خالد محمود يكتب .. 5 أفلام «لا هوليوودية» في انتظار «الأوسكار»

خالد محمود
خالد محمود

جاءت‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬للمنافسة‭ ‬على‭ ‬“أوسكار‭ ‬أفضل‭ ‬فيلم‭ ‬ناطق‭ ‬بلغة‭ ‬أجنبية”،‭ ‬لتضم‭ ‬15‭ ‬فيلما،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬5‭ ‬أفلام‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تمثل‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬السينمائي‭ ‬المعاصر،‭ ‬ونالت‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الإعجاب‭ ‬لدى‭ ‬النقاد،‭ ‬وأيضا‭ ‬مشاهديها‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ .‬تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬بالفعل‭ ‬هي‭ ‬نقلات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬سينما‭ ‬العالم‭ ‬الـ”لا‭ ‬هوليوودي”،‭ ‬والذي‭ ‬ينبئ‭ ‬بخلود‭ ‬أسماء‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬سيبقون‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭.‬

‭  ‬أنا‭ ‬رجلك

يأتي‭ ‬الفيلم‭ ‬الألماني‭ ‬“أنا‭ ‬رجلك”‭ ‬للمخرجة‭ ‬ماريا‭ ‬شرادر،‭ ‬ليمثل‭ ‬حالة‭ ‬إبداعية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬فكرته،‮ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬لبراعة‭ ‬أداء‭ ‬بطليه،‮ ‬‭ ‬مارين‭ ‬إيجيرت‭ ‬ودان‭ ‬ستيفنز،‭ ‬ويتناول‭ ‬الفيلم‭ ‬قصة‭ ‬“ألما”‭ ‬العالمة‭ ‬في‭ ‬متحف‭ ‬“بيرجامون”‭ ‬الشهير‭ ‬ببرلين،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬بحثي‭ ‬لدراساتها،‭ ‬تقبل‭ ‬عرضا‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬أسابيع،‭ ‬حيث‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬آلي‭ ‬شبيه‭ ‬بالبشر‭ ‬تم‭ ‬تصميم‭ ‬ذكائه‭ ‬الإصطناعي‭ ‬للسماح‭ ‬له‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬شريك‭ ‬حياتها‭ ‬المثالي،‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬دراما‭ ‬تستكشف‭ ‬مفاهيم‭ ‬الحب‭ ‬والشوق،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬بشرا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معانى‮ ‬‭ .‬

قامت‭ ‬ماريا‭ ‬شريدر‭ ‬متعددة‭ ‬المواهب،‭ ‬وصانعة‭ ‬أفلام‭ ‬بارعة،‭ ‬بتكييف‭ ‬قصة‭ ‬إيما‭ ‬براسلافسكي‭ ‬وأضفت‭ ‬عليها‭ ‬قوى‭ ‬السينما‭ ‬الموحية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬فهم‭ ‬عميق‭ ‬لكيمياء‭ ‬التمثيل،‭ ‬وقامت‭ ‬بإلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬شخصياتها‭ ‬العالمة‭ ‬والحبيب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وتدخل‭ ‬في‭ ‬مساحة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬الإخراجية‭ ‬السابقة‭.‬

فـ”ألما”‭ ‬إمرأة‭ ‬مستقلة‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالحب‭ ‬مع‭ ‬رجل،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالحب‭ ‬مع‭ ‬آلة‭ ‬ذات‭ ‬عقل‭ ‬إلكتروني؟

ويحاول‭ ‬الروبوت‭ ‬الوسيم‭ ‬“توم”‭ - ‬البريطاني‭ ‬دان‭ ‬ستيفنز‭ ‬بأداء‭ ‬مدهش‭ - ‬إسعاد‭ ‬“ألما”،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬ذخيرته‭ ‬المعرفية‭ ‬الهائلة‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬النساء‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اختلافها‭ ‬عن‭ ‬أغلب‭ ‬النساء‭ ‬يأتي‭ ‬ببعض‭ ‬النتائج‭ ‬العكسية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬كتبته‭ ‬شرادير‭ ‬بمشاركة‭ ‬يان‭ ‬شومبورج‭ ‬إستنادًا‭ ‬على‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬لإيما‭ ‬براسلافسكي،‭ ‬يتجاوز‭ ‬التوقعات‭ ‬والافتراضات‭ ‬المسبقة،‭ ‬ويأتي‭ ‬بالجديد‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الفيلم‭ ‬يستحق‭ ‬الوجود‭ ‬داخل‭ ‬المنافسة‭.‬

“ألما”‭ ‬ذات‭ ‬العقل‭ ‬المرتب‭ ‬الواقعي،‭ ‬تضبط‭ ‬داخلها‭ ‬مشاعرًا‭ ‬تتنامى‭ ‬نحو‭ ‬الرجل‭ ‬الوسيم‭ ‬الذي‭ ‬فعلت‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬كي‭ ‬تثبت‭ ‬له‭ ‬ولنفسها‭ ‬إنه‭ ‬مجرد‭ ‬آلة‭ ‬مصممة‭ ‬لإسعادها،‭ ‬لكنه‭ ‬يفاجئها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬خيالها‭: ‬“أن‭ ‬يفهمها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نفسها،‭ ‬فيعرف‭ ‬متى‭ ‬يُلبى‭ ‬ومتى‭ ‬يتجاهل،‭ ‬متى‭ ‬يكون‭ ‬صريحًا‭ ‬واضحًا‭ ‬ومتى‭ ‬يخفي‭ ‬حدة‭ ‬بعض‭ ‬الأمور،‭ ‬يتقبل‭ ‬انفجارها‭ ‬ببرود‭ ‬يليق‭ ‬بروبوت،‭ ‬ويظهر‭ ‬حرارة‭ ‬وحميمية‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تحتاجهما‭ ‬فيه”‭.‬

ذكاء‭ ‬الفيلم‭ ‬يكتمل‭ ‬بقرار‭ ‬المخرجة‭ ‬ألا‭ ‬تنحاز‭ ‬لأي‭ ‬رأي‭ ‬حول‭ ‬المسألة،‭ ‬مكتفية‭ ‬بعرضها‭ ‬الدرامي‭ ‬لكافة‭ ‬أوجه‭ ‬الأمر،‭ ‬دون‭ ‬تحيزات‭ ‬مسبقة‭ ‬أو‭ ‬تصورات‭ ‬نمطية،‭ ‬تاركة‭ ‬الحكم‭ ‬لتقدير‭ ‬المُشاهدين‭ ‬الذين‭ ‬سيسأل‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬نفسه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيحب‭ ‬امتلاك‭ ‬نسخته‭ ‬من‭ ‬توم،‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬المصمم‭ ‬بعناية‭ ‬ليلائم‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬يستعيضون‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬متاعب‭ ‬العلاقات‭ ‬التقليدية‭ ‬بشريك‭ ‬مصمم‭ ‬بعناية‭ ‬تجعله‭ ‬يقول‭ ‬مطمئنًا‭ ‬“أنا‭ ‬رجلك”؟

‭ ‬‭ ‬أسوأ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم

يأتي‭ ‬فيلم‭ ‬“أسوأ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم”‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬أعمال‭ ‬المخرج‭ ‬النرويجي‭ ‬واكيم‭ ‬ترير‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬مسيرة‭ ‬مهنية‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬أمتدت‭ ‬لـ15‭ ‬عاما،‭ ‬حيث‭ ‬يقدم‭ ‬هنا‭ ‬كوميديا‭ ‬رومانسية‭ ‬مدهشة‮ ‬‭ ‬بعد‭ ‬أفلامه‭ ‬السابقة‭ ‬القاسية‭ ‬دراميا،‭ ‬مثل‭ ‬“ثيلما،‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬القنابل،‭ ‬كرر،‭ ‬أوسلو‭ ‬31‭ ‬أغسطس”،‭ ‬وهي‭ ‬أفلام‭ ‬تقتحم‭ ‬حياة‭ ‬الشباب‭ ‬النرويجي‭ ‬وأعرافهم‭ ‬المنهكة‭ .‬

“أسوأ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم”،‭ ‬يروي‭ ‬قصة‭ ‬“جولي”‭ - ‬ريناتي‭ ‬رينسف‭ - ‬وهي‭ ‬إمرأة تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬30‭ ‬عاما،‭ ‬تشبه‭ ‬الفراشة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تهدأ،‭ ‬تتبادل‭ ‬المهن‭ ‬بالنهار‭ ‬وشريكها‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الحب‭ ‬ليلاً،‭ ‬وتمثل‭ ‬حالة‭ ‬للشباب‭ ‬الذين‭ ‬يتعثرون‭ ‬بجهل‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬البلوغ‭ ‬والنضج،‭ ‬حتى‭ ‬يتحول‭ ‬وجودها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬علاقتين‭ ‬مغيّرتين‭ ‬للحياة،‭ ‬واحدة‭ ‬مع‭ ‬فنان‭ ‬الروايات‭ ‬المصورة‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا‭ ‬“أكسل”‭ - ‬دانييلسن‭ ‬لاي‭ - ‬والأخرى‭ ‬مع‭ ‬“باريستا‭ ‬إيفيند”‭ - ‬هربرت‭ ‬نوردرم‭ - . ‬

يصور‭ ‬العمل‭ ‬كيف‭ ‬تتنقل‭ ‬“جولي”‭ ‬بفوضوية‭ ‬وجودية‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬العاطفية،‭ ‬وتكافح‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬حياتها‭ ‬المهنية،‭ ‬مما‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬واقعية‭ ‬على‭ ‬“من‭ ‬هي‭ ‬حقًا”‭.‬

يتتبع‭ ‬السيناريو‭ - ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬ترير‭ ‬مع‭ ‬شريكه‭ ‬الدائم‭ ‬“إسكيل”‭ ‬فوجت‭ - ‬،‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬والمواقف‭ ‬والمواجهات‭ ‬مستخدما‭ ‬عناوين‭ ‬فصول‭ ‬السنة‭ ‬لصالح‭ ‬الحبكة‭ ‬الدرامية،‭ ‬حيث‭ ‬يتكون‭ ‬الفيلم‭ ‬من12‭  ‬فصلاً‭ ‬بأطوال‭ ‬مختلفة،‭ ‬ومقدمة‭ ‬وخاتمة‭ ‬“تسمى‭ ‬جولي‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬فصلاً”،‭ ‬يروي‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬حكاية‭ ‬محتواة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬يبني‭ ‬على‭ ‬الأخير،‭ ‬ويؤرخ‭ ‬المسار‭ ‬المتوقف‭ ‬لهذه‭ ‬المرأة‭ ‬الشابة‭ ‬نحو‭ ‬بلوغ‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ويساعد‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬السردي،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يتحول‭ ‬من‭ ‬الدراما‭ ‬إلى‭ ‬الكوميديا‭ ‬إلى‭ ‬الرومانسية،‭ ‬والعودة‭ ‬برشاقة‭ ‬فنية‭.‬

نشاهد‭ ‬الوضع‭ ‬المتعلق‭ ‬بعلاقة‭ ‬“جولي”‭ ‬المتدهورة‭ ‬مع‭ ‬والدها،‮ ‬‭ ‬كذلك‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬حياتها‭ ‬المهنية‭ ‬بعد‭ ‬فصل‭ ‬الافتتاح‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬مجال‭ ‬تعلقنا‭ ‬بشغف‭ ‬بالعمل‭ ‬الإبداعي،‭ ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬ذلك‮ ‬‭ ‬يعود‭ ‬لمهارة‭ ‬الأداء‭ ‬للأبطال‭ ‬في‭ ‬تجسيدهم‭ ‬بإقتدار‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬الميلودرامي‭ ‬للأحداث‭ ‬والمشاهد‭ ‬المتسلسلة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬الانفصال‭ ‬الرائع‭ ‬الممتد‭ ‬بين‭ ‬“جولي”‭ ‬و”أكسيل”،‭ ‬إنه‭ ‬أحد‭ ‬أفضل‭ ‬المشاهد‭ ‬المكتوبة،‭ ‬جسدته‭ ‬ببراعة‭ ‬تثير‭ ‬الإعجاب‭ ‬ريناتي‭ ‬رينسف‭ - ‬التي‭ ‬حصدت‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬ممثلة‭ ‬بمهرجان‭ ‬“كان”‭ - ‬وكأنه‭ ‬أداء‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأبعاد‭ ‬متلألأ‭ ‬ومضيء،‭ ‬يخلط‭ ‬بين‭ ‬التمثيل‭ ‬النسائي‭ ‬وبين‭ ‬الاستكشاف‭ ‬الأنثوي،‭ ‬وتعد‭ ‬مفتاح‭ ‬سحر‭ ‬الفيلم،‭ ‬ونرى‭ ‬“جولي”‭ ‬تتخذ‭ ‬عدة‭ ‬قرارات‭ - ‬جيدة‭ ‬وسيئة‭ - ‬وتقود‭ ‬حياتها،‭ ‬مثل‭ ‬انفصالها‭ ‬عن‮ ‬‭ ‬“أكسيل”‭ ‬لتلقي‭ ‬وألقت‭ ‬بنفسها‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬جديدة‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬ايفند‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬منظور‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬نشعر‭ ‬بالحكمة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬يجعلها‭ ‬من‭ ‬هي‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬تتجه،‭ ‬وكذلك‭ ‬اكسيل‭ ‬“‭ ‬دانييلسن‭ ‬لي”،‭ ‬الذى‭ ‬يعد‭ ‬الروح‭ ‬الاخرى‭ ‬للفيلم‭ ‬بأداءه‭ ‬الحساس‭ ‬كرجل‭ ‬أكبرسنًا‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬صديقة‭ ‬شابة،‭ ‬و‭ ‬يؤسس‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬الحشمة‭ ‬المتأصلة‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭ ‬وهويتصرف‭ ‬بقلبه‭ ‬تمامًا‭ ‬،‭ ‬ويعطي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديه‭ ‬،‭ ‬كونه‭ ‬رجلًا‭ ‬ضعيفًا‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ .‬

في‭ ‬فيلمه‭ ‬المصنوع‭ ‬بشكل‭ ‬رائع‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬النهاية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬التوجيه‭ ‬الفني،‭ ‬أو‭ ‬التصوير،‭ ‬أو‭ ‬الكتابة،‭ ‬حيث‭ ‬النص‭ ‬منظم‭ ‬ببراعة،‭ ‬يضيف‭ ‬كل‭ ‬“فصل”‭ ‬إلى‭ ‬فهمنا‭ ‬لتطور‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬يستعيد‭ ‬ترير‭ ‬الدراما‭ ‬الرومانسية‭ ‬كنوع‭ ‬جاد،‭ ‬يستحق‭ ‬الاهتمام‭ ‬إنه‭ ‬فيلم‭ ‬يتنفس‭ ‬بعمق،‭ ‬ويتطرق‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المعاصرة،‭ ‬الحب‭ ‬والمواعدة‭ ‬والغش‭ ‬والجنس‭ ‬والوظيفة‭ ‬والطموح،‭ ‬زيأخذنا‭ ‬لنظرة‭ ‬كاملة‭ ‬لحياة‭ ‬الشاب،‭ ‬مركزاعلى‭ ‬خيوط‭ ‬طويلة‭ ‬شفافة‭ ‬مترابطة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬ولن‭ ‬يواجه‭ ‬الجمهور‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬نفسه في‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬والتعلق‭ ‬بتجارب‭ ‬حياتها‭.‬

يدخلنا‭ ‬ترير‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الدقيقة‭ ‬لحياة‭ ‬“جولي”،‭ ‬وكل‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬النفس،‭ ‬فنراها‭ ‬ونتفهمها‭ ‬ونرى‭ ‬فيها‭ ‬أنفسنا‭ ‬بكل‭ ‬محاولاتنا‭ ‬ومساعينا‭ ‬وخيباتنا‭ ‬ومباهجنا‭ ‬الصغيرة‭.‬

“أسوأ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم”،‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬ذات‭ ‬بصيرة‭ ‬نافذة‭ ‬ورؤية‭ ‬إنسانية‭ ‬مرهفة‭ ‬يقدم‭ ‬هنا‭ ‬وصفة‭ ‬للإمتاع‭ ‬والدهشة‭ ‬لمختلف‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية،‭ ‬فمن‭ ‬هم‭ ‬دون‭ ‬العشرين‭ ‬سيجدون‭ ‬فيه‭ ‬ثورة‭ ‬أمالهم‭ ‬وأحلامهم‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬الشباب،‭ ‬وما‭ ‬تؤول‭ ‬إليه‭ ‬عند‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬العمر،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬نضج‭ ‬الأربعين،‭ ‬فسيرون‭ ‬فيه‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬صباهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحياة‭ ‬الرومانسية‭ ‬لبطلته‭ ‬وهي‭ ‬تحاول‭ ‬اتخاذ‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬ويتنقل‭ ‬ترير‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬رحلة‭ ‬تتعثر‭ ‬فيها،‭ ‬ويتابع‭ ‬بعدسته‭ ‬كل‭ ‬محاولاتها‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الذات‭.‬

الفيلم‭ ‬يتعمق‭ ‬بحق‭ ‬في‭ ‬تأملات‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬الحرية‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬كـ”زوجين”‭ ‬أو‭ ‬“حبيبين”،‭ ‬وحدودها‭ ‬والضغط‭ ‬الإجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بها‭.‬

قد‭ ‬يتم‭ ‬وصف‭ ‬“جولي”‭ ‬بأنها‭ ‬“الأسوأ”‭ ‬في‭ ‬الاستنكار‭ ‬العام‭ ‬للذات‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ - ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الشغف‭ ‬إلى‭ ‬العاطفة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اتجاه‭ ‬حقيقي‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ - ‬لكنها‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فهي‭ ‬شخصية‭ ‬معقدة،‭ ‬لكن‭ ‬ليست‭ ‬أسوأ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ - ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬بالذات‭ - ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الكمال‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬إنها‭ ‬تشعر‭ ‬وكأنها‭ ‬شخص‭ ‬حقيقي،‭ ‬مع‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬العيوب،‭ ‬والميزات،‭ ‬والفرص‭ ‬الضائعة،‭ ‬والاكتشافات‭ ‬العرضية‭ ‬في‭ ‬الفيلم،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فأنت‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬أبدًا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬أحلامك‭.‬

‭ ‬صلاة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المسلوبين

في‭ ‬الفيلم‭ ‬المكسيكي‭ ‬“صلاة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المسلوبين”،‭ ‬للمخرجة‭ ‬تاتيانا‭ ‬هيزو،‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬جبلية‭ ‬صغيرة‭ ‬مزقتها‭ ‬الحرب‭ ‬وماتزال‭ ‬تُرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عيون‭ ‬3‭ ‬فتيات‭ ‬صغيرات‭ ‬في‭ ‬طريقهن‭ ‬إلى‭ ‬المراهقة‭: ‬“آنا‭ ‬وماريا‭ ‬وباولا”،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفتيات‭ ‬يتصارعون‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬وفق‭ ‬سرد‭ ‬متسلسل‭ ‬زمنيا،‮ ‬ويركز‭ ‬الفيلم‭ ‬على‭ ‬الصداقة‭ ‬بينهن،‭ ‬ونشاهد‭ ‬“آنا”‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬طفلة‭ ‬صغيرة‭ ‬وهي‭ ‬تحفر‭ ‬حفرة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مع‭ ‬والدتها‭ ‬كوسيلة‭ ‬تختبئ‭ ‬بها،‭ ‬فالاختباء‭ ‬مهارة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعرفها‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة،‮ ‬وجعلت‭ ‬الأمهات‭ ‬والبنات‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تأهب‭ ‬مستمر‭ ‬ضد‭ ‬الخاطفين‭ ‬المتوحشين‭ ‬والمغتصبين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القانون،‭ ‬وتتكرر‭ ‬عمليات‭ ‬خطف‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات،‭ ‬وأبائهن‭ ‬الغائبين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬ويعملون‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬لإرسال‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬الوطن،‭ ‬وليسوا‭ ‬موجودين‭ ‬للدفاع‭ ‬عنهن،‭ ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬المشاهد‭ ‬الأكثر‭ ‬عاطفية،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬“آنا”‭ ‬أن‭ ‬تقص‭ ‬شعرها‭ ‬لتبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬صبي،‭ ‬هذه‭ ‬الخسارة‭ ‬الظاهرة‭ ‬لطفولة‭ ‬“آنا”‭ ‬أمر‭ ‬مفجع‭- ‬تقدم‭ ‬كريستينا‭ ‬أوردونيز‭ ‬جونزاليس‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬“آنا”‭ ‬أداءً‭ ‬مدهشا‭ - ‬وبفضل‭ ‬صديقاتها‭ ‬“ماريا‭ ‬وباولا”،‭ ‬تتجاوز‭ ‬أمورا‭ ‬كثيرة‭.. ‬هناك‭ ‬سحر‭ ‬حقيقي‭ ‬للصداقة‭ ‬التي‭ ‬يتقاسمها‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬والوقت‭ ‬الذي‭ ‬يقضيوه‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬بأكمله،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عالمهم،‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬الأطفال‭: ‬بلانكا‭ ‬إتزل‭ ‬بيريز‭ (‬ماريا‭)‬،‭ ‬كاميلا‭ ‬جال،‭ ‬وآنا‭ ‬كريستينا‭ ‬جونزاليس‭ (‬آنا‭)‬،‭ ‬وعززت‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬حقًا‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬وهناك‭ ‬ضحك‭ ‬وحب،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خطر‭ ‬وشيك‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬فإن‭ ‬صداقتهم‭ ‬تسود،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬أبدًا‭ ‬عندما‭ ‬يكبرون‭.‬

تبدأ‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬في‭ ‬النمو،‭ ‬ويصبح‭ ‬الخطر‭ ‬أقرب‭ ‬بكثير،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يفقد‭ ‬الثلاثي‭ ‬سحرهم‭ ‬أبدًا،‭ ‬وما‭ ‬زالن‭ ‬قادرات‭ ‬على‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬اللحظات‭ ‬الرائعة‭ ‬بين‭ ‬الإضطرابات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولهم،‭ ‬يخرجون‭ ‬ويشربون‭ ‬ويتحدثون‭ ‬إلى‭ ‬الرجال،‭ ‬لكنهم‭ ‬يظلون‭ ‬دائمًا‭ ‬معًا‭ ‬كحزمة‭ ‬واحدة‭.‬

عندما‭ ‬تكبر‭ ‬الفتيات‭ ‬يصبحن‭ ‬أكثر‭ ‬وعيًا‭ ‬بما‭ ‬يحيط‭ ‬بهن،‭ ‬يفهمن‭ ‬خطورة‭ ‬الموقف‭ ‬أكثر‭ ‬قليلاً،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يشعرن‭ ‬أبدًا‭ ‬أنهن‭ ‬يفهمن‭ ‬تمامًا‭ ‬سبب‭ ‬وجودهن‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬شرح‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬للجمهور‭ ‬أبدًا،‭ ‬وهذا‭ ‬يخلق‭ ‬إحساسًا‭ ‬مختلفًا‭ ‬بعدم‭ ‬المعرفة،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ ‬موضوع‭ ‬الفيلم‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يشاهدونه‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬يصل‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬ذروته،‭ ‬فإنه‭ ‬يقابل‭ ‬بنهاية‭ ‬متوترة‭ ‬ومفجعة‭ ‬والتي‭ ‬تجلب‭ ‬حقًا‭ ‬كل‭ ‬رعب‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬والألم‭ ‬والأذى‭ ‬والحسرة‭ ‬والخوف‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭.‬

قد‭ ‬لا‭ ‬يتعمق‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬الجبال،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تعتبر‭ ‬“صلاة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المسروقين”‭ ‬قصة‭ ‬ساحرة‭ ‬مؤثرة‭ ‬وعاطفية‭ ‬قوية‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬الصداقة‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬المضطربة‭.‬

‭  ‬يد‭ ‬الله

يقدّم‭ ‬لنا‭ ‬المخرج‭ ‬الايطالى‭ ‬باولو‭ ‬سورينتينو‭ ‬دراما‭ ‬انسانية‭ ‬ملهمة،‭ ‬من‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬نابولي،‭ ‬حيث‭ ‬يواصل‭ ‬الشاب‭ ‬“فابيتو”‭ ‬حبه‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬مع‭ ‬وقوع‭ ‬مأساة‭ ‬عائلية،‭ ‬مشكلاً‭ ‬مستقبله‭ ‬الغامض،‭ ‬لكن‭ ‬الواعد‭ ‬كمخرج‭.‬

يتتبع‭ ‬الفيلم‭ ‬“فابيتو”‭ ‬الانطوائي‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬17‭ ‬عامًا‭- ‬يجسده‭ ‬فيليبو‭ ‬سكوتي‭ - ‬وهو‭ ‬يكتشف‭ ‬هويته‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأفراد‭ ‬أسرته‭ ‬المتحمسين‭ ‬والمحرجين‭ ‬والعاطفين،‭ ‬والفيلم‭ ‬مليء‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬الحوارية‭ ‬والصورة‭ ‬الرومانسية‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬أفلام‭ ‬سورينتينو،‭ ‬خاصة‭ ‬تعبيراته‭ ‬الشائكة‭ ‬تجاه‭ ‬السلوك‭ ‬المتوهج‭ ‬لشخصياته،‭ ‬وهي‭ ‬تتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاهد‭ ‬الكوميدية‭ ‬أو‭ ‬و‭ ‬أو‭ ‬الدرامية‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬الواضحة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مريح،‭ ‬مثل‭ ‬مشهد‭ ‬غرفة‭ ‬انتظار‭ ‬“مارشينو”‭ ‬و”فابيتو”‭ ‬قبل‭ ‬الاختبار‭.‬

مع”‭ ‬يد‭ ‬الله”‭ ‬يتحدى‭ ‬سورينتينو‭ ‬نفسه،‭ ‬ليصنع‭ ‬سيرة‭ ‬ذاتية‭ ‬شخصية،‭ ‬لكنها‭ ‬غير‭ ‬تقليدية،‭ ‬ودراما‭ ‬غريبة‭ ‬الأطوار،‭ ‬لكنها‭ ‬مغرية،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬فيلم‭ ‬من‭ ‬أفلام‭ ‬سورينتينو،‭ ‬لأنه‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬وجعلها‭ ‬تبدو‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ومدهشة‭ ‬تمامًا‭.‬

‭ ‬خلية‭ ‬النحل‭ ‬

في‭ ‬تجربتها‭ ‬الأولى،‭ ‬تصنع‭ ‬الكاتبة‭ ‬والمخرجة‭ ‬بليرتا‭ ‬بارشولي‭ ‬فيلمها‭ ‬الكوسوفي”‭ ‬خلية‭ ‬نحل”،‭ ‬صورة‭ ‬لإمرأة‭ ‬مجتهدة‭ ‬وأم‭ ‬لطفلين‭ ‬حققت‭ ‬مكانتها‭ ‬وسط‭ ‬تحيز‭ ‬صارخ‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجنس‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬أبوية‭ ‬قمعية‭ ‬استهلكتها‭ ‬القيل‭ ‬والقال‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬العار‭.‬

في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬المالية‭ ‬وإعالة‭ ‬أسرتها،‭ ‬تتعلم‭ ‬“فارهيد”‭ ‬–‭ ‬تجسدها‭ ‬يلكا‭ ‬جاشي‭ - ‬التي‭ ‬فقد‭ ‬زوجها‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬كوسوفو،‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة،‭ ‬وتبدأ‭ ‬مشروعًا‭ ‬تجاريًا‭ ‬صغيرًا‭ ‬مع‭ ‬أرامل‭ ‬أخريات‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬كروشي،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬أوروبا،‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬قبول‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الطموح‭ ‬والمبادرة‭ ‬الذاتية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي،‭ ‬بل‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭ ‬بقسوة‭ ‬وعدم‭ ‬إحترام‭.‬

يُظهر‭ ‬الفيلم‭ - ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬حلقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ - ‬الفظاظة‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بكشف‭ ‬آثار‭ ‬النظام‭ ‬الأبوي،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المرأة‭ ‬القوية‭ ‬والحازمة‭ ‬في‭ ‬الوسط،‭ ‬هي‭ ‬مثال‭ ‬يحتذى‭ ‬به،‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العداء‭.‬

الممثلة‭ ‬الألبانية‭ ‬يلكا‭ ‬غاشي‭ ‬جعلت‭ ‬شخصيتها‭ ‬قابلة‭ ‬للتصديق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالشفقة‭ ‬والدموع،‭ ‬وتنقل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬قصة‭ ‬الحياة‭ ‬هذه‭ ‬لتُظهر‭ ‬للعالم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬أمل‭ ‬للنساء‭ ‬الراغبات‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬هيمنة‭ ‬الذكور‭.‬

الفيلم‭ ‬قصة‭ ‬حقيقية‭ ‬ملهمة‭ ‬لقرية‭ ‬وقعت‭ ‬ضحية‭ ‬للحرب،‭ ‬وإمرأة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭ ‬بتحد‭ ‬وإرادة‭ ‬لتحمل‭ ‬حالة‭ ‬الإضطراب‭ ‬التي‭ ‬يغذيها‭ ‬القمع‭ ‬وتغييره،‭ ‬وقد‭ ‬تسببت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كوسوفو‭ ‬بحدوث‭ ‬شرخ‭ ‬إجتماعي‭ ‬وشخصي‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العائلات،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تفريقهم‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬وعدم‭ ‬رؤية‭ ‬أحبائهم‭ ‬أو‭ ‬منازلهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أبدًا،‭ ‬لكن‭ ‬النساء‭ ‬وحدهن‭ ‬قادرات‭ ‬بقوتها‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وتمكين‭ ‬أطفالهن‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬مستقبلهم‭.‬