بدون تردد

ليبيا.. والانتخابات

محمد بركات
محمد بركات

التطورات التى جرت على الأراضى الليبية خلال الأسابيع والأيام الماضية، وصلت الآن إلى فض الغموض الذى كان محيطا بالموقف الخاص، بإجراء أو تعطيل انعقاد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى الموعد الذى كان مقررا لها، وهو الرابع والعشرون من ديسمبر الحالى.


وأحسب أنه كان من الواضح فى ظل التفاعلات التى كانت جارية على الأراضى الليبية مؤخرا، تنامى وتصاعد التوجهات لدى القوى المتصارعة هناك، للحيلولة دون انعقاد الانتخابات فى موعدها المقرر، وذلك إدراكا منها لخسارتها المتوقعة فيها، وهو ما يهدد وجودها المادى والمعنوى على الأراضى الليبية.


وفى ظل هذه التفاعلات، بات مؤكدا أيضا أن جماعات الاسلام السياسى، والأخوان المسلمين بالذات، على رأس القوى الساعية لعدم اجراء الانتخابات فى موعدها. تحسبا لخسارتهم المتوقعة فيها، وما يتبع ذلك من إضعاف لموقفها وإنهاء سيطرتها على الساحة الليبية.


ولذلك كانت تحركاتهم العنيفة وقيامهم بالتهجم على المقار الرئاسية والحكومية وحصارها فى طرابلس، فى رسالة تهديد واضحة لكل من يريد إجراء الانتخابات فى موعدها الذى كان مقررا.
وعلى الرغم من إنهاء الحصار بعد توافقات بين القوى المختلفة، إلا أن الموقف ظل يكتنفه الكثير من الغموض، بخصوص انعقاد الانتخابات فى موعدها، فى ظل الجهود التى بذلتها أطراف دولية لتحقيق ذلك،...، ولكنها  لم تنجح فى مسعاها واضطرت إلى تعديل هذه المساعى، إلى محاولة الاتفاق على موعد قريب لاجراء الانتخابات، للحيلولة دون عودة الفوضى والعنف إلى الساحة الليبية من جديد.


والمتابع لهذه التطورات على الأراضى الليبية، يدرك باليقين ان المسئول الأول عن هذه التعقيدات والسلبيات، هو الوجود غير الشرعى للقوات الاجنبية والمرتزقة والميليشيات المسلحة هناك.
ويدرك أيضا أن ذلك الوجود غير الشرعى، تم نتيجة التهاون الدولى بل والتورط الدولى، الذى سمح بهذا الوجود تنفيذا للمخطط الذى كان معداً مسبقاً من جانب قوى الشر الاقليمية والدولية لإعادة رسم خريطة المنطقة العربية والشرق أوسطية، وذلك باسقاط الدول ونشر الفوضى والدمار بها، تمهيدا لقيام الشرق الأوسط الجديد، الذى بدأت خطوات تنفيذه بهبوب عواصف وأعاصير الخراب والدمار على المنطقة العربية، فى ظل ما سمى بالفوضى الخلاقة والربيع العربى،...، بينما كان الذى جرى هو المثال الحى للفوضى المدمرة وربيع الخراب.