شخصيات و حكايات

محمد حازم.. موهوب الدراويش وفنان الحرافيش

موهوب الدراويش محمد‭ ‬حازم
موهوب الدراويش محمد‭ ‬حازم

شوقى‭ ‬حامد

لم‭ ‬ألمحه‭ ‬إلا‭ ‬بشوشا‭.. ‬لم‭ ‬أره‭ ‬إلا‭ ‬ضحوكا‭.. ‬لم‭ ‬تفارق‭ ‬وجهه‭ ‬الابتسامة‭.. ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬معالمه‭ ‬العبوس‭.. ‬غلب‭ ‬على‭ ‬طبعه‭ ‬التفاؤل‭.. ‬واكتست‭ ‬تقاطيعه‭ ‬باليمن‭.. ‬تمسك‭ ‬بالطموح‭ ‬وتحلى‭ ‬بالتحدى‭ ‬وتطلع‭ ‬لإثبات‭ ‬جدارته‭ ‬وتحقيق‭ ‬ذاته‭ ‬وسط‭ ‬كوكبة‭ ‬الدراويش‭ ‬الموهوبة‭.. ‬وثق‭ ‬فى‭ ‬قدراته‭.. ‬وأبرز‭ ‬إمكاناته‭ ‬وأعطى‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬وأخرج‭ ‬كل‭ ‬مكنوناته‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يحجز‭ ‬موقعه‭ ‬المتميز‭ ‬فى‭ ‬فريقه‭ ‬وبالمنتخب‭ ‬وكأنه‭ ‬شعر‭ ‬بقصر‭ ‬الفترة‭ ‬المتاحة‭ ‬وأحس‭ ‬بدنو‭ ‬الأجل‭ ‬فأراد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬بصمة‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬التاريخ‭ ‬الرياضى‭.

‬وكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أراد‭ ‬وحقق‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬أمنياته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬فورة‭ ‬الشباب‭ ‬ونضرة‭ ‬وخضرة‭ ‬الرجولة‭.. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬محمد‭ ‬حازم‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الجبات‭ ‬اليانعة‭ ‬الطيبة‭ ‬فى‭ ‬عنقود‭ ‬الأفذاذ‭ ‬من‭ ‬أجيال‭ ‬الدراويش‭ ‬المتعاقبة‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬محافظة‭ ‬الجيزة‭ ‬فى‭ ‬٧‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬١٩٦٠‭ ‬ومن‭ ‬أسرة‭ ‬متوسطة‭ ‬الحال‭.. ‬اهتم‭ ‬ربها‭ ‬بتعليم‭ ‬أبنائه‭ ‬الأربعة‭ ‬وأحدهم‭ ‬فتاة،‭ ‬فانتظم‭ ‬فتانا‭ ‬بكلية‭ ‬آداب‭ ‬عين‭ ‬شمس‭ ‬وبلغ‭ ‬السنة‭ ‬النهائية‭ ‬فيها‭ ‬واحتفظ‭ ‬لنفسه‭ ‬بحق‭ ‬تنمية‭ ‬قدراته‭ ‬المهارية‭ ‬وإمكاناته‭ ‬الفنية‭ ‬فلعب‭ ‬بشوارع‭ ‬حى‭ ‬شبرا‭ ‬ثم‭ ‬انضم‭ ‬لصبية‭ ‬النادى‭ ‬الإسماعيلى‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬التهجير‭ ‬اللعينة‭ ‬عام‭ ‬٧٢‭ ‬وكان‭ ‬فريقه‭ ‬يتدرب‭ ‬على‭ ‬ملعب‭ ‬مركز‭ ‬شباب‭ ‬الجزيرة‭ ‬واكتشف‭ ‬قدراته‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬الكابتن‭ ‬محمد‭ ‬عثمان‭ ‬صاحب‭ ‬الفضل‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬مسيرته‭ ‬وقدمه‭ ‬لطوسون‭ ‬المدير‭ ‬الفنى‭ ‬الذى‭ ‬تولى‭ ‬رعايته‭ ‬وقام‭ ‬بصقل‭ ‬ملكاته‭ ‬وأشركه‭ ‬فى‭ ‬أولى‭ ‬المباريات‭ ‬أمام‭ ‬فريق‭ ‬السكة‭ ‬الحديد‭ ‬بمناسبة‭ ‬افتتاح‭ ‬ملعبه‭ ‬ولعب‭ ‬بجوار‭ ‬فاكهة‭ ‬الكرة‭ ‬المصرية‭ ‬كابتن‭ ‬على‭ ‬أبوجريشة‭.. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬الدولية‭ ‬ولعب‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطنى‭ ‬الوطنى‭ ‬١٥‭ ‬مباراة‭ ‬رسمية‭ ‬ومثل‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬بطولة‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬عام‭ ‬٨٣‭ ‬وأسهم‭ ‬فى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬كأس‭ ‬الأمم‭ ‬الأفريقية‭ ‬عام‭ ‬٨٦‭.. ‬.

 

رافق‭ ‬بعض‭ ‬الموهوبين‭ ‬فى‭ ‬مسيرته‭ ‬الأولى‭ ‬أمثال‭ ‬عماد‭ ‬سليمان‭ ‬وأشرف‭ ‬صابر‭ ‬وهانى‭ ‬فؤاد‭ ‬وجمال‭ ‬عبدالخالق‭ ‬وأشرف‭ ‬عبدالقادر‭ ‬وخميس‭ ‬درويش‭.. ‬ورغم‭ ‬نضجه‭ ‬الفنى‭ ‬وتفجر‭ ‬موهبته‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬ينتظم‭ ‬فى‭ ‬التدريبات‭ ‬لصعوبة‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬القاهرة‭ ‬والإسماعيلية‭ ‬ومع‭ ‬رفضه‭ ‬تلبية‭ ‬نداءات‭ ‬الأندية‭ ‬القاهرية‭ ‬الكبيرة‭ ‬لعشقه‭ ‬لعروس‭ ‬القناة‭ ‬التى‭ ‬استقر‭ ‬المقام‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رحل‭ ‬والده‭ ‬ووافقت‭ ‬الوالدة‭ ‬على‭ ‬الرحيل‭ ‬إليها‭.. ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬مبارياته‭ ‬بالدورى‭ ‬ضد‭ ‬السويس‭ ‬عام‭ ‬٧٧‭ ‬ولم‭ ‬يحرز‭ ‬فيها‭ ‬أهدافا‭ ‬وكانت‭ ‬بداية‭ ‬تهديفه‭ ‬فى‭ ‬مرمى‭ ‬الترسانة‭.. ‬

 

وترقى‭ ‬حازم‭ ‬فى‭ ‬المكانة‭ ‬الفنية‭ ‬وتقلد‭ ‬شارة‭ ‬قيادة‭ ‬الدراويش‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬عام‭ ‬٨٠‭ ‬ليصبح‭ ‬أصغر‭ ‬لاعب‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭.. ‬حصد‭ ‬حازم‭ ‬لقب‭ ‬هداف‭ ‬الدورى‭ ‬مواسم٨٤،‭ ‬٨٥،‭ ‬٨٦‭  ‬كان‭ ‬الخبير‭ ‬الكابتن‭ ‬الوحش‭ ‬الذى‭ ‬تولى‭ ‬تدريب‭ ‬المنتخب‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬مقتنعا‭ ‬بموهبة‭ ‬حازم‭ ‬وكان‭ ‬يحدثنى‭ ‬عنه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الموهوب‭ ‬الواعد‭ ‬الذى‭ ‬لديه‭ ‬قدرات‭ ‬عالية‭ ‬ولديه‭ ‬مهارات‭ ‬رائعة‭ ‬تحتاج‭ ‬لبعض‭ ‬التوجيهات‭ ‬والتعديلات‭.. ‬وكان‭ ‬الألمانى‭ ‬هيدرجوت‭ ‬قد‭ ‬فطن‭ ‬إلى‭ ‬بعضها‭ ‬وركز‭ ‬فى‭ ‬صقلها‭.. ‬وعشق‭ ‬حازم‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬وله‭ ‬تجارب‭ ‬فى‭ ‬نظم‭ ‬الشعر‭ ‬وكان‭ ‬يبذل‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬فى‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬هواياته‭ ‬وعلمياته‭ ‬والكرة‭.. ‬تعرض‭ ‬حازم‭ ‬لحادث‭ ‬رهيب‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإسماعيلية‭ - ‬القاهرة‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬طريقا‭ ‬واحدا‭ ‬ذا‭ ‬اتجاهين‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بالطريق‭ ‬المتسع‭ ‬ورحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬فى‭ ‬١١‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬٨٦‭ ‬وبكته‭ ‬الأعين‭ ‬التى‭ ‬عشقت‭ ‬فنه‭ ‬وهضمت‭ ‬سحره‭ ‬وتعرفت‭ ‬عليه‭ ‬وتابعت‭ ‬مشواره‭.‬