دراسة حديثة تحذر من خطورة تركز تداول البضائع في الإسكندرية ودمياط 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كشفت دراسة حديثة، أعدها الدكتور محمد على إبراهيم، خبير النقل البحري واللوجيستيات، عن تواضع مساهمة الأسطول المصري التجارى البحري ,فى نقل التجارة الخارجية لمصر المنقولة بحرا.

وأشارت الدراسة إلى أن مصر لم تحقق تواجدا ضمن قائمة اكبر خمسة وثلاثون دولة فى ملكية الأسطول العالمي، الواردة ضمن تقرير النقل البحري العالمي، الصادر عن منظمة الاونكتاد العام الجاري 2020، والتي ضمت أربعة دول عربية، هى الإمارات في المركز الثاني والعشرين، والسعودية في المركز الثالث والعشرين، وعمان في المركز الثاني والثلاثين، وقطر في المركز الثالث والثلاثين.

وأكدت الدراسة، أنه رغم من أن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تنص على تحرير تجارة الخدمات، إلا إن الولايات المتحدة التي دعت إلى تحرير تجارة الخدمات، مازالت تعارض تحرير النقل البحري، وتقدم دعما له تحت مسميات مختلفة.

اقرأ أيضا | مصر تنطلق| «النقل» تضخ شرايين التنمية للجمهورية الجديدة

وأشارت الدراسة، أن كافة الدول المتقدمة تدعم النقل البحري بمختلف أشكال الدعم، فى الوقت الذى يطالبون فيه الدول النامية بالتخلى عن دعم أساطيلها البحرية.

وأثنى الدكتور محمد علي، فى دراسته على توجيهات رئيس الجمهورية بتطوير النقل البحري، لتحقيق أقصى عائد اقتصادي، وتجاري واستثماري يتسق مع محددات الأمن القومى المصري، ويعزز من حركة التجارة البينية المصرية مع التكتلات الإقليمية على مستوى العالم.وطالب بالتوسع فى ملف التطوير, ليشمل اللوجيستيات والنقل متعدد الوسائط، بل والاقتصاد الأزرق الذى يرى البنك الدولى أنه سيكون الاقتصاد الأول فى العالم بحلول عام 2030،. والذى يولد %30 من الناتج المحلي الإجمالي لدولة فيتنام.

وأوضحت الدراسة، في استعراضها للوضع الحالي لإسطول النقل البحري أنه بالرغم من توافر الطلب المحلي على خدمات النقل بالسفن، إلا أن التجارة المصرية المنقولة بحرا تتسم بعدم التوازن، لأن السفن تأتي محملة بالواردات، وتغدو بحمولات محدودة لقلة الصادرات، الأمر الذي يتطلب إتباع سياسات تشغيلية للوصول الى التشغيل التجاري الأمثل.

وأكدت الإحصائيات المدرجه بالدراسة، أن التجارة المصرية المنقولة بحرا عام 2019 بلغت 172 مليون طنا، منها 58.367 مليون طن صادر، ونحو 101.633 مليون طن وارد، و12 مليون طن تم تداولها بالموانئ المتخصصة.

كما بلغ المتوسط السنوى لعدد الحاويات المتداولة بالموانى المصرية خلال الفترة من 2018-2010 نحو 6 مليون حاوية، بينما زادت أعداد الحاويات المتداولة عام 2019 إلى نحو 7.2 مليون حاوية منها 1.841 مليون حاوية صادر 1.684مليون حاوية وارد، و3.721 مليون حاوية ترانزيت، وفقا لبيانات قطاع النقل البحرى عام 2019.

وأكدت على وجود طلب محلى من البضائع يكفى لتشغيل أسطول تجارى بحرى، خاصه وأن حجم التجارة الخارجية المصرية في تزايد مستمر، وبالتالى يمكن تشغيل سفن الأسطول على أسس تجارية واقتصادية، تحقق متطلبات الأمن القومي المصري.

ولفت إلى أنه بالرغم من وجود هذا الطلب الهائل فإن سفن الأسطول التجارى البحرى المصرى في تراجع مستمر.

كما تراجعت أعداد السفن المصرية حيث بلغ عدد ها عام 2018، 46 سفينة حمولتها الإجمالية 801752 طن للسفينة من إجمالى نحو 111 سفينة عام 1997 بلغ اجمالى حمولتها الساكنة 1,749,909 طنا  بمتوسط حمولة السفينة 15.8 ألف طن.فتراجعت إلى 53 سفينه عام 2013 تعمل فى النقل الدولى، تبلغ حمولتها الكلية 790,411 طنا.

وكشف بيان (تضمنته الدراسه ) صادر عن الهيئة المصرية للسلامة البحرية أن عدد سفن الأسطول المصري تتضمن 13 سفينة قطر وخدمة، وهذه الوحدات لاتقوم بالنقل، بل هى سفن تعمل داخل الميناء،فإذا ماتم استبعاد هذه الوحدات من الأسطول يصبح عدد سفن الأسطول ا لمصرى نحو 40 سفينة.

وأظهرت البيانات التى إشتملت عليها الدراسه حول متوسط أعمار سفن الأسطول التجارى ونوعياتها , تراجع أعداد كافة نوعيات السفن لصالح سفن الحاويات. وأن %91من سفن الأسطول المصرى تجاوز عمرها 15 عاما، وحوالى %57 منها تجاوز عمرها 25 عاما مما يستوجب تخريدها وفقا لقواعد المنظمة البحرية الدولية.

والباقي وقدره %34 منها يجب استبعادها لتقادمها تكنولوجيا، أى أن %91 من سفن الأسطول فى عام 99 كانت متقادمة فنيا، او انتهى عمرها الافتراضى وفقا لدراسه سابقه للدكتور محمد على.

يتضح من هذا البيان أن نحو %57 من سفن الأسطول يجب تخريدها وفقا لتعليمات المنظمة البحرية الدولية، ونحو 22% متقادم تكنولوجيا، كما ان سفن الأسطول بصفة عامة حمولاتها متواضعة.

وحول مساهمة الأسطول البحرى فى نقل التجارة المصرية المنقولة بحرا أشارت الدراسه إلى تراجع نقل تجارة مصر الخارجية – كنتيجة لتراجع اعداد سفن الاسطول التجارى البحرى المصري- اذ بلغت %3.75 من حجم التجارة المصرية المنقولة بحرا عام 2012، وبالرغم ان وزارة النقل استهدفت زيادة هذه النسبة ال%10 على مدى خمس سنوات،الا ان هذه النسبة بلغت 3.85% فقط عام 2018 ،منها %3.1 صادر و%4.19 وارد.

وقال، إنه فى عام 1996 كان الأسطول التجاري البحرى ينقل نحو %7.99 من تجارة مصر الخارجية وقد ساهم فى نقل %6.7 من الواردات و%1.29 من الصادرات المصرية كما تم نقل %13.96 من للتجارة المصرية الخارجية على سفن مستأجرة منها %0.7 صادرات، %13.86 واردات، أي أن الاسطول المصرى المملوك والمستأجر قام بنقل ماقيمته 21.95% من تجارة مصر الخارجية، خلال النصف الثانى من التسعينيات من القرن الماضى،

كما استعرضت الدراسة الوضع الحالى للموانئ البحرية المصرية ونبهت إلى خطورة تركز تداول البضائع بالموانى المصرية في موانى الأسكندرية ودمياط وبورسعيد، حيث تشير الدراسات المناخية العالمية، إلى إحتمالية غرق موانئ الإسكندرية ودمياط وبورسعيد بحلول عام 2050.

ولفتت الدراسة إلى أن تداول البضائع فى الموانئ المصرية، يتسم بالتركز الشديد، حيث يتم تداول نحو36% من إجمالى ما تداولته الموانئ المصرية بميناء الإسكندرية، ونحو %21 بميناء دمياط، وحوالى %34 في موانئ المنطقة الاقتصادية (معظمها بمينائى بورسعيد والسخنة)، كما أن حوالى %61 من إجمالى الحاويات المتداولة بالموانئ المصرية بموانئ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (معظمها بمينائى بورسعيد والسخنة.

كما أن الطاقة التصميمية للموانئ المصرية بلغت عام 2018، نحو 170.605 مليون طن، وحوالى 11مليون حاوية، وأسفرت جهود الدوله خلال الفتره الماضيه عن زيادة طاقة الموانئ بنسبة27% فى البضائع، وبنسبة %90 الحاويات، وتستهدف الدوله مضاعفة الطاقة الاستيعابية لتبلغ 20مليون حاوية و370 مليون طن سنويا بحلول عام 2030.

وأكد الدكتور محمد علي من خلال دراسته على أوضاع الموانى المصرية فقال أن العوائد التى تحققها الموانئ المصرية هزيلة، ولا تتناسب مع حجم الاستثمارات المنفذة بها، لافتا أن دولة مثل سنغافورة تحقق من نشاط المسافنة (حركة السفن بالموانى) بالميناءأكثر من 18 مليار دولار سنويا،وايراد هذا النشاط وحده يزيد كثيرا عن كل ايرادات الموانى المصرية مجتمعة ناهيك عن المقارنة مع ميناء جبل على.

وأوضح أن اختلاف جهات الإشراف على الموانئ يخلق نوعا من المنافسة الضارة بينهم، كما يصعب التنسيق بين الجهات المختلفة حتى فى ظل وجود المجلس الأعلى للموانئ.لافتا أن الموانئ المصرية موزعة على ثلاث جهات إشرافية , وزارة النقل ويتبعها 9 موانئ ( الإسكندرية– الدخيلة – دمياط – هيئة موانئ البحر الأحمر التى تضم كل من السويس – سفاجا – نويبع – الغردقة – شرم الشيخ – حوض البترول ).المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ويتبعها ( بورسعيد غرب– شرق بورسعيد – العريش –الأدبية– الطور – السخنة ).

هذا بخلاف ثلاثة موانئ جديدة أنشأتها القوات البحرية ( جربوب – ابى قير – برنيس) ويتكون ميناء جربوب من : رصيف مدنى بطول 1080.8 مترا وغاطس 15 مترا ودائرة دوران 450 مترا، وحاجز أمواج بطول 3 كم ويتضمن المشروع ميناء تجاري وسياحى عالمى ومحطة ركاب وميناء حاويات ومنطقة صناعية ولوجيستية.

كما يشمل ميناء برنيس رصيف تجاري ومحطة استقبال الركاب وأرصفة متعددة الأغراض وأرصفة للبضائع العامة وأرصفة وساحات لتداول الحاويات بالإضافةإلى كونها قاعدة عسكرية،أما ميناء أبو قير يضم محطة حاوية ستديرها احدى الشركات الصينية، هذا بخلاف الموانئ التخصصية.

وتطرقت الدراسة إلى وضع الموانئ المصرية فى المؤشرات الدولية، فبالرغم من أن الموانئ العالمية قد وصلت للجيل الخامس، ما زالت الموانئ المصرية فى الجيل الثانى، وتحاول جاهدة الوصول إلى الثالث،كما ان ترتيبها بين الموانئ العالمية لا يتناسب مع أهمية موقع مصر ومكانتها.

واستنكر الدكتور محمد على خروج ميناء الأسكندرية من قائمة أفضل 100ميناء فى العالم فى2020،- وفقا لللتقرير الصادر عن مجلة containerization International بالتعاون مع Lloyds – رغم أنه كان يحتل المركز 94 ضمن 100 ميناء العام الماضى, فيما قفز ميناء غرب بورسعيد الى المركز السادس والاربعين، بعد ان كان يحتل المركز السابع والخمسين فى العام السابق.

بجانب السماح بإنشاء موانئ حرة، ومنح الامتيازات للمستثمرين وللمشغلين لبعض الأنشطة، على أن تتحدد فترة الامتيازات وفقا لقيمة الاستثمارات المنفذة، مع إلزامهم بتحقيق أهداف محددة.

وطالبت بوضع الحوافز الملائمة لتشجيع تجارة الترانزيت والاقطرمة ( المسافنة) المعتمدة على أنشطة وحركة السفن بالموانى،وعمل ترتيبات ولاء مع كبار العملاء ،بموجبها يتم رد جزء من رسوم الموانئ وفقا لحجم التداول.وتشجيع المشاركة مع الخطوط الملاحية فى ادارة محطات الحاويات،لضمان توفير حجم تداول يضمن تشغيلها بكفاءة.

وحول طرق تحسين تنافسية الموانى المصرية أشار ت الدراسة إلى أن تنافسية الموانئ تزيد من تنافسية الدولة وتتوقف تنافسية الموانئ على اللوجستيات التى تربطها بالخطوط الملاحية من جهة، وتلك التى تربطها بمواقع الانتاج والاستهلاك من شبكات الطرق والسكة الحديد والنقل المائى الداخلى من جهة اخرى.

وذكرت أن تحسين تنافسية الميناء يتطلب تعزيز ارتباط الموانئ بالخطوط البحرية من خلال الرقمنة, وربط الشبكات المحلية والاقليمية والعالمية، وضمان المنافسة وتحديث الموانئ، وتيسير التجارة، ورصد الاداء.

وتقليل زمن بقاء السفينة بالموانئ عن طريق تنفيذ النافذة الواحدة، تبسيط الاجراءات،وجودة الخدمات اللوجستية، ورفع مستوى البنية التحتية والمعلوماتية ،جنبا الى جنب مع تحديث معدات الموانئ وزيادة مهارات العاملين.

وخلصت الدراسة إلى أهمية تطوير الموانئ وتجهيزها للانتقال من الجيل الثانى للجيل الثالث كمرحلة أولى، وتطوير البنية المعلوماتية بما يسمح بتطوير وتحويل الموانئ المصرية الى موانئ ذكية.

وشددت على تشجيع الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى المشروعات اللوجستية سواء كانت لوجستيات لخدمة البضائع العابرة أو السفن المارة بالقناة، أو الصناعات المقامة فى هذه المنطقة، وهو من شأنه أن يضاعف إيرادات قناة السويس عن طريقين :أولهما خلق طلبا إضافياعلى خدمات المرور فى قناة السويس،وثانيهما زيادة إيرادات الحاوية المارة من القناة اذ يبلغ إيراد القناة من مرور الحاوية ما بين 90=100دولار، فى حين يتراوح إيراد الحاوية بعد إجراء العمليات اللوجستية من 3500=5000 دولار، ناهيك عن تعزيز تنافسية القناة فى مواجهة الطرق البديلة والمنافسة.

كما تضمنت التوصيات التى خلصت إليها الدراسة , إدارة أنشطة الموانئ على أسس تجارية على النحو المطبق فى الموانئ المملوكة للدولة بسنغافوره، بحيث تمنح اداراتها حرية كاملة فى الادارة، مع التزامها بتنفيذ خطة الدولة، ويتم محاسبة الإدارة على تحقيق الأهداف فى نهاية العام.

وطالبت الدوله بحماية الموانئ المهددة بالغرق نتيجة للتغيرات المناخية، والتخطيط لانشاء موانئ بديلة فى الأجل الطويل تتناسب مع التطور فى التجارة الخارجية ،وتكون موانئ حديثة ومتطورة وذات مقدرة تنافسية.

كما دعت لوضع إستراتيجية قومية للتعاون مع الدول العربية والإفريقية المنشأة على البحر الأحمر، لتنمية التجارة البينية.ودعم القدرة التنافسية للموانى المصرية حتى يمكنها الصمود فى حلبة المنافسة مع موانئ شرق المتوسط، فى ظل مشروعات التطبيع الضارة بالاقتصاد.