احذر الشبورة| تهدد الإنسان وتدمر المحاصيل الزراعية

الشبورة
الشبورة

كتبت.. إيثار حمدى

إذا كانت الشبورة تحجب الرؤية عن الطائرات فى السماء، وتمنعها من الإقلاع، أو تجبرها على الهبوط الاضطراري، فإنها أيضا تصيب سائقى السيارات بحالة من "العمى" تجعلهم يشعرون بالخطر خوفا من التصادمات والحوادث، وتتسبب فى إتلاف الخضراوات والفاكهة.. ترفض الشبورة مغادرة الجو، تحتل الشوارع على مدار أسبوع بداية من منتصف الليل وحتى شروق الشمس، وقد تستمر إلى الظهيرة حال قلة الرياح وارتفاع نسبة الرطوبة، ما يجعل رجال المرور فى حالة يقظة كاملة فى محاولة للسيطرة عليها.. فى هذا التحقيق، تسأل "آخرساعة" الخبراء عن الشبورة وكل مايتعلق بها.

 

يصف وحيد سعودي، خبير الأرصاد والتحاليل الجوية، الشبورة بأنها ظاهرة طبيعية فى هذا التوقيت من العام، خاصة خلال فصلى الخريف والشتاء نظرا لارتفاع نسبة الرطوبة وهدوء سرعة الرياح، وتظهر الشبورة فى الساعات المتأخرة من الليل قبل الفجر مباشرة وحتى الساعات الأولى من الصباح الباكر، على الطرق خاصة الزراعية والقريبة من المسطحات المائية، وكلما ارتفعت نسبة الرطوبة وهدأت سرعة الرياح واستقرت الأحوال الجوية من السهل تحول الجو إلى ضباب.

 

وأوضح أن الفرق بين الشبورة والضباب أن الأولى تنخفض فيها الرؤية لتصبح بين 1 إلى 5 كيلومترات، أما فى حالة الضباب فتنعدم الرؤية أحيانا وبحد أقصى قد تصل إلى 1000 متر فقط، والمحافظات الأكثر تأثرا بالشبورة هى محافظات الوجه البحري، والإسماعيلية وبورسعيد نظرا لكثرة الزراعات والمسطحات المائية.. وتابع: ما يحدث فى الصيف أو الربيع شبورة، لكنها أخف من تلك التى تتكون فى الشتاء والخريف، وللشبورة الكثير من التأثيرات السلبية فى العديد من الأنشطة بكافة قطاعات الدولة ولدى المواطنين، لأنها تسبب خطورة كبيرة أثناء ظهورها، لذا يجب متابعة النشرات الجوية والاهتمام بالظواهر المناخية، والالتزام بالتعليمات التى تقرها الهيئة العامة للمرور فى مثل هذه الظروف الجوية، ويفضل تزويد السيارات بمصابيح مخصصة لتوضيح الرؤية فى الشبورة مثل الدول الأوروبية.

 

ويواصل خبير الأرصاد والتحاليل الجوية: لا يوجد أى ظاهرة مناخية محددة الوقت، فالتوقيتات الجغرافية المتعارف عليها قد تختلف من عام وآخر، وهو ما يحدث أيضا مع الشبورة فلا يكون معروفا لها توقيت محدد فطالما أن توزيعات التغطية على سطح الأرض وفى طبقات الجو العليا وارتفاع نسبة الرطوبة وهدوء سرعة الرياح متوفرة فمن الطبيعى حدوث الشبورة، فيما تتوقف فترة وجودها على المحافظة التى تنزل بها ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح والطبيعة الجغرافية للمكان، ودرجة الحرارة، وأقصى مدة قد تستمر فيها الشبورة 12 ساعة متواصلة ما قد يؤدى لمشكلات كبيرة فى حركة المرور على الطرق، وفى بعض المناطق نجد السيارت مصطفة على جانب الطريق حتى تبدأ الرؤية فى الوضوح.. وتابع: الشبورة تسبب خطورة كبيرة على ممارسة الأنشطة البحرية، فلا تستطيع المراكب والسفن الحركة، إضافة إلى الآثار السلبية على حركة الطيران، والتأثير الأقوى للشبورة يكون على الملاحة الجوية ثم البرية ثم البحرية، موضحا أن مرفأ الأرصاد أنشئ فى البداية بهدف تأمين وسلامة الملاحة الجوية، فكلما انخفضت الرؤية على الممر الذى ستتحرك عليه الطائرة يتم إلغاء الرحلات تماما أو البحث عن مطارات بديلة.

 

نصائح مرورية 

وقال اللواء كامل ياسين، الخبير المروري: يُفضل إلغاء الرحلة أثناء الضباب، كنا نقوم من خلال الإدارة العامة للمرور بالوقوف فى مداخل الطرق وقت نزول الشبورة الكثيفة ونعيد السيارات من محطة الرسوم أو جعل السائقين ينتظرون حتى انقشاع الضباب وسطوع الشمس، بحيث تكون حالة المرور مناسبة لسير السيارات على الطرق، وفى بعض الحالات نرسل سيارات تابعة للشرطة تسير أمام وخلف السيارات العادية كنوع من التأمين والحماية.

 

وعن التعليمات التى يجب اتباعها إذا اضطر المواطن للقيادة فى الشبورة، يقول: لا يجب السير فى أقصى اليمين فقد يكون هناك سيارة معطلة وقد يحدث تصادم معها أو أقصى اليسار والأفضل السير فى منتصف الطريق، ويجب إضاءة الأنوار وبشكل خاص أنوار الانتظار ليتمكن من يأتى من الخلف من رؤية السيارة، ولابد من فتح النوافذ حتى لا تتكون شبورة داخل السيارة، واستخدام آلة التنبيه من آن لآخر لضمان أن من لا يرى السيارة سيسمع صوتها بالتأكيد، والالتزام بالسرعة التى تتماشى مع مقدرتنا على الرؤية، ويجب تشغيل مساحات الزجاج من وقت لآخر لتكون الرؤية واضحة، ومن الأفضل استخدام أنوار الشبورة، مع مراعاة عدم تشغيل النور العالى لأنه سيتسبب فى نتيجة عكسية وعدم رؤية، بالإضافة إلى منع التدخين فى السيارة مطلقا، وإذا تعطلت السيارة على الطريق يجب الوقوف خارج الأسفلت تماما بعيدا عن الطريق لتفادى وقوع أى حوادث.

 

تدمر الخضراوات 

ويؤكد د.عزت شمس، إخصائى الزراعات البستانية بالإدارة المركزية للبساتين، أن أشجار الفاكهة لا تتأثر كثيرا بالضباب، بينما يكون التأثير محصورا فى الأمراض الفطرية، فهناك بعض الفطريات تنشط فى درجات الحرارة المنخفضة فى الشتاء والربيع وترتفع نسبة الرطوبة فى الجو فى الصباح الباكر، ولكنها لا تسبب الأضرار الجسيمة التى تحدث للخضراوات.

 

وأضاف: تصيب الفطريات أشجار الفاكهة مستديمة الخضرة مثل الموالح والمانجو والزيتون والجوافة، لأن الأشجار متساقطة الأوراق ليس لديها أوراق حاليا فى الشتاء لتصاب بأى فطريات مثل التفاح والكمثرى والخوخ والمشمش والبرقوق واللوز والعنب والرمان والكاكي.

 

وأوضح: هناك عدة أنواع من الفطريات أبرزها العفن الهبابى الذى يصيب الموالح مثل الليمون والمانجو وحتى أنه يصيب النخيل، وهو يؤثر فى المحصول عن طريق حجب أشعة الضوء عن الوصول لصبغة الكلوروفيل الموجودة فى الورقة، ما يؤدى إلى عدم قدرة الصبغة على القيام بدورها فى تحويل المركبات البسيطة التى تمتصها من التربة إلى غذاء للشجرة، ومعنى عدم تغذية الشجرة أنها لن تكون قادرة على تكوين براعم زهرية، ما يؤدى إلى انخفاض ملحوظ فى محصول الموسم التالي، وهناك فطريات أخرى مثل البياض الزغبى وهى تصيب سطح الورقة وتقوم بقتل الأنسجة مما يؤدى إلى نفس المشكلة.

 

وتابع: عموما تأثير الشبورة حاليا على أشجار الفاكهة غير مقلق لدرجة كبيرة، وتوصياتنا للمزارعين تكون مستمرة، ونقوم من خلال الوزارة بتوعيتهم وشرح طرق الوقاية التى تكون عن طريق التعفير بالكبريت الزراعى وهو عبارة عن مادة مثل البودرة يتم رشها على الأشجار فيقوم بامتصاص الرطوبة، وتقوم بلورات الكبريت بعكس أشعة الشمس مما يجعل الورق يمتص أكبر كمية ممكنة من الضوء ما يصنع نوع من التدفئة خاصة فى موجات الصقيع، وفى حال حدوث الإصابة بالفعل هناك أنواع من المبيدات الفطرية مثل الأميستار ومشابهاته أو أوكسى كلور النحاس، وتأثيرها السلبى على صحة الإنسان لا يُذكر، ولكن دائما نؤكد أن الوقاية خير من العلاج بالمبيدات. ولفت إلى ما تقوم به الوزارة من عمل دورات تدريبية باستمرار، فى الوقت الذى باتت تلك الإجراءات محدودة بسبب جائحة الكورونا.

توصيات للمزارعين 

ويشير د.محمد فهيم، منسق لجنة متابعة التقلبات المناخية وتأثيراتها على الأنشطة الزراعية، إلى تحذير وزارة الزراعة من استمرار الشبورة المائية صباحا على العديد من القطاعات بالجمهورية، حيث يسود خلال هذه الفترة، ظهور مكثف للشبورة المائية نتيجة الظروف المناخية الراهنة وصلت فى بعض المناطق لحالة الضباب الكامل، ومتوقع استمرارها خلال الأيام المقبلة.

 

وأضاف: أهم التوصيات تأتى لكافة الزراعات القائمة خاصة الخضر وعلى رأسها البطاطس والطماطم، بسبب أن المناخ أصبح مناسبا جدا لكثير من الأمراض الفطرية وأيضا  نقص كبير فى معدلات الامتصاص بسبب زيادة الرطوبة النسبية والرطوبة الحرة (الندى) عن الطبيعى ولفترات طويلة بسبب الشبورة المائية، لافتًا أن أهم الأمراض المتوقعة مرض الندوة المبكرة والمتأخرة على البطاطس، العفن الرمادى على الفراولة، الصدأ الأصفر على القمح، الندوة المتأخرة والبياض الدقيقى على الطماطم، التبقع البكتيرى فى الطماطم، وغيرها من الأمراض المحبة للرطوبة العالية.

 

وتؤدى الرطوبة العالية بسبب الشبورة إلى انخفاض معدلات الامتصاص لكافة المحاصيل بسبب انخفاض نسبة البخر المسئولة عن استمرار سريان العصارة داخل النباتات بالتالى يحدث ضعف عام فى معدلات النمو أو ظهور أعراض نقص بعض العناصر وخاصة فى المراحل الحرجة من عمر النبات مثل مرحلة التزهير والإخصاب والعقد وغيرها.

 

وأكد فهيم أنه بناء على توصيات المعاهد البحثية المختصة، يجب إضافة بعض المركبات مع الرى مثل حامض الفوليك ونترات الماغنسيوم مرة أسبوعيا هذه الفترة، لدفع النباتات على استقرار سريان العصارة، فضلا عن إجراء عمليات الوقاية ضد الأمراض المذكورة فورا وقبل ظهور أو انتشار هذه الأمراض على المحاصيل، ويمكن استخدام المواد الفعالة مثل أكسى كلورو النحاس ومانكوزيب وغيرها للوقاية من هذه الأمراض، وفيما يخص الاستزراع السمكي، تؤدى الشبورة الكثيفة والمستمرة لنقص تبادل الأكسجين، بالتالى قد تزيد نسبة النافق من الأسماك ويوصى بتشغيل البدلات إن وجدت أو تغير المياه (حوالى ثلث الحوض)، ويفضل التغذية بالأعلاف المضادة للإجهاد.

7 أضرار للشبورة

ويحصى د.كرم محمد سعيد الدسوقى، مدير عام الإدارة العامة للخضر بوزارة الزراعة، سبعة أضرار للشبورة على المحاصيل الزراعية وهي: حدوث أمراض فطرية وبكتيرية بسبب تكثف قطرات الماء على أوراق المحاصيل الزراعية، ما يؤدى لنشاط مسببات الأمراض الفطرية والبكتيرية، والعفن الرمادى فى ثمار الفراولة، والتبقع السركوسبورى فى أوراق محصول بنجر السكر، والتبقع البنى فى الفول السودانى، والبياض الدقيقى والندوة المتأخرة والتبقع البكتيرى فى الطماطم، والصدأ الأصفر فى القمح، وتبقع الأوراق فى النباتات الطبية والعطرية مثل البابونج والشيح.

 

وحول الاحتياطات الواجب مراعاتها فى وجود الشبورة المائية قال إنها تأتى عن طريق الرش الوقائى ضد كل أمراض اللفحات واللطعات والتبقعات ويتم الرش بعد تطاير الندى، والاهتمام بتنظيم عملية الرى بحيث تكون على فترات متقاربة وبكميات قليلة، وكذلك إضافة 2 كجم سليكات بوتاسيوم + 1 كجم حامض الفوليك مع ماء الرى وإضافة أى مصدر للفوسفور ويفضل فى صورة فوسفات البوتاسيوم أو الماغنسيوم بالتبادل مع الكالسيوم، مشيرًا إلى أهمية رش المحاصيل الزراعية بمركبات النحاس لتجنب حدوث الأمراض الفطرية كاللفحات والتفحمات (رش وقائى)، وإضافة المركبات التى تساعد على امتصاص العناصر مثل حامض الفوليك والفوسفور ونترات الماغنسيوم.

وفى حالة تصويم زراعات المانجو والجوافة لابد من الرى قبل نزول الشبورة، كما يجب مراعاة عدم تقليم أشجار الفاكهة فى وجود الشبورة حيث تزيد نسبة الإصابة بالأمراض الفطرية  نتيجة حدوث الجروح الناتجة عن التقليم.