غسان الرحبانى: المدرسة الرحبانية تتخطى الأشخاص

غسان الرحباني
غسان الرحباني

حِينما تَجاذَبْنا أَطْرافَ الحديثِ، برقتْ عيناه ، وكَأنهُما مناجاة السَّماءِ الصَافيةِ لشعاع الشمس الذهبي المرخي على مروج لبنان الخضراء، ثم ما لبث أن امتطى صَهْوةَ جواد إرثٌ عظيم تمثل فى زمنٌ جَميلٌ فرَّ منا مُسرِعاً ورثه عن أبيه الموسيقار العظيم إلياس الرحباني، وإندفع للأمام كفارسٍ نبيل مُتخطياً الزمان والمكان، يحلق بجناحي الذَّاكِرَة، يلاحق الملائكة في فضاء الانغام الحالمة الممزوجة بعبرات الشموع، ثم أسهب في الحديث حتى تلاشى وذاب فى معالمه وتفاصيله وقصصه، كنجمه هائمة على أطـلال الـذكريـات، إنه الموسيقار والمؤلف والملحن والمغني اللبناني المُبدع، غزير الإنتاج، متعدد الأوجه الفنية، وحامل جينات العبقرية الرحبانية بامتياز مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، واحد روّاد موسيقى «الهافي ميتال» في العالم، والذى تمكن بصوته الفريد وألحانه المميزة من اكتساب جمهور كبير من مختلف أنحاء العالم، الفنان غسان الرحباني، وفى حوار لا ينقصه الصدق كما عاهدته، غصت معه في تفاصيل زمناً مختلفاً، زمنا مغايرا في فضاء مغاير معنون بالحلم، وإن صح القول زمناً جميلا، وأجدني لا أملك إلا أنّ أترك له المساحة كاملة ، فلا أزاحمه،  حتى يحلق بنا في فضاء عالم من الجمال.

 

عام مضى على رحيل الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني  وما زال الحزن مخيماً على الأوساط الفنية فى العالم العربى؟

لا أدري إن كان مازال الحزن مخيم على الأوساط الفنية فى العالم العربى  من عدمه  ، لكن كل ما  أعرفه جيدا، أن الحزن مخيم على أنا، وعلى عائلتي بأكملها ، فنحن نعيش ، و كأن ما حدث ، قد حدث أمس، ولا أستوعب حتى الآن ، والكثير من النّاس قد أخبروني بأن المرء إن فقد  أباه أو أمه ، لن يستطيع طيلة حياته أن يختم حزنه، وسوف أظل أعتقد إن هذا الشيء قد حدث أمس.

ماذا عن مصير «المدرسة الرحبانية».. بعد أن فقدت ثالث أركانها الموسيقية؟

المدرسة الرحبانية ، تتخطى الأشخاص ، الأخوين رحباني ، وضعوا أسس هذه المدرسة، ونحن كلنا تلاميذ، ونحن نمضى على قناعاتنا، وما تعلمنا عليه، فالمدرسة الرحبانية تتخطى الأشخاص ، وعائلة الرحباني قد ورثها ثلاث أرباع الفنانين، مما يفكّرون، كما يفكر الرحبانة بالنسبة للمستوى الفنى والكلمة واللحن.  

حدثنا عن أيام الياس الرحباني الأخيرة؟

لا أستطيع أن أتحدث عن الياس الرحباني،  بجواب واحد فقط ، والأيام الخالدة  لـ« الياس الرحباني «  ، الجميع قد شارك بها،  والجميع قد اطّلع على العطاء الذى يقدّمه، فهو كان له حضور طاغ  عند جميع الشعوب ، وحياته  كانت فى متناول الجميع ، وليس هناك سر مخبى  وهنا  يكمن سر عظمتة.

ماذا ورث الفنان غسّان الرحباني من والده الموسيقار إلياس الرحباني إنسانياً وفنياً؟

قَد وَرَثتُ أشياء بالجينات الوراثية ، قد جاءت بالفِطرةُ  ، ودون ان اعمل على تنميتها،  العطاء ، العطاء الجدى، عدم سرقة الألحان ، والتآثر بألحان معروفة ، ومن ثم نسبها لي، وهذه كانت من ضمن الأمور التى كان يرفضها ولدى جملة وتفصيلا ، وَرَثتُ ايضا عنه التَّأْلِيِف ، ووَرَثتُ العطاء المجانى ، الذى يأتى من الله، وأثقلت الموهبة بالعلم ، مثلما أراد الوالد، وولدتُ وتربيتُ إنسانيا، بمعنى أن أكون إنسان صادق على الدوام، لكن بكل أسف قد يتوهم بعض الناس، إن الصدق درباً  من الضعف.

في عام 2015  أسست الفرع الأول لمعهد الياس الرحباني للفنون».. حدثنا عن هذا المشروع الفني التربوي وتطلعّاتك المستقبلية له؟

نعم ، افتتحت معهد الياس الرحباني للموسيقى ، فرع ضبية، وبعد مرور عام افتتحت فرع بيروت ، وبعد مرور عام آخر افتتحت فرع طرابلس، هذا المعهد هو معهد الياس الرحبانى بامتياز  ، وأنا أشرفت عليه ، وأسسته، ولن يتوقف هذا المعهد ، طالما هناك ناس تولد من جديد ، فنحن موجودين، حتى نكبر هذا الحزب، الحزب الجيد، للموسيقى الجيدة، وبهذه الطريقة نكون قد حاصرنا موجة الغناء الهابط. 

ما الجديد بالنسبة لغسّان الرحباني فنيا؟

 في الواقع لدي أغنية جديدة ، سوف تطرح في الاسواق قريباً ، تحاكي الواقع اللبناني الواقع المرير الذي نعيشه ، ولن أتحدث أكثر من ذلك عن تفاصيل ، لأنها «سرية للغاية.

ما انطباعتك عن الأغنية اللبنانية على مستوى الموسيقى والألحان اليوم؟ 

منذ بزوغ فجر التاريخ، تجرى أغنيتان متوازيتان ، أحدهما  الأغنية الجيدة ، والأخرى الأغنية الهابطة ، والفرق منذ أمد بعيد أن الأغنية الهابطة  ، كانت تصنف فى إذاعة لبنان بان تذاع مرة واحدة فى الأسبوع، ولكن حالياً، فى ظل وجود موقع اليوتيوب، أصبح  كلٌّ إنسان، لديه قدرة أكبر للانتشار، ولكن ليس معنى ذلك أنه مقدر، فالأغنية الجيدة موجودة، ويرفقها فى نفس الوقت الأغنية الهابطة، ونحن علينا الانتباه للأغنية الجيدة.

ماذا أضافت لديك السيدة فيروز؟

السيدة فيروز أولاً، هي بمثابة أمي الثانية، وهل أحد يستطيع أن يتصور الفن العربي دون وجود السيدة فيروز؟ ، لقد أضافت السيدة فيروز الرصانة، والجمال، والصوت ، والثقة بالنفس، والعطاء المتجددٌ اللامتناهي، ولقد تعلمت منها المثابرة، السيدة فيروز تتخطي حدود الوصف ، وتتخطى  حدود الرأي فيها ، فهى فوق الوصف، وفوق الرأي.

 

ما رأيك بالأغنية المصرية .. ومن يعجبك من مطربيها؟

 الأغنية المصرية ، مثلها مثل الأغنية اللبنانية ، تمران  بخطين متوازيين، بها العطاء الجيد ، والعطاء الهابط ، وهناك الكثير من الفنانين والأغاني والإنتاج الجيد جداً، وأنا يعجبني الفنان عمرو دياب، وكيف اشتغل بحياته.

 ماذا عن غيابك عن الساحة الفنية؟

لست غائباً، أنا المطرب الوحيد الذي أنجز أربع فيديوهات فيديو كليب، عام  2020 ، وعام 2021، عملت أغنية «بعد ما شفت شي»، أنا  مستمر بالعطاء، والعطاء الذى اعتمد عليه ليس عطاء وقتى  حسب طلب الجمهور، بل هو عطاء بالفطرة ، أنا  أحيا بالجمهور الصادق.

اقرأ ايضا | عام مضى على رحيل الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني  وما زال الحزن مخيماً على الأوساط الفنية فى العالم العربى