الهوس الجنسي في عقيدة الجماعات الأصولية

الجماعات الأصولية
الجماعات الأصولية

تقرير‭ ‬يكتبه:‭ ‬عمرو‭ ‬فاروق

‭‬ثمة‭ ‬انحرافات‭ ‬جنسية‭ ‬ذاع‭ ‬صيتها‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬الجماعات‭ ‬الأصولية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‭ ‬المسلمين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بالنصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الفضائح‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحالة‭ ‬الجنسية،‭ ‬لكونها‭ ‬تنظيما‭ ‬سريا‭ ‬مغلقا‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬ملامحها‭ ‬بعد،‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭.‬

دراسة‭ ‬الجوانب‭ ‬النفسية‭ ‬للأفراد‭ ‬المنتمين‭ ‬إلى‭ ‬الجماعات‭ ‬والتنظيمات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬تقود‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك،‭ ‬إلى‭ ‬كشف‭ ‬حقيقة‭ ‬الانحرافات‭ ‬الجنسية‭ ‬بين‭ ‬جدران‭ ‬كيانات‭ ‬تدعي‭ ‬الفضيلة‭ ‬وتخلع‭ ‬على‭ ‬ذاتها‭ ‬صفة‭ ‬الاستغراق‭ ‬والاستعلاء‭ ‬الإيماني،‭ ‬وتمنح‭  ‬نفسها‭ ‬حق‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬معتقدات‭ ‬الآخرين‭.‬

 

الكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬والجماعات‭ ‬الأصولية،‭ ‬يصابون‭ ‬بهزة‭ ‬نفسية‭ ‬نتيجة‭ ‬التعايش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬كيانات‭ ‬سرية‭ ‬مغلقة‭ ‬يخضعون‭ ‬فيها‭ ‬لقرارات‭ ‬تنظيمية‭ ‬تحت‭ ‬عباءة‭ ‬الدين‭ ‬والشريعة،‭ ‬بما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬وسلوكياتهم‭ ‬الظاهرة،‭ ‬التي‭ ‬تتحول‭ ‬تدريجيًا‭ ‬شبه‭ ‬أسرار‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬الجماعة‭ ‬وأدبياتها‭ ‬وشعاراتها، تسيطر‭ ‬على‭ ‬أتباع‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬وتيارات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التمرد‭ ‬التنظيمي‭ ‬والفكري‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬التشبع‭ ‬بمآلات‭ ‬التنظيم‭ ‬ونشاطاته،‭ ‬فيتجه‭ ‬بعضهم‭ ‬لصناعة‭ ‬حالة‭ ‬جديدة‭ ‬يرتمون‭ ‬في‭ ‬أحضانها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إملاءات‭ ‬أو‭ ‬توجهات،‭ ‬حالة‭ ‬ينطلقون‭ ‬فيها‭ ‬نحو‭ ‬محاذير‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬في‭ ‬ظلها،‭ ‬وفق‭ ‬مساحة‭ ‬تشبع‭ ‬رغباتهم‭ ‬النفسية‭ ‬والجنسية‭.‬

اعتماد‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬والتنظيمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاستقطاب‭ ‬والتجنيد‭ ‬للمراهقين‭ ‬والأطفال‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬صغيرة،‭ ‬ووضعهم‭ ‬في‭ ‬حيز‭ ‬وخندق‭ ‬التنظيم‭ ‬مبكرًا،‭ ‬يعيقان‭ ‬انخراط‭ ‬غالبيتهم‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬عاطفية‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬حياتهم‭ ‬المتعددة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يتعرضون‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ»المراهقة‭ ‬المتأخرة‮»‬،‭ ‬يتم‭ ‬خلالها‭ ‬ترجمة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬والانفعالات‭ ‬المكبوتة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تتحسن‭ ‬إمكاناتهم‭ ‬المادية‭.‬

مرور‭ ‬القواعد‭ ‬التنظيمية‭ ‬لجماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬بعملية‭ ‬الاحتكاك‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬قياداتها‭ ‬ومشايخها‭ ‬ومرجعياتها‭ ‬الفكرية،‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬والمالية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬يكشف‭ ‬بوضوح‭ ‬ما‭ ‬يخفونه‭ ‬من‭ ‬ملامحهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬أقنعة‭ ‬القداسة‭ ‬والهيبة‭ ‬التي‭ ‬توضع‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيادة‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬أتباعهم،‭ ‬ما‭ ‬يرسخ‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مريديهم‭ ‬شعوريًا‭ ‬مبررات‭ ‬إباحة‭ ‬المحظورات،‭ ‬ومخالفة‭ ‬الظاهرة‭ ‬للباطن‭.‬

التناقض‭ ‬والفجوة‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬داخل‭ ‬جدران‭ ‬التنظيم،‭ ‬وبين‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬للأفراد،‭ ‬يصيبان‭ ‬اتباع‭ ‬الجماعات‭ ‬الأصولية‭ ‬بحالة‭ ‬من‭  ‬الـ»شيزوفرينيا‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬الانفصام‭ ‬في‭ ‬الشخصية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يُظهرون‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يُبطنون،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الجنسية‭ ‬والعلاقات‭ ‬النسائية،‭ ‬تجنبًا‭ ‬للفضيحة‭ ‬أو‭ ‬خشية‭ ‬الطرد‭ ‬من‭ ‬جنة‭ ‬التنظيم‭ ‬التي‭ ‬يحظون‭ ‬فيها‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المكتسبات‭ ‬المعنوية‭ ‬والمادية،‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬العقيدة‭ ‬‮«‬الإخوانية‮»‬‭ ‬ترسخ‭ ‬لديهم‭ ‬أنهم‭ ‬مختارون‭ ‬ومصطفون،‭ ‬وأنهم‭ ‬فوق‭ ‬البشر،‭ ‬وحراس‭ ‬على‭ ‬العقيدة‭ ‬والشريعة‭.‬

العديد‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬اختاروا‭ ‬زوجاتهم‭ ‬وفقًا‭ ‬لمعايير‭ ‬متعلقة‭ ‬بالجماعة‭ ‬ومشروعها،‭ ‬فبعضهم‭ ‬فضل‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬فتيات‭ ‬يرتبطن‭ ‬بصلة‭ ‬قرابة‭ ‬بعائلات‭ ‬لها‭ ‬نفوذ‭ ‬داخل‭ ‬التنظيم،‭ ‬أو‭ ‬بعائلات‭ ‬‮«‬إخوانية‮»‬‭ ‬ثرية‭ ‬ماديًا،‭ ‬وبعضهم‭ ‬تزوج‭ ‬من‭ ‬فتيات‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬توصيات‭ ‬من‭ ‬قيادات‭  ‬الجماعة،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬شبكة‭ ‬المصاهرة‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬التنظيمي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبدأ‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬‮«‬صاحبة‭ ‬الفكر‮»‬،‭  ‬وهي‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬القيادي‭ ‬‮«‬الإخواني‮»‬‭ ‬صبحي‭ ‬صالح‭ ‬‮«‬الإخواني‭ ‬لا‭ ‬يتزوج‭ ‬إلا‭ ‬إخوانية‮»‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬المقايضة‭ ‬أو‭ ‬المصلحة‭ ‬التنظيمية،‭ ‬أو‭ ‬الإجبار‭ ‬أحيانًا‭ (‬خشية‭ ‬الاختراق‭ ‬الأمني‭)‬،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬المحبة‭ ‬أو‭ ‬القبول،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬الفتاة‭ ‬متوسطة‭ ‬الجمال‭.‬

الانحرافات‭ ‬الجنسية‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬والجماعات‭ ‬الأصولية،‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬التهرب‭ ‬منها،‭ ‬فهناك‭ ‬كم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬التي‭ ‬تورطت‭ ‬فيها‭ ‬قيادات‭ ‬ومرجعيات‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات،‭ ‬وعليها‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬شهود‭ ‬العيان‭ ‬الذين‭ ‬تربوا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬هذه‭ ‬الكيانات‭ ‬ثم‭ ‬تفلتوا‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬صفوفها،‭ ‬وتحدثوا‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬منها‭.‬

كانت‭ ‬قيادات‭ ‬مكتب‭ ‬الإرشاد‭ ‬والمكاتب‭ ‬الإدارية‭ ‬لجماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بوقائع‭ ‬الانحرافات‭ ‬الجنسية‭ ‬داخل‭ ‬التنظيم‭ (‬وفقًا‭ ‬لاعترافات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنشقين‭)‬،‭ ‬لكنها‭ ‬تحفظت‭ ‬عنها،‭ ‬بخاصة‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تمس‭ ‬قيادات‭ ‬مؤثرة‭ ‬داخل‭ ‬التنظيم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬محاولاتها‭ ‬إضفاء‭ ‬القداسة‭ ‬على‭ ‬قياداتها‭ ‬وسلوكياتها‭ ‬خداعًا‭ ‬لأتباعها‭ ‬ودارويشهم،‭ ‬فمثال‭ ‬ذلك‭ ‬واقعة‭ ‬شهيرة‭ ‬متعلقة‭ ‬بقيادي‭ ‬‮«‬إخواني‮»‬‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬نقابة‭ ‬المحامين‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬إذ‭ ‬ارتبط‭ ‬بعلاقة‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬السيدات،‭ ‬ووعدها‭ ‬بالزواج،‭ ‬لكنه‭ ‬تنصل‭ ‬من‭ ‬العلاقة،‭ ‬ورفض‭ ‬اتمام‭ ‬زواجه‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬اتجهت‭ ‬لكشف‭ ‬حقيقته‭ ‬أمام‭ ‬قيادات‭ ‬‮«‬مكتب‭ ‬الإرشاد‮»‬‭ ‬بمنيل‭ ‬الروضة‭ ‬حينها‭.‬، بعض‭ ‬قيادات‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬تصدرهم‭ ‬للمشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬تحرشوا‭ ‬ببعض‭ ‬العاملات‭ ‬معهم‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬سيطروا‭ ‬عليها‭ ‬مثل‭ ‬النقابات‭ ‬المهنية،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إجبار‭ ‬بعضهن‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬الزواج‭ ‬العرفي‮»‬‭.‬

 

لم‭ ‬تقتصر‭ ‬الانحرافات‭ ‬الجنسية‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬والجماعات‭ ‬الأصولية،‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬النسائية،‭ ‬لكنها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬‮«‬الشذوذ‭ ‬الجنسي‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تطرق‭ ‬إليها‭ ‬الإعلامي‭ ‬خالد‭ ‬البري،‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬الدنيا‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الجنة‭.. ‬سيرة‭ ‬أصولي‭ ‬مصري‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬انتمى‭ ‬الى‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته،‭ ‬وكذلك‭ ‬واقعة‭ ‬القيادي‭ ‬‮«‬الإخواني‮»‬‭ ‬إبراهيم‭ ‬إسماعيل،‭ ‬التي‭ ‬فضح‭ ‬تفاصيلها‭ ‬شباب‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬واقعة‭ ‬طرد‭ ‬ناشط‭ ‬حقوقي‭ ‬شهير‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تورطه‭ ‬في‭ ‬وقائع‭ ‬تحرش‭ ‬بأطفال‭ ‬من‭ ‬‮«‬قسم‭ ‬الأشبال‮»‬‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬قطاعات‭ ‬محافظة‭ ‬الإسكندرية‭.‬

حظيت‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬بالعدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الفضائح‭ ‬الجنسية،‭ ‬فكانت‭ ‬البداية‭ ‬بانحرافات‭ ‬عبدالحكيم‭ ‬عابدين،‭ ‬زوج‭ ‬أخت‭ ‬حسن‭ ‬البنا،‭ ‬الذي‭ ‬تمت‭ ‬إدانته‭ ‬بعلاقات‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬مع‭ ‬نساء‭ ‬الجماعة،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬لجنة‭ ‬تابعة‭ ‬لمكتب‭ ‬الإرشاد‭ ‬في‭ ‬أربعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬لكن‭ ‬البنا‭ ‬صمت‭ ‬ولم‭ ‬يتخذ‭ ‬إجراء‭ ‬ضده،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬حفيظة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬الجماعة‭ ‬حينها،‭ ‬أمثال‭ ‬أحمد‭ ‬السكرى،‭ ‬مرورًا‭ ‬بفضيحة‭ ‬أحمد‭ ‬منصور،‭ ‬وعلاقته‭ ‬بإحدى‭ ‬السيدات‭ ‬المغربيات‭ (‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬العدالة‭ ‬والتنمية‭)‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬كشفه‭ ‬القضاء‭ ‬المغربي،‭ ‬وما‭ ‬تداولته‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وكذلك‭ ‬فضيحة‭ ‬التسريبات‭ ‬الجنسية‭ ‬لـ»اليوتيوبر‭ ‬الإخواني‮»‬‭ ‬عبدالله‭ ‬الشريف،‭ ‬ووقائع‭ ‬التحرش‭ ‬المتكررة‭ ‬لحفيد‭ ‬حسن‭ ‬البنا،‭ ‬طارق‭ ‬رمضان،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬رواجصا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬سطورها‭ ‬بقصة‭ ‬الناشطة‭ ‬النسوية‭ ‬هند‭ ‬عياري،‭ ‬ودونت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬كتابها‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬اخترت‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬حرة‭.. ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬السلفية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‮»‬‭.‬

الانحرافات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬لدى‭ ‬الجماعات‭ ‬الأصولية‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬وفضحتها‭ ‬ممارستهم‭ ‬التي‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬جرائمهم‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ ‬والمتاجرة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الجواري‭ ‬والسبايا‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬،‭ ‬وجماعة‭ ‬‮«‬بوكو‭ ‬حرام‮»‬،‭ ‬وحركة‭ ‬‮«‬طالبان‮»‬،‭ ‬وجماعة‭ ‬‮«‬شباب‭ ‬المجاهدين‮»‬‭ ‬الصومالية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬نسبها‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬زورًا‭ ‬وبهتانًا‭.‬

بتحليل‭ ‬غالبية‭ ‬الفتاوى‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬التنظيمات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬مرجعيتها‭ ‬الفكرية‭ ‬حقّرت‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬المرأة‭ ‬ومكاناتها،‭ ‬فوفقًا‭ ‬لدراسة‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬الإفتاء‭ ‬المصرية،‭ ‬تناولت‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ (‬نموذجًا‭)‬،‭  ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬انحصار‭ ‬رؤيته‭ ‬الفكرية‭ ‬تجاه‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬الغريزة‭ ‬الجنسية،‭ ‬حيث‭ ‬ركزت‭ ‬غالبية‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬أحكام‭ ‬‮«‬وطء‭ ‬المرأة‭ ‬بعد‭ ‬سبيها،‭ ‬والاستمتاع‭ ‬الجنسي‭ ‬بالسبية‭ ‬وأحكام‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬ووطئها‭ ‬بعد‭ ‬السبي،‭ ‬وأحكام‭ ‬زواج‭ ‬المرأة‭ ‬بعد‭ ‬سبيها‭ ‬والتفريق‭ ‬بينها‭ ‬وزوجها‮»‬‭.‬

ويشير‭ ‬الباحث‭ ‬المغربي‭ ‬يوسف‭ ‬هريمة،‭ ‬في‭ ‬دراسته‭ ‬المعنونة‭ ‬بـ»الأصولية‭ ‬والحرمان‭ ‬الجنسي‭: ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفتاوى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬ذهنية‭ ‬الأصولي‭ - ‬باعتبارها‭ ‬عصب‭ ‬تفكيره،‭ ‬أو‭ ‬مركز‭ ‬لدورانه‭ - ‬هو‭ ‬حضور‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المكانة‭ ‬الاعتبارية‭ ‬التي‭ ‬تحتلها،‭ ‬ولا‭ ‬لأنّ‭ ‬فكره‭ ‬الذّكوري‭ ‬يسمح‭ ‬بمنحها‭ ‬ما‭ ‬تستحقّه،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقلّ‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الإنسانية‭ ‬المساوية‭ ‬له،‭ ‬هذا‭ ‬الهوس‭ ‬الذّكوري‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬مادّة‭ ‬للإخضاع،‭ ‬أو‭ ‬وسيلة‭ ‬لإبراز‭ ‬الجنون‭ ‬الذّكوري‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بفوبيا‭ ‬المرأة‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الصّمد‭ ‬الديالمي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬المدينة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأصولية‭ ‬والإرهاب‭: ‬مقاربة‭ ‬جنسية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التعلق‭ ‬النفسي‭ ‬بالهوس‭ ‬الجنسي‭ ‬عامل‭ ‬في‭ ‬انسداد‭ ‬الشخصية‭ ‬وتحجرها‭ ‬فكرياً،‭ ‬وتحولها‭ ‬من‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬إلى‭ ‬التشدد‭ ‬والتطرف،‭ ‬وبروز‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬التنظيمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬المسلحة‭‬، العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الهوس‭ ‬الجنسي‭ ‬والتطرف‭ ‬الفكري،‭ ‬علاقة‭ ‬متشابكة‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬الجماعات‭ ‬الأصولية‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬وطبيعة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬كونها،‭ ‬وفقا‭ ‬لرؤيتهم،‭ ‬وعاءً‭ ‬لتفريخ‭ ‬غريزتهم‭ ‬الجنسية‭ ‬المكبوتة،‭ ‬لذلك‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أولوياتهم،‭ ‬السبي،‭ ‬والتعدد‭ ‬الزوجي،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬التيارات‭ ‬السلفية،‭ ‬والسلفية‭ ‬الجهادية،‭ ‬تعددت‭ ‬زيجاتهم‭ ‬وطلاقاتهم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬لديهم‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬إرضاء‭ ‬لشهواتهم‭ ‬الجنسية،‭ ‬التي‭ ‬تدفعهم‭ ‬الى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الغنيمة،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الإحساس‭ ‬بلذة‭ ‬الانتصار‭ ‬عليها‭ ‬وخضوعها‭ ‬لشخوصهم‭ ‬وكسر‭ ‬شوكتها‭.‬