أحمد إبراهيم
أصدرت دولة الإمارات قرارا منذ أيام بإلغاء الرقابة على المصنفات الفنية، وهو القرار الذي أثار حالة من الجدل الواسع، ولقى صدى داخل أروقة الوسط الفني بمصر، وتساءل البعض عن سر التراجع في إتخاذ القرارات والتمسك بكل القيود التي تحجم حرية الإبداع، خاصة أن كانت هناك مطالبة منذ سنوات عديدة بإلغاء الرقابة على المصنفات الفنية داخل مصر، والاعتماد بشكل رئيسي على التصنيف العمري للأفلام، مثلما قررت الإمارات منذ أيام.. “أخبار النجوم” فتحت الملف مجددا، واستطلعنا بعض الأراء التي اختلفت حول القرار ومدى تطبيقه في مصر، وطرحنا بعض التساؤلات “هل من الممكن أن يحدث هذا الأمر في مصر؟”، و”ما إيجابيات وسلبيات التي ستنتج جراء هذا القرار؟”.. هذا ما تيجيب عنه السطور المقبلة..
في البداية يرى المخرج أمير رمسيس أن الغاء الرقابة على المصنفات الفنية خطوة جريئة وإيجابية، وفي صالح حركة صناعة الفن والسينما بالتحديد في الإمارات، لكي تتحرر من قيود الرقابة، وتبحث عن موضوعات جديدة، وتخلق مزيدا من الإبداع، لأن الرقابة تقتل الإبداع، وتذبح الأفكار الجريئة.
ويضيف رمسيس: «أتمنى أن تستلهم مصر نفس الخطوة، ورغم أنها خطوة متأخرة لكن يبقى تنفيذها في الإمارات أمر إيجابي، ولو حدثت تلك الخطوة في مصر سنرى مزيدا من الأعمال المتميزة، وننافس بشكل أكبر في المهرجانات العالمية».
ويرى أمير أن هذا القرار يحتاج إلى شجاعة كبيرة لتنفيذه في مصر، ويرى أن هناك الكثير من المسئولين يؤيدون الغاء الرقابة، لكنهم في خوف من رد الفعل الشعبي، وأن الحجة الجاهزة أن الغاء الرقابة سيهدم العادات والتقاليد الإجتماعية، رغم أن هذا اعتقاد خاطئ، لأن السينما بالفعل وعلى مدار سنوات طويلة استطاعت التحايل على مقص الرقيب، وقدمت ما تريده من رسائل بشكل غير مباشر، دون أن يؤثر ذلك على التقاليد الإجتماعية، ويضيف أمير: «هناك عشرات القصص لكبار كتاب السيناريو والمخرجين عن تجاربهم في التحايل على الرقابة، لأن الأمر لا يقتصر فقط على المشاهد الجريئة أو الألفاظ الغير لائقة، بل قد يصل الأمر للحجر على فكرة جريئة عن قضايا إجتماعية أو سياسية، وأتذكر أن أحد كبار المؤلفين في مصر قال: (الرقابة لم ولن تتغير منذ نشأتها، وأغلب المشاهد الجريئة التي قمت بإضافتها لأعمالي، كانت لتمرير الهدف الرئيسي من العمل، حتى يركز الرقيب فقط في جراءة مشهد واحد ولا يهتم بمضمون الفيلم ككل)، وللآسف الرقابة تسببت في خسائر كبيرة في الصناعة على مدار عقود، فهناك منتجين هربوا من الصناعة بسبب إنتاج أعمال ظلت حبيسة الأدراج لمنع الرقابة لها، وفي النهاية لم تستطع الرقابة القيام بدورها، لأن أغلب الأعمال الآن أصبحت تسرب بكامل تفاصيلها، كما أن المنتجين أصبحوا يتهربون من الأفكار الجريئة التي قد تصطدم بمقص الرقيب، ويتجهون لإنتاج أعمال فقيرة فنيا لكنها مضمونة تجاريا وتحظى برضا الرقيب».
لا يصلح
في حين يقول السيناريست بشير الديك أن تطبيق هذا القرار لا يصلح في كافة الدول العربية، فهناك دول ظروفها وطريقة معيشتها وعاداتها وتقاليدها تسمح بالتنفيذ، مثل الإمارات، والعكس في مصر، فمن الصعب تطبيق ذلك لأن غالبية الشعب يؤيد وجود رقابة فنية، حتى ولو صناع الفن يريدون العكس، لأن كل مواطن يريد أن تقوم الرقابة «بفلترة» الأعمال التي تعرض له قبل أن تصل إلى بيته، ويشاهدها أبنائه، وذلك حتى لو طالب صناع الفن بمزيد من الحرية في صناعة أعمالهم، لأن الحرية قد تفيد بتقديم أعمال ذات أفكار جريئة وتزيد من الجودة الفنية للعمل وكذلك الإيرادات، لكنها في المقابل قد تزيد من مستوى الإسفاف والجنس بالأعمال.
ويضيف الديك: «يجب أن تكون هناك رقابة، لكن رقابة مستنيرة، تبحث عن الأخطاء والمشاهد الغير لائقة، وتعترض عليها، لكن بعيدا عن أي حسابات أخرى».
خطوة عالمية
الناقد طارق الشناوي أكد أن الرقابة على المصنفات الفنية تم إلغائها في العالم كله – تقريبا – وأستغرب تمسك مصر بهذا الكيان، مؤكدا أن التصنيف العمري هو البديل الطبيعي لشكل الرقابة القديم، وأن التصنيف يتم من خلال صناع للدراما مع شخصيات متخصصة في علم النفس والإجتماع وجمهور عادي، حتى يتم العرض دون «قص»، مع تصنيفه عمريا ليناسب المشاهد حسب عمره.
ويضيف الشناوي: «خطوة الغاء الرقابة الفنية يمكن تطبيقها في مصر، لكن تحتاج لجرأة، خاصة مع وجود قرارات رقابية غير منطقية تصدر في عام 2021، منها إلغاء حفلات المهرجانات، رغم شعبيتهم الكبيرة محليا وعربيا، لذلك فقرار مثل إلغاء الرقابة سيتبعه إنتقادات كثيرة خاصة بهدم التقاليد الإجتماعية، وهو ما يحدث دائما مع أعمال آل السبكي أو أعمال محمد رمضان، رغم أن الدراما إنعكاس للشارع وليس العكس».