د. محمود الهوارى: الوساطة والمحسوبية تسببان الفساد المجتمعى

الوساطة والمحسوبية
الوساطة والمحسوبية

سنية عباس

الحصول على الوظيفة أو فرصة عمل أمر يتشوق إليه الناس، ولكن ينبغى أن يكون منضبطا بمعايير العدل والشفافية وليس المحسوبية وكارت الواسطة أو تليفون المسئول لمنع الفساد المجتمعى والترهل الإدارى وضياع حقوق المستحق، وهذا ما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية فى ختام أسبوع الصعيد، واتخذته أكاديمية الشرطة منهجا جديدا لاختيار الطلبة الجدد باستخدام الحاسب الآلى دون تدخل بشرى، وهذا ما نأمله فى الجمهورية الجديدة بكل القطاعات، ولذلك كان من الضرورى التوضيح الدينى من الدكتور محمود الهوارى الباحث الشرعى بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف للتفريق بين الوساطة ومتى تكون حسنة أو سيئة وبين الشفاعة ومتى تكون مشروعة ومتى تكون مذمومة؟


يقول د. محمود الهوارى: الحصول على وظيفة أو فرصة عمل بالوساطة أو المحسوبية أو الرشوة من المشاهد الشائعة فى حياة عديد من الناس، ويجب النظر إليها بعمق ووعى للتفقه فى حكمة الله سبحانه وتعالى من تفاوت الأرزاق وتوزيع الأقدار فجعل بعض الناس فوق بعض فى الأموال والأعمال والعقول ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فتدوم الحياة يقول عز وجل: «أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون»، فما عند الله ينال بطاعته لا بمعصيته، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث فى روعى أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوجب رزقها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية) وهذا لا يناقض السعى المشروع.
ويضيف: الحصول على عمل أمر مطلوب وضرورى لما يترتب على ذلك من دخل مادى ووضع اجتماعى ورضا نفسى لكن هل من حق أى إنسان الحصول على أى وظيفة؟! ونقول لكل وظيفة مؤهلات وليس كل إنسان صالح لكل عمل، وللأسف البعض لا يرضى بهذا المنطق ويسعى إلى الوساطة والمحسوبية التى تجرهم إلى الرشوة أحيانا ومن يفعل ذلك يظلم غيره ويحرمه من فرصة عمل هو أحق بها، فضلا عما يتركه هذا الوباء من ضغائن بين الناس وعبء إدارى تتحمله الدولة والميزانية مما يعد ظلما مركبا. ويستكمل: سمى القرآن الكريم الوساطة بالشفاعة وقسمها إلى حسنة وسيئة يقول سبحانه: «من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها»، ويخلط الناس بين الوساطة والمحسوبية المذمومة وبين الشفاعة وهى عمل طيب مقبول، والوساطة الحسنة تكون لدفع الظلم وإيصال الحقوق إلى أصحابها وإغاثة الملهوف وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة يقول: (اشفعوا تؤجروا)، أما الوساطة أو الشفاعة التى تؤكل بها حقوق الآخرين وتعتدى على مبدأ العدالة فهى من أشكال الظلم الاجتماعى قال سبحانه فى الحديث القدسى: (يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، ويتجلى هذا الظلم عندما يوضع شخص فى مكان لا يستحقه لأن فى ذلك تضييعا للحقوق وأكلا للأرزاق، والحصول على الأعمال يجب أن ينضبط بمعايير تحقق المساواة والشفافية ترجع إلى الكفاءة والقدرة على الإنجاز، وعندما يسود الشعور بالظلم يقل الإنتاج وتشيع أخلاق النفاق والكذب والتعدى على المال العام والخاص.


ويتابع: حتى لا ينتقل الناس من الشفاعة الحسنة المشروعة إلى الشفاعة السيئة الممنوعة لابد من مراعاة ألا تتسبب الشفاعة فى تعطيل حكم فيه صيانة المجتمع من الانحراف، أو سبب فى منع عقوبة واجبة فى حق مجرم وقد ثبت أن أسامة بن زيد رضى الله عنه أراد أن يشفع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المخزومية التى سرقت فغضب لذلك لما فيه تضييع الحقوق والحدود، وألا تضيع الشفاعة حق من لهم الحق أو تضره، وألا يتخذها الشافع وسيلة للربح والمخلصون الذين يرجون الثواب من الله لا يرضون بشيء من الدنيا، ولا يجوز لمن توسط فى وظيفة لآخر أن يطلب منه مقابلا لأن ذلك سحت حرام، والوساطة أو الشفاعة فى الخير مرغوبة فقد جعل الله على ذوى الوجاهة الاجتماعية والمكانة الأدبية والكلمة المسموعة زكاة يؤدونها لإخوانهم المحتاجين لمعونتهم تشعرهم بأن لهم إخوانا فى الدين وأعوانا من الكرماء وإذا قام بعضهم بالمعونة سقط الإثم عن الباقين.


أقرأ أيضأ l مصر تعرض تجربتها فى مكافحة الفساد في جلسة خاصة