسية علي البيانات دون متابعة علي أرض الواقع.
نحن والأسماك
جاء في دراسة نشرت اخيرا بمجلة «التطور» العلمية ان مجموعة من الدراسين بكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية قد توصلوا إلي وجود تشابه في الجينات الموجودة في خياشيم الاسماك الشبيهة في الشكل بالاسماك المسطحة واسماك القرش بالجينات الموجودة في اطراف الانسان. وقد استندت الدراسة إلي معلومات طرحها عالم من علماء علم الاحياء في المانيا منذ اكثر من مائة عام إلا أن التحقق من ذلك لم يتم نظرا لعدم وجود حفريات يتم الاعتماد في فحصها من تأكيد تلك النظرية.
ولكن الدراسة الأمريكية الاخيرة اعتمدت علي الاشعاع الصوتي الناتج عن زعانف سمك القرش وامثاله من نوعية هذه الاسماك المسطحة.. والملخص ان هذه الدراسة تشير إلي التشابه بين الاسماك والحيوانات الثديية وفي مقدمتها الانسان. واذا كانت النتيجة ان الاسماك لها علاقة بتكوين الانسان فلا بأس من ظلك في عالمنا المعاصر حيث ان السمك الكبير يأكل السمك الصغير.. وانتشار عمليات الإرهاب قد يؤكد مستقبلا وجود علاقة بين سمك القرش والانسان.
ملحوظة:
اقدم هذه الملحوظة من بعيد لكل من يهمه أمر بلادنا الحبيبة ارجو بسرعة اعداد ملف يضم كل المقالات والآراء المعارضة التي نشرت في مصر مؤخرا أو البرامج الاذاعية والتلفزيونية التي تنتقد بشدة كل ما يجري في بلادنا وان يتم ترجمة الملف باللغة الانجليزية واللغة الفرنسية ليتم تقديمه وتوزيعه دون تعليق أو تعقيب لكل من يطالب بحرية الصحافة أو حرية التعبير.. والمطلوب هو نصيحة هذه الجهات الاجنبية بحرية الصحافة والتعريف الدولي لحرية الصحافة.