صدى الصوت

على أبواب المعرض

عمرو الديب
عمرو الديب

تهفو إليه أرواح العشاق، وتفتقده نفوس المحبين، هؤلاء الذين منحوا مشاعرهم الدافئة لأرقى مطلب، وأعز مقصد.. المعرفة.. غاية الإنسان العاقل فى كل زمان وأى مكان، وبغية البشرية فى مختلف عصورها، ويعى العشاق العاقلون أن مفاتيح المحبوبة بيد ذلك الفعل الساحر الذى يفتح أبواب قلاع المعرفة الحصينة، ويعبد الطريق نحو اللقاء المرتجى، فوحدها القراءة هى القادرة على حملنا إلى قمم المعرفة الشاهقة السامقة التى لا تمنح أسرارها، ولا تسمح بعناقها إلا للصادقين فى محبتها.. الشغوفين بها حقًا، ومن يتعشق الحسان يتعلق بالطريق إليهن، ويتمسك بالسلم الموصل دومًا، لذا يبدو عشاق القراءة كالمصابيح فى الظلمة، وتضئ وجوههم بنور الوعى وسط أقرانهم وفى قلب مجتمعاتهم التى ينبغى أن تدرك حقيقة أن المعرفة هى سلاح الأمس واليوم والغد، وأن الذين يرومون التقدم، ويتطلعون إلى الإزدهار عليهم أن يبذلوا الجهد المضنى كى يجتنوها، لكل ذلك، وانطلاقًا من هذه القناعات جميعًا، يحتل معرض القاهرة الدولى للكتاب فى نفسى موقعًا بارزًا لا تزعزعه الصوارف، ولا تغيره عوادى الأيام، وما إن يقترب موعد انطلاق دورة جديدة من سلسلة دوراته استشعر اشتياقًا وسعادة بالغة، تمامًا كما أحس الآن على أبواب تدشين النسخة الثالثة والخمسين منه، فنحو ثمان وأربعين ساعة فقط تفصلنا عن بدء دورة جديدة فى تاريخ ذلك الحدث العريق الكبير الذى لم يتخلف عن الانعقاد منذ انطلاقه للمرة الأولى عام 1969 إلا فى ظروف قهرية نادرة، وهو أول معرض للكتاب فى منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق، وتطل علينا كل دورة جديدة منه، لتذكرنا بريادة مصر وعراقة تحضرها، وهذا العام يتوج معرض الكتاب مسيرة أحد أبرز مبدعينا الأفذاذ الأديب الكبير الراحل يحيى حقى الذى خرج على ضوء قنديله مئات الأصوات المبدعة فى القصة والرواية، وتحتفل الأوساط الثقافية المصرية والعربية بعطائه عبر فعاليات وندوات تسلط الأضواء على إبداعاته الخلابة، وربما يجئ توظيف التقنيات الحديثة فى الاحتفاء بأديبنا الرائع كأحد أهم ملامح الدورة الجديدة التى أرجو أن تتخلص من بعض السلبيات البغيضة مثل المجاملات فى اختيار بعض المتحدثين فى الندوات من الأدعياء والجهلاء والمتطفلين على الأدب والثقافة، ودعونا نتفاءل بنسخة جديدة تخلو من المجاملات وتخرج فعالياتها بصورة تليق بأعرق وأبرز حدث ثقافى فى منطقتنا بأسرها.