بالفيديو| معاناة الليبيين خلال 3 سنوات حرب

صورة من الفيديو
صورة من الفيديو

يلعب الإعلام اليوم الدور الأكبر في تشكيل وعي الشعوب وتوثيق حاضره من خلال نقله للأحداث بشكل محايد وسريع يلاحق بها سرعة الأحداث التي تشهدها المجتمعات في عصر متلاحق بالخطوب والحروب مثل العصر الذي عاشته دولنا العربية في العقد الماضي. وكانت ليبيا من أبرز البلدان العربية التي عاشت في حروب وأحداث استدعت عدسات الكاميرات من المصورين إلى جانب أقلام الصحفيين مع مشاهدات الموثقين لكي يتمكن من المجتمع من فهم مجريات الأمور والتحرك باتجاه مصالح بلاده. لذلك حاورت شيرين هلال بعضا من الإعلاميين والإعلاميات في بنغازي لتوثيق شهادتهم عن حال البلاد في فترة الحرب والتي أُعلن توقفها في 5 يوليو 2017.

قال الإعلامي عوض البرغثي بقناة ليبيا الحدث في التقرير المصور عن فترة الحرب التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات قامت فيها التنظيمات إرهابية بطرد الأهالي من منازلهم بعد إعطائهم مهلة للخروج 48 ساعة لكل شارع على حدة وإلا يقتلون الجميع بلا رحمة ويستولون على منازلهم. عرف الليبيون التهجير القسري والخروج من دار الأمن إلى مخابئ يملؤها الخوف تحت وطأة التهديد المسلح. كانت المدارس والمنشآت الحكومية هي أحد المحطات التي اختبأ فيها من لا مأوى لهم وشهدت تلك الأماكن اكتظاظاً بالسكان الذين عاشوا أوضاعا غير إنسانية في وقت الحرب.

لفت البرغثي أيضا النظر إلى أزمة السيولة التي واجهت الشعب الليبي بسبب خلو المصارف من الأموال بالرغم من وجود أرصدة في حساباتهم البنكية فكانوا أمام أزمة نزوح مع غياب مورد صرف وظروف معيشية قاسية بين سوء تغذية وقطع للإمدادات وتهديد أمني خطير. عاش الناس على دعم المؤسسات الخيرية والمجتمع المدني إلى جانب توفير الجيش الليبي لبعض المساعدات التموينية والمادية للأهالي النازحة بالمدارس والأبنية الأخرى، والتي خرجت من بيوتها مساعدة للجيش في أداء مهمته بمواجهة الدواعش لتجنب تهديد المدنيين والوقوع أسرى للتنظيمات الإرهابية.

وقد فاجأ الشعب الليبي الجميع بصموده و تضحياته رغم الوحشية التي تعرض لها من ذلك التنظيم والخسائر الفادحة التي تكبدها، إلا أنه ضحى بالابن والبيت والحياة الكريمة في مقابل استرداد وطنه من قبضة هؤلاء المجرمين، ووقف خلف جيشه الوطني لإسترجاع بلاده والحفاظ على مستقبله من الدخول في نفق مظلم لن تستطيع الخروج منه أبدا ما دام هذا التنظيم وغيره على أرض ليبيا.

أما الإعلاميات الليبيات فكانت شهادتهم موثقة بالتصوير من خلال عدسة الأستاذة سارة العرفي والتي لاحقت الإرهابيين بكاميرتها من فوق الأسطح متخفية لكي لا تتعرض للملاحقة والقتل و استطاعت توثيق العديد من جرائمهم لشهور طويلة دون أن يتمكن التنظيم من معرفة هويتها. تعرضت العرفي للكثير من التضييق في الحركة وتغلبت على عقبات عديدة من أجل القيام برسالتها الإعلامية في أحلك ظروف عاشتها ليبيا وقت الحرب، إلا إنها كانت مصرة على البقاء لكشف جرائم التنظيمات الإرهابية والمساهمة في كشف النقاب عن المرتزقة والمتأمرين حتى لو كان الثمن تهديد أمنها وسلامتها.

لكن سرعان ما كشف داعش مهمة سارة العرفي في بنغازي بعد أشهر من النجاح والتوثيق بكاميرات لا تعرف الخوف وكاد أن يفتك بها، إلا إنها استطاعت الهروب إلى مصر و الإختباء بها لأكثر من عام. وجاء على لسان العرفي أنها لم تكن لتترك مدينتها تحت التهديد إلا أنها كانت تحاول نقل الصورة من براح أرحب تحت سماء القاهرة بلد الأمن والأمان. و تستطرد أنها تدين بالامتنان لبلدها الثاني مصر والذي تمكنت من خلال إقامتها به هربا من هؤلاء المجرمين من فضح المؤامرات الخبيثة الممولة من الخارج ضد بلادها.

 

أما الأستاذة سارة بن هلوم فتناولت تجربتها في زمن الحرب من زاوية غياب الهياكل الحكومية أو الغطاء النقابي للعمل الإعلامي منذ نشأة الدولة الحديثة خصوصا مع دخول المرأة للإعلام في وقت متأخر عن الرجل. فقالت أنهم شعروا بالإحتياج لذلك الدعم الغائب وقت أحداث الحرب بالداخل الليبي والذي لم يكن محسوسا بشكل كبير قبلها. وأضافت بن هلوم أن العمل الإعلامي شهد حراكا مكثفا وزخما كبيرا لتغطية الأحداث والذي قدمت المرأة فيه الكثير من الدعم إلى جانب العديد من التضحيات التي شهد بها الجميع.

عملت بن هلوم لسنوات عديدة من أجل خدمة الوطن وإنقاذه من بين براثن تلك التنظيمات الإرهابية غير عابئة بانعدام المقابل المادي ولكن على حد تعبيرها كانت تؤدي واجبها تجاه ليبيا الحرة والذي كانت على استعداد لخسارة حياتها في مقابل كرامته وحريته. وكان أبرز تلك الواجبات هو الوقوف خلف الميكرون بالإذاعة الليبية. ترى سارة بن حلوم في تقديم البرامج الخفيفة إلى جوار البرامج الإخبارية رفعا من الروح المعنوية للشعب الليبي؛ أرادت تقديمه للمساهمة في الحرب النفسية التي كانت تديرها داعش وغيرها داخل ليبيا من أجل إحباط الناس، وتمكنت إلى حد كبير من تقديم تلك المساهمة قدر استطاعتها برغم تعرضها هى الأخرى للتهديدات جراء استخفافها بوجود تنظيم مسلح يُحَرم الموسيقى والفن بشكل عام، ولكنها استمرت في دعم بلدها .