شاعر «اليوتوبيا» المفقودة

شاعر «اليوتوبيا» المفقودة
شاعر «اليوتوبيا» المفقودة

عبد الهادى عباس

مؤخرًا عاد الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى من فرنسا بعد رحلة طويلة ليُواجه حدثين ثقافيين: أحدهما حزين، وهو وفاة صديقه الناقد الكبير د. جابر عصفور، والثانى سعيدٌ وهو صدور أحدث الدراسات الجادة عنه، كتاب: «أحمد عبد المعطى حجازى.. شاعر اليوتوبيا المفقودة» للناقد د. رضا عطية.. الصفحة الثقافية بـ «الأخبار» تواصلت مع الشاعر الكبير، ورصدت حزنه النبيل لرحيل صديقه الناقد د.جابر عصفور..

فقال: إن رحيله خسارة ثقافية كبيرة، ووجه عزاءه إلى أسرته وتلاميذه ولمن فقدوه، وأوضح حجازى قائلاً: لا أزال أقرأ كتاب «شاعر اليوتوبيا المفقودة» للناقد د. رضا عطية، حيث خرج من المطبعة حديثًا، إلا أنه من الواضح أن الباحث والناقد قدَّم عملًا له قيمته.

وأظن أنه قد قرأ بعض ما كُتب عنى، فهناك رسائل جامعية وغير جامعية ظهرت عن شعرى مؤخرًا، ومن الواضح أنه قد تابعها وأطلع عليها؛ ولهذا فإن كتابه، فى نظرى أو كما أشعر، جديرٌ بأن يحتلَّ مكانًا لائقًا بين هذه الأعمال، وعن عنوان الكتاب أشار حجازى إلى أنه لا يستطيع أن يحكم حكمًا شاملًا عنه إلا بعد إتمام قراءة كامل الكتاب، لأن العنوان إشارة مهمة للفكرة الرئيسية التى دار حولها البحث، قائلًا: لكننى أستطيع أن أراه عنوانًا مهمًّا، لأنه قائمٌ على فكرة وحقيقة مهمة، وهى أننى عشت زمنًا كان هو زمن اليوتوبيا»، وهذه «اليوتوبيا» لم تتحقق، لأنه لا توجد «يوتوبيا» تتحقق، فكل «اليوتوبيا» مفقودة.

وكذلك الأحلام والمدن الفاضلة التى لا يُمكن أن تتحقق إلا جزئيًا، لأن العالم يتطور بأفكاره التى تتجسد وتتشكل على الوجه الأكمل، وعن قيمة حجازى وضرورة تقديم كتاب عنه، يؤكد مؤلف الكتاب، الناقد د. رضا عطية، أن قيمة الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى الثمينة تأتى فى النقلة النوعية التى أحدثها فى القصيدة المصرية والعربية.. فى الموضوع الذى عبَّر عنه.. فى خطاباته عن تحديات الواقع الاجتماعى وتكويناته وحياة الإنسان فيه بين الانتماء له والاغتراب عنه، وتعبيره الجمالى عن الهموم الكبرى للإنسان بعامة والشخصية المصرية العربية.

وكذلك الدور الريادى والمساهمة التأسيسية فى نوع القصيدة التفعيلية الموزونة كشكل شعرى متطوِّر يلبى متطلبات الشاعر فى التعبير عن الواقع الجديد والهموم الفلسفية الكبرى التى تشاغله ويتيح له حرية جمالية أكثر من قالب الشعر العمودى من ناحية ولا يُسقِط شرط الوزن الشعرى من ناحية أخرى، وعن مكانة الكتاب يشير المؤلف إلى أنه يجىء الخامس فى الترتيب الزمنى لإصداراته بعد كتابه عن نجيب محفوظ (العائش فى السرد)، وكتبه عن سعد الله ونوس، وسعدى يوسف، وسركون بولص الذى نال جائزة الدولة التشجيعية فى نقد النص الشعرى.

ويقول رضا: لكنَّ كتابى عن حجازى يكاد يكون الأهم بين كتبى، لأنَّه دراسة متشعبة فيما يناهز 85 ألف كلمة عن شاعر رائد فى الحداثة الشعرية العربية، نالت نصوصه حضورا كبيرا ولافتا منذ منتصف القرن العشرين فى أرجاء الوطن العربي، غير أنَّ التناول النقدى لتجربة حجازى الشعرية، على كثرة من كتبوا عنه، لم تجد ما يعادل قيمتها من كتب نقدية تدرس تجربة الشاعر الكبير بامتدادها فى الزمن واتساعها فى موضوعات وفنون القول الشعرى؛ فلم يصدر عن حجازى غير عدد قليل جدًا من الكتب، مثل كتاب د. مصطفى ناصف «أحمد حجازى الشاعر المعاصر» الذى كان دراسة فى ديوان واحد فقط لحجازى، (كائنات مملكة الليل).

اقرأ ايضا | طارق النعمان يكتب: في محبة جابر عصفور.. وفي محبة الترجمة