شوقى حامد
لم ألمحه إلا بشوشا.. لم أره إلا ضحوكا.. لم تفارق وجهه الابتسامة.. لم تعرف معالمه العبوس.. غلب على طبعه التفاؤل.. واكتست تقاطيعه باليمن.. تمسك بالطموح وتحلى بالتحدى وتطلع لإثبات جدارته وتحقيق ذاته وسط كوكبة الدراويش الموهوبة.. وثق فى قدراته.. وأبرز إمكاناته وأعطى بلا حدود وأخرج كل مكنوناته واستطاع أن يحجز موقعه المتميز فى فريقه وبالمنتخب وكأنه شعر بقصر الفترة المتاحة وأحس بدنو الأجل فأراد أن يكون له بصمة فى كتاب التاريخ الرياضى.
وكان له ما أراد وحقق بعضا من أمنياته قبل أن يرحل عن دنيانا وهو فى فورة الشباب ونضرة وخضرة الرجولة.. ورغم أن محمد حازم كان أحد الجبات اليانعة الطيبة فى عنقود الأفذاذ من أجيال الدراويش المتعاقبة غير أنه كان من مواليد محافظة الجيزة فى ٧ يونيو عام ١٩٦٠ ومن أسرة متوسطة الحال.. اهتم ربها بتعليم أبنائه الأربعة وأحدهم فتاة، فانتظم فتانا بكلية آداب عين شمس وبلغ السنة النهائية فيها واحتفظ لنفسه بحق تنمية قدراته المهارية وإمكاناته الفنية فلعب بشوارع حى شبرا ثم انضم لصبية النادى الإسماعيلى فى فترة التهجير اللعينة عام ٧٢ وكان فريقه يتدرب على ملعب مركز شباب الجزيرة واكتشف قدراته وهو فى سن مبكرة الكابتن محمد عثمان صاحب الفضل الأول على مسيرته وقدمه لطوسون المدير الفنى الذى تولى رعايته وقام بصقل ملكاته وأشركه فى أولى المباريات أمام فريق السكة الحديد بمناسبة افتتاح ملعبه ولعب بجوار فاكهة الكرة المصرية كابتن على أبوجريشة.. وكان من الطبيعى أن يفرض نفسه على القائمة الدولية ولعب مع المنتخب الوطنى الوطنى ١٥ مباراة رسمية ومثل مصر فى بطولة البحر الأبيض عام ٨٣ وأسهم فى الحصول على كأس الأمم الأفريقية عام ٨٦.. .
رافق بعض الموهوبين فى مسيرته الأولى أمثال عماد سليمان وأشرف صابر وهانى فؤاد وجمال عبدالخالق وأشرف عبدالقادر وخميس درويش.. ورغم نضجه الفنى وتفجر موهبته غير أنه لم ينتظم فى التدريبات لصعوبة التنقل بين القاهرة والإسماعيلية ومع رفضه تلبية نداءات الأندية القاهرية الكبيرة لعشقه لعروس القناة التى استقر المقام بها بعد أن رحل والده ووافقت الوالدة على الرحيل إليها.. كانت أولى مبارياته بالدورى ضد السويس عام ٧٧ ولم يحرز فيها أهدافا وكانت بداية تهديفه فى مرمى الترسانة..
وترقى حازم فى المكانة الفنية وتقلد شارة قيادة الدراويش وهو فى سن مبكرة عام ٨٠ ليصبح أصغر لاعب يصل إلى هذا الموقع.. حصد حازم لقب هداف الدورى مواسم٨٤، ٨٥، ٨٦ كان الخبير الكابتن الوحش الذى تولى تدريب المنتخب لأكثر من مرة مقتنعا بموهبة حازم وكان يحدثنى عنه على أنه الموهوب الواعد الذى لديه قدرات عالية ولديه مهارات رائعة تحتاج لبعض التوجيهات والتعديلات.. وكان الألمانى هيدرجوت قد فطن إلى بعضها وركز فى صقلها.. وعشق حازم القراءة والكتابة وله تجارب فى نظم الشعر وكان يبذل جهدا كبيرا فى التوفيق بين هواياته وعلمياته والكرة.. تعرض حازم لحادث رهيب على طريق الإسماعيلية - القاهرة يوم أن كان طريقا واحدا ذا اتجاهين وهو ليس بالطريق المتسع ورحل عن دنيانا فى ١١ نوفمبر عام ٨٦ وبكته الأعين التى عشقت فنه وهضمت سحره وتعرفت عليه وتابعت مشواره.