1
يبدو أن الأزمة نفسية.. قالها لى زميل وأنا أطرح عليه السؤال لماذا يكرهون الفن؟، قديما كانوا يحرمونه ويحرمون من يعمل به، فلنحمد الله فهذه النبرة قد خفت قليلا، الحقيقة أن إشكالية تحريم وكراهية الفن ليست وليدة الساعة، ليست أيضا مقصورة على فئة محددة، ولا تنتمى إلى تيار بعينه، الحكاية قديمة، الفن ومن يعمل به فى نظر البعض على مر العصور إثم، لكن العجيب أن من يحمل هذا الرأى دائما ما تجده مشاهد ومتابع جيد لأهل الفن، لكنهم دائما ما يهيلون التراب على الفن وأصحابه، يبدو أن المسألة فعلا نفسية، يبدو أن هناك حاجز قائم منذ زمن لا أعلم الحقيقة من أقامه.
2
منذ أن تم اختراع وسائل التواصل الاجتماعى وأصبح هناك متغير جديد لا يمكن تجاهله فى العلاقة بين الفنانين وجمهورهم، أصبح لزاما على أهل الفن إنشاء صفحات خاصة بهم، وأصبحت هذه الصفحات تستقطب الملايين، أحيانا تكون نسب المتابعة مصدر للتباهى، ولكنها فى أغلب الأوقات مصدر إزعاج خاصة، وهناك آلاف من الحسابات الوهمية التى يتوارى خلفها بشر لا تعرف إلى أى مدى هم أسوياء، وفى أغلب الأوقات وللأسف الشديد ليسوا كذلك، بشر يعانون من أمراض مزمنة وحقد دفين ولا تعرف على وجه الدقة أى معلومة مؤكدة عنهم، هؤلاء يبدو وأنهم احترفوا التنقيب فى القبور ويتلذذون بذلك ويفخرون به، لا رادع لهم ولا سلطان عليهم.
3
تعاطف تام مع ممثل أصابه مرض، فعل صادق وشعور نبيل، وفجـأة تجد من بين المعلقين شامتا!!.
وفاة ممثلة وفى ذروة الحزن عليها هناك من يشعرك بأنك فى كوكب لا آدمى متمنيا الوفاة لأهل الفن جميعا!!.
رأى لا يعجبك لفنان ربما تكون محقا فى انتقادك له لكن ما ذنب عائلته برأيه وما دخل باق أهل الفن لتكيل للجميع السباب!، تكريم لممثلة ربما لا ترضى عنه لكن ما دخل البلد بذلك لتتفنن فى إظهار ما ليس فيها بغضب، ورأى يصل إلى حد التجريح فى الجميع؟!.
4
على جانب آخر هناك أفعالا لا نرضاها من أهل الفن، وهذا واضح للجميع، استفزاز مدفوع برغبة فى احتلال المشهد وتصدر “التريند”، وكلها أشياء نعلمها، هناك محاولات ظهور للبعض بعد أن خفت نجمهم، وعودة لا علاقة لها بالفن، هناك خلل نفسي وشخصى عند البعض، ولا ننكر لكن الاصرار على أن الكل فى كفة واحدة وتعميم السلوك الفردى غير مقبول ولا منطقى، أعلم اننا كلنا بشر، وأن الخطأ وارد، وأن من حق النجم أن يعيش حياته كإنسان عادى، لكن دائما هناك مسئولية، هناك صورة للفن والفنان تتأثر حتى دون أن تدرى، هناك متابعات ونية لاصطياد كل ما هو غريب وعجيب.
5
الأزمة مستمرة وسوف تستمر دون أن تدرى أسبابها، دون أن تعلم إلى أى مدى أهمية الفن عندنا، دون حتى التفكير فى ما يمكن أن يغيره الفن، يبدو أنها نفسية بالفعل، يبدو أننا لن نتقابل فى منطقة وسطى ويبدو أن الحديث عن الفجوة سوف يزيد يوما بعد آخر ولن نضع له حدا، يبدو أن كل فريق يصر على رأيه ويمضي غير مبال بالأضرار الحقيقية لهذه الفجوة، الشامتون والغاضبون والكارهون سوف يظلون فى هذه المنطقة لن يلتفتون لأهمية الفن ودوره، وما يمكن أن يفعله بالأمم، ولن يروا فى الورد إلا أشواكه، ولا يخجلون من ذلك، ولا يقفون لحظة مع النفس ليعرفوا الخطأ من الصواب، وأهل الفن لن يقفوا هم أيضا مع أنفسهم ليعرفوا أنهم أصحاب رسالة، وأن هناك مسئولية حقيقية ملقاة عليهم، وأن كل تصرف يأتون به يجب أن يكون بحساب.