دراسة: مصر قامت بتطبيق أساليب الحوكمة الرشيدة للاتجاه نحو «الاقتصاد الأخضر»

 «الاقتصاد الأخضر»
«الاقتصاد الأخضر»

قطعت مصر شوطاً كبيراً فى تنفيذ استراتيجيتها للتحول إلى «الاقتصاد الأخضر»، وتتوسع فى استثماراتها لتنفيذ مشروعات تراعى البعد البيئى وتُحسِّن من جودة الحياة للمواطنين، حيث تقوم حاليا بتنفيذ سلسلة مشروعات خضراء صديقة للبيئة فى قطاعات الطاقة والكهرباء والنقل والمياه والصرف الصحى والري، من بينها مجمع بنبان لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً، ويعد رابع أكبر مجمع للطاقة الشمسية فى العالم من حيث القدرة الإنتاجية، وأكبر تجمع لمحطات طاقة شمسية بنظام الخلايا الفولتية بدون تخزين على مستوى العالم.


وبلغت الاستثمارات الخضراء فى هذه القطاعات 30% من استثمارات الموازنة العامة خلال العام المالى الحالي، كما تستهدف الحكومة الوصول بنسبة المشروعات الخضراء إلى 50% من استثمارات الموازنة فى العام 2024.

 

إن «الاستراتيجية المصرية للتحول إلى الاقتصاد الأخضر» هى جزء من استراتيجية الدولة لعام 2030، حيث إن تنفيذ المشروعات بضوابط الاقتصاد الأخضر يضمن لمصر فرصاً أفضل للتمويل من المؤسسات الدولية فضلا عن كونها تحسن تصنيف مصر فى العديد من المؤشرات، والإرادة السياسية المصرية واضحة فى تصميمها على تحقيق مستهدفات التنمية والتوسع فى استثمارات الاقتصاد الأخضر المخطط لها وتنفيذها على أرض الواقع.


وكشفت دراسة حديثة قدمتها آية همام رجب إبراهيم، الباحثة بكلية الحقوق بجامعة بنها لقطاع الدراسات العليا والبحوث بالجامعة، أن مصر قامت بتطبيق أساليب الحوكمة الرشيدة من أجل دعم استراتيجيات التنمية المستدامة، من ثم التحول نحو الاقتصاد الأخضر فى ضوء الرؤية الاستراتيجية لمصر 2030، حيث إن  الاقتصاد الأخضر يعد أداة لتحقيق التنمية المستدامة فى ظل أزمات الأمن البيئى والتغيرات المناخية، ويُساعد على تعزيز إمكانية التكيّف مع المخاطر والضغوط البيئية، كما أنّه يُساعد على الحدّ من الفقر، مما يزيد من إمكانية وصول المجتمعات إلى بيئة آمنة ونظيفة، بالإضافة إلى أنه يعزز الأمن البشرى عن طريق منع أو حل النزاعات للحصول على الأرض والغذاء والماء، وغيرها من الموارد الطبيعية، ويحسّن من نوعية الموارد الطبيعية، ويقلل من تلوث الهواء والماء والأراضي، وغيرها من المخاطر المتعلقة بالبيئة.

 

وفــــى ضــــــوء الســــــياســـــات الـــدوليــــة والتشريعات المصرية وكذلك استراتيجيات وسياسات التمويل البيئى فإن مصر استفادت من التجارب والخبرات الناجحة فى بعض الدول المتقدمة والدول الصاعدة والآخذة فى النمو نحو الاقتصاد الأخضر وأيضاً تحقيق التنمية المستدامة فى العديد من المجالات مثل مجال الطاقة وإدارة المياه والتنمية العمرانية والنقل والسياحة البيئية ودعم الابتكار والبحث العلمى ونقل التكنولوجيا والتدريب وبناء القدرات التى من شأنها المشاركة فى عملية التنمية والتخطيط السليم وغيرها من المجالات مما يسهم فى توفير فرص للعمل اللائق وفرص للأنشطة الخضراء..


فى السياق، يقول الدكتور محمد جمال كفافى، رئيس المجلس العالمى للاقتصاد الأخضر كبير مستشارى الطاقة والتنمية المستدامة بالصندوق العالمى للتنمية بالأمم المتحدة: الطاقة المتجددة ستسود العالم سواء دعمتها الحكومات أم لا؛ وستختفى مصادر الطاقة الأحفورية والنووية، والشمس والرياح والمياه لم تعد مصادر طاقة خضراء نظيفة فحسب بل إنها أيضا أرخص سعرا مقارنة بأسعار الطاقة من محطات الفحم ومشتقات البترول والغاز والمفاعلات النووية، وسيصل متوسط أسعار الطاقة الشمسية الكهروضوئية لحوالى 0.039 دولار للكيلووات ساعة، بينما سيصل متوسط سعر طاقة الرياح إلى 0.041 للكيلووات ساعة، بمعدل أقل من ربع المحطات المنافسة العاملة بالوقود الأحفوري، بينما ستزيد تكلفة الكهرباء المنتجة عن طريق المفاعلات النووية أو الوقود الأحفورى خاصة مع حساب التكاليف الصحية والبيئية التى يتعين على المجتمع بعد ذلك دفعها، ومن الصعب للغاية حساب تكلفة الكهرباء الناتجة عن مفاعلات الطاقة النووية، فالمشكلة الأكبر فى توليد الكهرباء بهذه الطريقة تتمثل فى المخاطر، ومع انتشار فيروس كورونا ظهر جليا أن إهمال البعد البيئى والاجتماعى فى النظام الاقتصادى العالمى أدى لانتشار الأمراض المعدية، لذلك لم يعد التحول للاقتصاد الأخضر الوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة فقط بل لإنقاذ العالم..


ولا يوجد تعريف ونشاط محدد للاقتصاد الأخضر ولكن الغرض منه هو إحداث توازن اقتصادى بين المنتج والمستهلك وذلك لأن الناس تستهلك ضعف ما تستطيع إنتاجه الأنظمة الطبيعية ونأمل للعودة للتوازن الطبيعى، والمؤشرات الاقتصادية الحالية لا توضح الخسائر البيئية التى تتكبدها الدول بالإضافة إلى ضرورة أن يؤمن المجتمع أن ما يهدره من موارد وما يترتب على ذلك من مشاكل بيئية أمر من شأنه التأثير على المجتمع حالياً اقتصاديًا واجتماعيًا وكذلك مستقبلاً، والدول النامية من أكثر الدول المهدرة للموارد بعكس الدول المتقدمة التى تحافظ على هذه الموارد، لقد وصل استهلاك المصريين لحوالى 80 مليون طن من الطاقة والمنتجات البترولية من أجل توفير الكهرباء والنقل والمواصلات والــــزراعــــة والصنـــاعـــــة خــلال السنوات الماضية حيث كان يتم استيراد ما يعادل 10 مليارات دولار ويتم إنتاج الباقى محليا رغم قدرة مصر على استبدال هذا الرقم باستخدام الطاقة الشمسية وقد بدأ فعلا التوجه لبناء المبانى صفرية الطاقة وهى المبانى التى تكتفى ذاتيًا بالطاقة أى أنها تستهلك ما تنتجه طبيعيا.


يتابع: أصبح التحول إلى الاقتصاد الأخضر ضروريًا، وتسعى مصر للتحول نحو تطبيق الاقتصاد الأخضر وذلك استجابة لما نص عليه الدستور المصرى فى المادة 32 التى تنص على الحفاظ على الموارد الطبيعية ومراعاة حقوق الأجيال القادمة، فيما يقول الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية: لقد اتخذت مصر خطوات جادة للتحول إلى «الاقتصاد الأخضر»، ومن بينها مشروعات خضراء عدة، لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة والنظيفة، وتوجيه 14% من إجمالى الاستثمارات العامة لهذه المشروعات بموازنة العام المالى الحالى، حيث بلغت تكلفة تنفيذ 691 مشروعًا أخضر نحو 447.3 مليار جنيه.

 

أما الدكتور محمد راشد، الأستاذ بكلية السياسة والاقتصاد بجامعة بنى سويف، فيقول: بدأت مصر تهتم بالاقتصاد الأخضر من خلال العديد من الأنشطة والإجراءات توضح احتضانها لمفهوم الاقتصاد الأخضر ودمجه فى رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، على سبيل المثال اتجهنا نحو تسهيل استيراد السيارات الكهربائية، والتوسع فى محطات الغاز الطبيعى لتشجيع تحويل المركبات للعمل بالغاز بدلا من البنزين والسولار للحفاظ على البيئة.


يضيف: كما أن هناك العديد من المبادرات من القطاع الخاص لبناء مدن خضراء يعنى أن جميع أنشطتها متوافقة بيئيا تماما، وهو الأمر الذى يلقى رواجا عند كثيرين للسكن فى مثل هذه المدن مثلما هو الحال فى اتجاه البعض إلى شراء منتجات الزراعات العضوية القائمة على استخدام وسائل المقاومة البيولوجية والعزوف عن المنتجات الزراعية القائمة على استخدام المبيدات والمخصبات الزراعية.
 

اقرأ ايضا | الجمهورية الخضراء| مستقبل مصر فى المشـروعات صديقة البيئة