وصلنا  الي » ديلي »‬ عاصمة تيمور الشرقية في السادسة من صباح يوم 9 اكتوبر. وكان اول القصيدة كفر فقد رفض برج المراقبة الجوية إضاءة الممر قبل دفع مبلغ 50 دولارا دون ايصال سداد... وظلت الطائرة تدور في السماء  لمدة ساعة حتي اشرقت الشمس وظهر مطار تيمور الذي يشبه مطار الجونة في احسن تقدير... المهم،  كان اول موعد لنا هو موعدنا مع السيد ماري الكثيري، رئيس الوزراء الاسبق والذي يشغل حاليا منصب رئيس  المنطقة الاقتصادية الخاصة في أوكوسيو تلاه لقاؤنا مع السيد رئيس الوزراء الحالي السيد زانانا جوسماو. كانت مفاجأة لنا ان نعلم ان الكثيري مسلم سني من أصول حضرمية ينتمي للجيل الثالث في تيمور الشرقية التي يدين اغلب شعبها بالديانة المسيحية والتي استقلت عن اندونيسيا لأسباب طائفية.و قد كان وهو المسلم أحد القادة التاريخيين المؤسسين الخمسة لجبهة فريتلين التي قادت حرب التحرير وكان  اول رئيس وزراء مسلم لدولة كاثوليكية. اعجبني هذا الموقف كثيرا واحترمته اكثر... فأنا ايضا صاحب مبدأ ان حب الوطن يسبق ويعلو علي حب الطائفة...بمعني انه اذا تعارضت مصلحة وطني مع مصلحة طائفتي الدينية فإنني وبلا تردد سوف أختار مصلحة وطني. انطباعي عن زيارتي تلك وفي مجملها هو ان تيمور الشرقية مازالت تعاني من  تأثير سيطرة  الفكر الاشتراكي علي الحركات التحررية في العالم وقد انعكس ذلك في صعوبة وندرة فرص الاستثمار في هذا البلد رغم وفرة الامكانيات فبالنسبة للاستثمار السياحي فإن اجراءات تخصيص الأراضي المطلوبة للاستثمار السياحي معقدة وغير متوافرة وبالنسبة لقطاع التعدين والمناجم فلم يصدر قانون ينظمه بعد. الملخص هو ان البلد غير جاهز للاستثمار علي الاطلاق خارج قطاع البترول...فلديه احتياطي نقدي 14 مليار دولار اصدر قانونا بمنع استخدامها في مشاريع للتنمية وحفظها للأجيال القادمة ! ! ! وماذا اذن عن احتياجات البلد العاجلة؟؟؟ غادرنا تيمور الشرقية مساء نفس اليوم متجهين الي ميانمار او بورما سابقا... اجمل بلدان شرق اسيا علي الاطلاق...و وصلنا في التاسعة مساء الي نايبيداو عاصمة ميانمار الجديدة.و قد قابلنا في صباح اليوم التالي الرئيس ثين سين الذي كان ودودا ومرحبا للغاية والذي يعتبر رغم خلفيته العسكرية قائد عملية التحول الديموقراطي في البلاد. فبعد عقدين من الحكم العسكري المباشر، شرعت ميانمار بخطي بطيئة ولكن تبدو ثابتة في عمل إصلاحات سياسية واقتصادية بعيدة المدي وقد بلغت الاستثمارات الأجنبية في 2014 حوالي  4.1 بليون  دولار أمريكي بزيادة ما يقرب من ثلاثة أضعاف قيمتها في 2013. اهم انطباعاتي عن العاصمة نايبيداو هو انها مدينة مهجورة نسبيا يعزف الاهالي عن الانتقال اليها والاقامة بها رغم  الصرف بسخاء علي منشآتها الحديثة وطرقها الرئيسية التي خلت تقريبا من السيارات. هناك اكثر من عشرين فندقا فخما جديدا لا تجدون من يشغلها هذا غير البذخ الشديد والواضح في تكلفة إنشاء وتأثيث القصر الرئاسي والطرق المؤدية اليه ذات الثماني حارات. حقيقة...  لم افهم سبب انشاء عاصمة جديدة وسط الادغال البورمية علي بعد 400 كلم شمال العاصمة القديمة يانجون وتكبد تكلفة نقل الوزارات والمؤسسات وما يتطلبه ذلك من بنية أساسية رغم ان يانجون كانت المدينة الوحيدة التي تتمتع ببنية أساسية معقولة في هذا البلد الفقير. ثم  طرنا الي يانجون في الواحدة ظهرا حيث قابلنا عددا من كبار رجال الاعمال في ميانمار وقد كانت كل لقاءاتنا في غاية الود والترحيب ولكني رغم ذلك ورغم ما تم من  اصلاحات شعرت انه مازالت هناك الكثير من القيود والعقبات التي تعيق تدفق الاستثمارات الاجنبية وتدفع المستثمرين إلي الإبقاء علي حذرهم. و كان احلي ختام لزيارتي تلك هو لقائي مع رمز الحرية والنضال... السيدة  أون سان سو تشي زعيمة المعارضة في ميانمار الحائزة علي جائزة نوبل للسلام عام 1991 والذي سوف اخصص له مقالا كاملا نظرا لأهمية هذا اللقاء فإن أون سان سو تشي لها مكانتها المرموقة كأحد اهم الشخصيات السياسية في عالمنا المعاصر وقد خلدت اسمها بأحرف من نور بين عظماء الأمم وهي علي قيد الحياة مثلها مثل نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي  . المهم تركنا يانجون مساء نفس اليوم متجهين الي كوريا الشمالية وهذه حكاية اخري ستكون موضوع مقال الاسبوع القادم بأذن الله