بالغرامة والسجن.. دول العالم تحذر من تزوير بطاقات اللقاح

تزوير بطاقات اللقاح
تزوير بطاقات اللقاح

دينا جلال

في زمن الكورونا، توحدت أزمات فيروس كورونا في مختلف انحاء العالم، وإنطلقت تحذيرات دول العالم نحو الخارجين عن القوانين على مدار العامين الماضيين حين واجهت سلسلة من المستغلين للوباء والتجار الفاسدين والمروجين للشائعات، وما إن بدأت خطة مواجهة الفيروس الغامض بإنتاج اللقاحات وطرحها للمواطنين للحد من إنتشار الفيروس وشدة تأثيره حتى فوجئت حكومات الدول بإتباع بعض مواطنيها طرق ملتوية وغير قانونية للتهرب من اللقاح وتزوير شهاداته.


صارت شهادات اللقاح بمثابة جواز المرور وبطاقة السفر لدخول المؤسسات الحكومية والتمتع بكافة الخدمات وممارسة العمل والتنقل بين الدول بإعتبارها الطريق الآمن نحو مواجهة الفيروس الا ان تلك البطاقة تحولت الى خطة للتلاعب بعقول المواطنين والربح من وراء ذلك، حيث يديرها مستغلو الازمات ممن يروجون الاكاذيب والشائعات حول فعالية اللقاحات وطرق التهرب منها ليصلوا الى الخطوة الاهم وهى فتح سوق لتزوير بطاقات اللقاح وعرضها للشراء في الخفاء بدل شن اتباع الطرق الآمنة وتلقى اللقاح خلال ثوان قليلة ضمن خطط الدول للحفاظ على صحة مواطنيها ومن هنا اطلقت حكومات الدول تحذيراتها للمزورين والخارجين عن القانون بسن عقوبات تتراوح ما بين الغرامة او السجن بتهمة التزوير التي لا تتوقف عند حدود مرتكبها فقط وانما تمتد لتؤثر على المجتمع بأكمله.


جريمة قتل
الغريب فى الامر ان تجاوزات البعض لم تتوقف عند حد التزوير فقط وانما تبعها حوادث اثارت صدمة ودهشة الجميع ومنها؛ واقعة شهدتها المانيا حيث تسجل الشرطة زيادة حادة في تجارة شهادات التطعيم المزورة وتم الإبلاغ عن أكثر من 2500 وثيقة صحية مزورة في أقسام الشرطة خلال اسابيع قليلة بعد تشديد اجراءات الوقاية والسماح للمواطنين بدخول الأماكن العامة عبر شهادة ورقية تحمل رموز يتم مسحها ضوئيا لإظهار تلقيهم اللقاح، ومن هنا بدأت عمليات التزوير التي دفعت السلطات الى اعتبار التزوير جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بغرامة أو السجن لمدة عام او اكثر.   


تسببت احدى وقائع التزوير فى وقوع  جريمة قتل وانتحار عائلية صادمة فى المانيا حيث تلقت الشرطة بلاغا  بالعثور على جثث افراد عائلة الاب ديفيد -40 عاما في منزلهم في كوينجز وسترهاوزن بجنوب برلين، وحين وصلت الشرطة الى مكان الحادث عثرت على جثث، الام والاب وثلاثة اطفال تتراوح اعمارهم ما بين اربع وعشر سنوات متأثرين بجروح فى الرأس ناجمة عن طلقات نارية، وإنكشفت تفاصيل الحادث بسبب ترك الزوج رسالة كشف فيها اضطراره لقتل عائلته والانتحار خوفا من سجنه هو وزوجته ليندا وابتعادهما عن ابنائهما، واعترف ديفيد بتزوير شهادة اللقاح الخاصة بزوجته ليندا بعد إقناعها بأنه امر شديد السهولة للتخلص من مطالبتها بالبطاقة فى العمل الا ان الامور تعقدت حين كشف المدعي العام جيرنوت بانتليون؛ إن المسئولين فى عمل الزوجة اكتشفوا البطاقة المزورة واتهموا الزوجين بالتزوير رسميا وهو الامر الذي تسبب فى خوفهما من الاعتقال وفقدانهما حضانة اطفالهما الثلاثة،  ليني وجاني وروبي، واكدت الشرطة؛ ان التحقيقات مازالت جارية حيث تحول منزل العائلة الى ساحة للتحقيقات وإحياء ذكرى الضحايا بعرض صورهم بين اضواء الشموع امام حديقة المنزل.


البطاقات الورقية
تثير مواقع الصحف الامريكية أزمة تزوير بطاقات اللقاح وخاصة ان اغلب الولايات الامريكية تعتمد على البطاقات الورقية ذات الملاحظات المكتوبة بخط اليد والتي يمكن تزويرها بسهولة تبعا لموقع «كونفرزيشن» وبالفعل قادت عدد من حالات التزوير مرتكبيها الى العدالة حيث وجه المدعون الفيدراليون تهم جنائية ضد طبيب علاج طبيعي في شمال كاليفورنيا بسبب بيع بطاقات لقاح حكومية لأشخاص لم يتلقون اللقاح، والقت السلطات القبض على احدى الموظفات من ولاية نيو جيرسي بعد أن قامت ببيع مئات بطاقات اللقاح المزيفة على إنستجرام مقابل 200 دولار لكل بطاقة، كما القت السلطات القبض على شاب يدعى آمار شباز بعد شرائه 600 بطاقة لقاح مزيفة لبيعها على الانترنت وتتبعته الشرطة الفيدرالية لالقاء القبض عليه ويواجه تهم التزوير والاحتيال وعرقلة العدالة.


وتعد حالات التزوير في امريكا جريمة فيدرالية تماثل جرائم تزوير اى شهادات تتعلق ببرامج الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، وتماثل عقوبات الاحتيال الإلكتروني واستخدام البريد لأغراض التزوير وعقوباتها غرامة تصل الى 250 ألف دولار أو السجن لمدة 20 عامًا وتتحدد العقوبة تبعا لرؤية القضاة تجاه حجم  الضرر الناتج عن جريمة التزوير وتأثيره على الخطط الحكومية.


الاكواد الالكترونية
وبعكس الولايات المتحدة الامريكية تطبق اغلب دول الاتحاد الاوروبي واستراليا طريقة الاكواد والرموز ضمن سجلات وزارة الصحة لرصد بيانات تلقى اللقاح وتشير شرطة يوروبول الى قدرة المجرمين الهائلة على التكيف مع الوباء عبر الترويج الى شهادات واكواد لقاح كوفيد مزورة عبر وسائل تكنولوجية وطابعات عالية الجودة وبرامج مختلفة يستطيع المحتالون من خلالها إنتاج وثائق مزيفة عالية الجودة، وبجانب البطاقات الورقية وجدت شهادات التطعيم الرقمية «كيو- آر» المزيفة سوقا رائجا لها على الانترنت لضمان إستهداف المواطنين فى الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي حيث تحذر السلطات الاوروبية من تداول الرموز على شبكة الإنترنت المظلمة عبر ما لا يقل عن 17 موقعا او سوق غير مشروع لبيع بطاقات المرور وإدخالها ضمن قواعد البيانات الحكومية بعد اختراق انظمتها مقابل 150 الى 350 يورو وتم تسجيل حوالي ما يصل الى ربع مليون زائر لتلك المواقع خلال فترات قصيرة، وتكشف الصحف الانجليزية ايضا عن خطط مروجي الشائعات والمزورين التي تستهدف المشاهير من نجوم كرة القدم والنجوم حيث تلقى بعضهم رسائل تعرض عليهم بطاقات لقاح مزورة مقابل الف جنيه استرليني، وهو ما كشفت عنه اندية فى الدوري الانجليزي عن استهداف عدد من اللاعبين برسائل غامضة على هواتفهم، وحذرت الحكومة الأسترالية من أن مروجي الشائعات ورافضي تلقى اللقاح ممن يلجأون الى الرشاوى والشهادات المزورة لتجنب التطعيم حيث تلقت السلطات الاسترالية عدد من الشكاوى من الممرضين ومقدمي خدمات اللقاح بتلقى عروض كبيرة من الرشاوى تصل الى الف دولار لتزوير سجلاتهم واضافة بيانات مواطنين الى سجلات اللقاح دون ان يتلقوه، لتدفع السلطات الى التهديد بغرامة تصل الى 7 آلاف دولار ضد مرتكبي حوادث التزوير.