اعتقد ان هذه الظواهر تهدد بشكل خطير الاستحقاق الثالث وهو انتخابات البرلمان المقبل، والذى قد يعد احد النقاط القادمة لإضعاف قوتنا الذاتية القوة  الذاتية هى احد العناصر الهامة للحفاظ على الامن القومى، ومصر تسير حاليا بخطى ثابتة فى هذا الاطار فهى تتحرك بوعى وحنكة من اجل اعادة بناء الدولة، والبناء يتطلب اعادة ترتيب البيت من الداخل اولا ووضع اسس اقتصادية وسياسية واجتماعية لارساء المبادىء الجديدة للدولة المصرية. فالوضع الامنى يأخذ مسارا تصاعديا ايجابيا بالرغم من بعض الاحداث هنا وهناك، بالاضافة الى استهداف المرافق العامة وخاصة شبكات الكهرباء وهو عمل يقتضى تغليظ العقوبة واعلان القائمين عليه بأنهم اعداء الشعب. كما نرى ان مشروع اقليم قناة السويس قد اضاء الأمل فى نفوس الجماهير المصرية داخل وخارج مصر وارى اننا امام ملحمة وطنية كان الشعب المصرى فى حاجه اليها لشحذ طاقته، والتفافه حول مشروع قومى كان يتطلع اليه. و على الصعيد الخارجى نجد ان مصر بدأت فى التحرك على المحاور الاستراتيجية لاستكمال جدارها الاستراتيجى الذى من شأنه اعادة تقديمها كدوله فاعله فى الأقليم وعلى الصعيد الدولى ايضا. و أعنى الزيارتين الهامتين للمملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية واتذكر هنا المقابلة التى اجرتها مجموعة من السياسيين المصريين منذ حوالى عام فى موسكو وكنت اشارك فيها مع السيد بريماكوف وزير خارجية روسيا الأسبق، وكان يحاول استكشاف عما اذا كان الاقتراب المصرى من روسيا هو خطوة استراتيجية حقيقية اما مجرد إثارة للولايات المتحدة وتحفيزها. و اعتقد الأيام أثبتت جدية تحركنا واقترابنا من موسكو وانه توجه استراتيجى حقيقى ولم يكن مجرد تكتيك  لتحفيز واشنطون. و أرى فى هذة الزيارة اهمية واضحة لتعميق هذا التوجه الاستراتيجى الذى يحمل دلالات كثيرة وهامة فى مرحلة دقيقة تمر بها مصر. اما زيارة المملكة العربية السعودية فأرى انه يجب ان تكون بداية لنظام عربى جديد دعائمة مصر والسعودية ويكون مبنيا على اسس سياسية يتم الاتفاق عليها وتطرح فيما بعد على باقى الدول العربية، لأن الوضع العربى اصبح لا يحتمل اهتراء النظام العربى الحالى والفوضى التى تعبث بالأمن القومى العربى، ويبدو ان مصر سيكون عليها واجب اعادة الصحوة العربية وقيادة الوعى العربى الذى انكسر فى الفترة الماضية بأساليب عربية ودولية. و لا شك ان احد عناصر قوتنا الذاتية هو اعادة دوران الاقتصاد الوطنى الذى يعد العمود الفقرى لأمننا القومى، وهناك بوادر ايجابية لانتعاش الاقتصاد الوطنى ولكن الأمر يتطلب نظرة شاملة وواسعة لقدرات هذا الوطن العظيم. لازلت ارى اننا يجب ان ننهض بصناعتنا الاولى وهى السياحة، فمقومات هذه الصناعة قائمة وموجودة ويجب ان نتحرك لأحيائها بأفكار جديدة خلاقة، كما اننا نمتلك ثورة تعدينية هائلة ستقفز بمقدرات هذا الوطن. كما اننا يجب ان نوجه اهتماما اكبر بالمصريين بالخارج ونضع الخطط للأستفادة من قدراتهم العلنية والاقتصادية، وأظن ان هناك توجها جديدا فى هذا الشأن. المصريون بالخارج هم احد عناصر قوتنا الذاتية التى يجب ألا نغفلها، ويكفى ان نتذكر ان تحويلاتهم للوطن العام الماضى كانت حوالى 20 مليار دولار. و نعود الآن الى محيطنا الاقليمى وهو يسخر حاليا لإضعاف القوة الذاتية لمصر، عن طريق اشعال الحرائق فى الدول المحيطة بمصر، حتى يكون هناك تهديد دائم للاستقرار فى مصر. و لكن نستطيع الادعاء بأن مصر نجحت فى اختبار لمحاولة تركيعها، فبالرغم من وجود مخاطر كثيرة تحيط بنا الا ان مصر اثبتت على مدار الأيام الماضية ان صمودها هو نتاج نجاحها وانه لا بديل عن استمرار هذا الصمود حتى تنجح التجربة المصرية. و قد تكون احد عناصر اضعاف قوتنا الذاتية هو الانقسام المجتمعى الذى اصبح سائدا هذه الأيام، واصابة المجتمع ببعض الأمراض حتى اصبحنا، وهنا استعير مقولة احد الاصدقاء نعانى من عدم التفرقة بين العمل التطوعى والعمل التطلعى. و اعتقد ان هذه الظواهر تهدد بشكل خطير الاستحقاق الثالث وهو انتخابات البرلمان المقبل، والذى قد يعد احد النقاط القادمة لإضعاف قوتنا الذاتية، ولكنى استطيع ان اؤكد ان وعى الشعب المصرى سيظل سيعطل من الآثار السلبية لهذا الموضوع وان المجلس لن يكون فى احسن اوضاعه ولكنه على الأقل سيمهد لحياة سياسية جديدة فى مصر لتستكمل نظامها الديموقراطى. الواضح ان امامنا عملا شاقا فى الفترة المقبلة، لكننى ارى روحا جديدة تدفع الدولة للأنجاز وهناك رغبة فى التقدم وبناء قوتنا الذاتية. قوة مصر الذاتية ستكون هى المؤثر الفعال لتحقيق الاستقرار الداخلى، لأن الشعب المصرى اذا كانت لدية القدرة على استكشاف ان هذه الدولة تسير فى الطريق الصحيح، فأنه لن يقبل تحت اى ضغوط ان يعرقل احد مسيرته وان ذلك سيقلل من الضغوط الخارجية والداخلية ايضا، وسيضع جماعة الإخوان فى مأزق لأنهم لن يستطيعوا اللحاق بمسيرة الوطن وسيستمروا فى عنادهم المقيت.  بالرغم من ان المنطقة كلها ادركت انه لا مكان للتطرف او للجماعات عابرة الحدود. من ايجابيات هذه المرحلة ان هناك مبادرات وحركات سياسية شعبية لا تأخذ الصفة الحزبية من اجل تنمية الوعى وتقديم صياغات جديدة للعمل المجتمعى الذى يهدف الى تحقيق وحدة نسيج المجتمع بما يعزز القوة الذاتية للوطن. ان المنطق الذى يجب ان يسود هذا الوطن هو التقدم للامام وتعزيز قوته الاقتصادية والعسكرية والسياسية والبشرية. امن مصر القومى مرهون بتعزيز قوتها الذاتية. قد تكون هناك توقعات عديدة فى هذه المرحلة الهامة مثل مبادرة انشاء مجلس استشارى تطوعى بدون القاب وبدون مرتبات، يضم كل من يريد ان يساهم فى نهضة الدولة. ويقدم للحكومة مبادرات ودراسات تساهم فى حل المشاكل المزمنة وتضيف زخما مجتمعيا ينمى الولاء والمواطنة. ويعطى القدوة للشباب الذى نتطلع الى مشاركته والعمل معه من اجل مصر.