غجر القارة العجوز.. هل جذور الأوربيين أصلها مصرية؟

مجموعات من غجر أوروبا - أرشيف أخبار اليوم
مجموعات من غجر أوروبا - أرشيف أخبار اليوم

منذ مئات السنين وعبر آلاف الكيلو مترات، مضت قوافل عربات «الغجر» خلسة في الليالي الشاحبة، وعلى الأراضي التي تطفح نارًا بالصيف، وفوق التلال والجبال الوعرة التي تنطفيء ثلجًا في الخريف والشتاء، ساروا شبه عرايا مطرودين، ممزقين، حفاة الأقدام في الليالي القارسة. 

 

لم يكن لهم من هاد سوى نجوم السماء ومساراتها، ولم يكن لديهم من صديق سوى وحوش وحيوانات الطبيعة وطيور السماء، ومع المعاناة القاسية توحدت لغتهم مع لغة الحيوانات والطيور، وتألفت لغة عجيبة، فجميعهم غرباء، لكنهم كبشر كانوا متحدين. 

 

وعندما كانت المسيرات الطويلة تنال من جهدهم ويريدون التقاط أنفاسهم حطوا رحالهم عند مشارف المدن الكبرى، وكالمنبوذين الغرباء حرم عليهم دخول المدن أو ملامسة أهاليها أو الاختلاط بسكانها.

 

اقرأ أيضًا| رفضت مريم فخر الدين اعتذاره.. صلاح ذو الفقار يسقط مغشيا عليه

 

ولما فاض بهم الصبر وانفجر الانتظار الطويل وعوى ذئب الجوع في أحشائهم وبدأ الشحوب يعصف بصغارهم، طالت أظافرهم وبكل خبرة وسلوك الوحش القديم أحيانًا، والصديق الأليف أحيانًا أخرى تسللت جماعات منهم إلى المدينة بحثًا عن أية إمكانية تدفع الجوع عن صغارهم.

وهكذا كانت – فيما يرجح – بداية قوافل «الغجر» في وسط وشرق وجنوب وشمال أوروبا منذ مئات السنين، ويثير لفظ «غجري» في ذهن عامة الناس تصورات من السلوك الشاذ لمجموعة تعيش في انفصال عن الحضارة عن إصرار وتعمد، ورجالهم لصوص وقطاع طرق، ونساؤهم قارئات للكف وضاربات للودع. 

 

ومثل هذا التصور عن «الغجر» ليس حديثًا وإنما قديم منذ قرون، ساهم في غرسه في نفوس الأوروبيين عامة عدد من العوامل الدينية والتعصبية والعنصرية. 

 

الغجر بكل اللغات

 

ومن التأويلات التي تقال إن «الغجر» لم يكونوا من سكان أوروبا الأصليين وإنما وفدوا إليها مع موجات الهجرة التي وفدت لأوروبا من الشرق، وكانت لهم عقائدهم ودياناتهم وطقوسهم الخاصة بهم والتي تختلف عن الأديان السماوية.

 

فما هي الأصول التي يرجعون إليها ومن أين أتوا وكيف وصلوا إلى أوروبا؟

 

ثمة أقوال وأبحاث كثيرة تعرضت لهم جماعات «الغجر»، ولعل من أولى الصعوبات هي عدم وجود تاريخ محدد لهم، وحتى أسمائهم تختلف من مكان لآخر، فالغجري باللغة الإنجليزية يسمى «جيبسي»، وبالإسبانية يسمى «جيتانو»، وفي فرنسا يطلق عليه «البوهيمي» أي القادم من إقليم بوهيميا، وفي هولندا يعرف باسم «هنجاري» واللفظ الأخير لا ترجمة له سوى «المجري»، وقد استبعد العلماء ارتباطهم بالمجر إلا حديثًا. 

 

وعندما تعرف بعض العلماء على اللغة الغجرية فهموا أن اسم الغجري بهذه اللغة هو «روم» وترجمتها الإنسان أو الرجل.

 

الغجر ومصر

 

ومنذ سنوات كثيرة وانطلاقًا من لفظ «جيبسي» و«جيتانو» بالإنجليزية والإسبانية تصور عدد  كبير من الرأي العام في أوروبا أن أصول الغجر ترجع إلى مصر، استنادًا إلى وجود بعض الألفاظ العربية في لغتهم وإلى أنه أثناء وجودهم في اليونان في طريقهم إلى أوروبا عرفوا من القساوسة البيزنطيين أن أصلهم يرجع إلى مصر.

 

فالمؤرخين البيزنطيين اليونان كانوا يطلقون لفظ «أجيبتوس» على مصر نظرًا لقوتها ونفوذها، ومن ثم يربطون بين «أجيبتوس» التي انشق منها كلمة «جيبسي وجيتانو»، ولكن واقعة انتماء «الغجر» إلى المصريين ومصر سرعان ما زالت وبشكل كامل.

 

 المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم