ما يدور بين الشرطة والباعة الجائلين أشبه بمغامرات توم وجيري.. فالقط وهو الشرطة يكشر عن أنيابه ويضع الخطة ويجهز المصيدة ليمسك بالفأر ويروضه ،والفأر يناور ويتهرب ويختبيء علي أمل أن يتعب القط من المطاردة ويجلس ليستريح فيعود الفأر مستأسدا فرحا بانتصاره، معركة تحريرالميادين من الباعة الجائلين بدأت منذ سنوات ولم تحقق أي نتائج فعلية فهناك خطة هروب وشوارع فرعية ومداخل بيوت يختبئون بها مع أي إشارة من أحد مراقبيهم أو (الناضورجية) باقتراب حملة شرطة المرافق وبعد ساعات يعودون الي أماكنهم (وكأنك يابو زيد ما غزيت)وعندما قررت الشرطة أن يكتفوا بالرصيف كان هذا ظلما لأصحاب الرصيف وهم المواطنون الذين يتعرضون للخطر أثناء السير وسط السيارات..وعندما قررت الحكومة بجلالة قدرها أن تواجه هذا الغول بعد أن تركته يتوحش وتصور أنه يمتلك الشارع وحوله الي سوق (للهلاهيل) حتي في شوارع وسط العاصمة وزحفوا بشماعاتهم الي نهر الشارع وتفضلوا علينا ولم يتركوا إلا مسافة لعبور سيارتين فقط، هذه الامبراطورية العشوائية ما كان لها أن تروض وتدخل القفص إلا بقوة الدولة الحديدية بدون تهاون ولا استثناءات ومع وعود الحكومة بتوفير أماكن في منطقة وابور الثلج تنازل الباعة في الاسعاف ووسط البلد وقبلوا الانتقال الي الترجمان الذي تم اعداده وتقسيمه وتسليمه لهم ولكن علي الورق فقط ! فالترجمان ما زال خاليا من الباعة ولا يتواجد به إلا قوات الشرطة، لقد اختفي الباعة بالفعل من وسط القاهرة وفرحنا بالانسياب المروري ولكنها مناورة لأنهم يحجزون أماكنهم في وابور الثلج انتظارا لنتائج معركة طول النفس بين الطرفين فهل نكذب علي أنفسنا أم ندعي أن المشكلة المزمنة قد انتهت؟ نحن واهمون فالباعة الجائلون لن يستسلموا بسهولة فالمواقع التي احتلوها في الشوارع المهمة كانت تدر عليهم أرباحا ضخمة ولن يرضوا بأماكن بديلة حتي لو كانت حضارية وقانونية تحميهم من مطاردة الشرطة والمفروض أن الانتقال الي وابور الثلج مشروط بالانتقال الفعلي الي الترجمان.. بالتأكيد أنا اشجع أي عمل شريف واحترم من يتكسب من عرق جبينه بالحلال مهما كان عمله بسيطا ولكني كمواطنة من حقي أن أري عاصمة بلادي نظيفة منظمة خالية من التشوهات.. وعلي الحكومة ان تكون أبعد نظرا من الفأر الخبيث لتلعب دور الأسد الذي يرهبه الجميع.