طب وانت مالك؟

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬لماذا‭ ‬يصر‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬تقمص‭ ‬شخصية‭ ‬شرطي‭ ‬الفضيلة‭ ‬وحامي‭ ‬الأخلاق؟

لماذا‭ ‬لا‭ ‬ينشغل‭ ‬كل‭ ‬انسان‭ ‬بحاله‭ ‬تاركًا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يخصه‭ ‬،‭ ‬ومترفعًُا‭ ‬عما‭ ‬لا‭ ‬يعنيه؟

هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬بمناسبة‭ ‬الضجة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أثارها‭ ‬نشر‭ ‬فيديو‭ ‬لمعلمة‭ ‬من‭ ‬المنصورة‭ ‬ترقص‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬نيلية‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬زملائها‭.‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬الشخصي‭ ‬المجرم‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬هو‭ ‬الندل‭ ‬الذي‭ ‬خان‭ ‬صداقة‭ ‬زملائه‭ ‬وغدر‭ ‬بهم‭ ‬واستحل‭ ‬لنفسه‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬لحظات‭ ‬خاصة‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬في‭ ‬نزهة‭ ‬خلوية‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬طلاب‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬لأي‭ ‬نشاط‭ ‬رسمي‭ ‬لجهة‭ ‬عملهم‭ ‬،‭ ‬وسمح‭ ‬لنفسه‭ ‬بنشرها‭ ‬بلا‭ ‬ضمير‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعبأ‭ ‬بخراب‭ ‬البيوت‭ ‬والمشاكل‭ ‬المهنية‭ ‬والاسرية‭ ‬التي‭ ‬سيتعرض‭ ‬لها‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعلمون‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬لحظاتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬إلى‭ ‬مادة‭ ‬عامة‭ ‬يراها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭ ‬ويستحل‭ ‬لنفسه‭ ‬أن‭ ‬يجلدهم‭ ‬بسوط‭ ‬لسانه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬أن‭ ‬لهؤلاء‭ ‬السيدات‭ ‬والرجال‭ ‬أزواج‭ ‬وزوجات‭ ‬وابناء‭ ‬وأهل‭ ‬سيتحولون‭ ‬إلى‭ ‬مادة‭ ‬للتنمر‭ ‬والسخرية‭ ‬بدون‭ ‬جريمة‭ ‬حقيقية‭.‬

لن‭ ‬أسمح‭ ‬لنفسي‭ ‬بأن‭ ‬أقيم‭ ‬سلوك‭ ‬المعلمة‭ ‬وزملائها‭ ‬في‭ ‬وصلة‭ ‬الرقص‭ ‬التي‭ ‬انخرطوا‭ ‬فيها‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬خمسة‭ ‬منهم‭ ‬للتحقيق‭ ‬وطلاق‭ ‬السادسة‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ .. ‬لانني‭ ‬ببساطة‭ ‬لو‭ ‬فعلت‭ ‬هذا‭ ‬سأكون‭ ‬قد‭ ‬ارتكبت‭ ‬نفس‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬ضعاف‭ ‬العقول‭ ‬والنفوس‭ ‬الذين‭ ‬نصبوا‭ ‬من‭ ‬انفسهم‭ ‬حماة‭ ‬للفضيلة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬منهم‭ ‬ربنا‭ ‬أعلم‭ ‬بتفاصيل‭ ‬حياته‭ ‬وهفواته‭ ‬وزلاته‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬ماهنالك‭ ‬ان‭ ‬ستائر‭ ‬الستر‭ ‬الالهي‭ ‬مازالت‭ ‬تتلطف‭ ‬به‭ ‬ولم‭ ‬ينكشف‭ ‬غطاؤه‭ ‬بعد‭.‬

لن‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬معلمة‭ ‬المنصورة‭ ‬ولن‭ ‬أهاجمها‭ ‬أيضا‭ ‬فهذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شأني‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الخائن‭ ‬الذي‭ ‬تواجد‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬النيلية‭ ‬وقام‭ ‬بتصويرهم،‭ ‬وأيضا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬من‭ ‬أباح‭ ‬لنفسه‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬أعراض‭ ‬الناس‭ ‬وتتبع‭ ‬عوراتهم‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬واقعة‭ ‬السيدة‭ ‬الاوكرانية‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬في‭ ‬بلكونة‭ ‬شقتها‭ ‬بالتجمع‭ ‬الخامس‭ ‬لإحضار‭ ‬بعض‭ ‬الملابس‭ ‬وهي‭ ‬ترتدي‭ ‬مايوه‭ ‬بكيني‭ ‬،‭ ‬فقامت‭ ‬الدنيا‭ ‬ولم‭ ‬تقعد‭ ‬وسارع‭ ‬بعض‭ ‬المخبولين‭ ‬لتصويرها‭ ‬بموبايلاتهم‭ ‬واتسعت‭ ‬دائرة‭ ‬الخبل‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الاتصال‭ ‬بالشرطة‭ ‬والإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬جريمة‭ ‬الاوكرانية‭ ‬المسكينة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ترىفي‭ ‬سلوكها‭ ‬أي‭ ‬تجاوز،‭ ‬بالعكس‭ ‬اعتبرت‭ ‬سلوك‭ ‬جيرانها‭ ‬تجاوزا‭ ‬في‭ ‬حقها‭ ‬وتعديا‭ ‬على‭ ‬خصوصيتها‭ ‬وخاصة‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬بلكونة‭ ‬شقتها‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تسير‭ ‬بالمايوه‭ ‬في‭ ‬الشارع‭.‬

الكارثة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يمتلك‭ ‬موبايل‭ ‬بكاميرا‭ ‬أصبح‭ ‬يمنح‭ ‬نفسه‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ ‬ونشره‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬معيار‭ ‬أخلاقي‭ ‬وكأنه‭ ‬بلا‭ ‬خطيئة‭ ‬ومنزه‭ ‬عن‭ ‬الهوى‭.‬

يا‭ ‬أخي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬معصوما‭ ‬من‭ ‬الخطيئة‭ ‬بجلالة‭ ‬قدرك‭ ‬،‭ ‬وهفترض‭ ‬معاك‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬دي‭ ‬غرقانين‭ ‬في‭ ‬المعصية‭ .. ‬ألم‭ ‬يأمرك‭ ‬دينك‭ ‬بستر‭ ‬المذنبين‭ ‬‭.. ‬ألم‭ ‬تطالبك‭ ‬الفطرة‭ ‬السوية‭ ‬بعدم‭ ‬تتبع‭ ‬عورات‭ ‬الناس؟

مرة‭ ‬تانية‭ ‬وعاشرة‭ .. ‬خليك‭ ‬في‭ ‬حالك‭ .. ‬كلنا‭ ‬مليانين‭ ‬ذنوب‭ ‬وأخطاء‭ ‬ربنا‭ ‬وحده‭ ‬الأعلم‭ ‬بيه‭ ‬،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬صورتك‭ ‬جيدة‭ ‬أمام‭ ‬الناس‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬ستر‭ ‬ربك‭ ‬ولطفه‭ ‬عليك‭ .. ‬يعني‭ ‬مش‭ ‬شطاره‭ ‬منك‭ ‬ولا‭ ‬تقوى‭ ‬زائدة‭ ‬وزائفة‭.‬