خبير آثار يرصد تاريخ ميلاد السيد المسيح بين الكتب السماوية والتقويمات

خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان

تحتفل الكنيسة الغربية اليوم 25 ديسمبر بعيد الميلاد والتى ستحتفل به مصر 7 يناير ومن هذا المنطلق يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن القرآن الكريم لم يذكر تاريخًا محددًا  أو مكانًا محددًا لميلاد السيد المسيح حيث أن القصص القرآنى يذكر الحوادث للعظة وليس للتأريخ والأحاديث النبوية والتفسير هو الذى يؤرخ للأحداث وجاء التعبير المكانى لميلاد السيد المسيح  " مَكَانًا شَرْقِيًّا " فى الآية 16 من سورة مريم } وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَٰبِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا{ بالنسبة إلى مسكن عائلة أم السيد المسيح  السيدة مريم العذراء  الذى اصطفاها سبحانه وتعالى على نساء العالمين وفى أناجيل العهد الجديد الأربعة لم يتحدث القديسين مرقص ويوحنا عن واقعة الميلاد واختلف القديسين متى ولوقا سواءً في تحديدهما لتاريخ الميلاد أو لموقعه فبينما يذكر إنجيل متى أن مولده عليه السلام كان فى أيام حكم الملك هيرودوس الذى مات فى العام الرابع قبل الميلاد فإن إنجيل مرقص يجعل مولده فى عام الإحصاء الرومانى أى فى العام السادس الميلادى.


ويرد  الدكتور عبد الرحيم ريحان على ما نشر بالمواقع الإلكترونية من التفسير الخطأ للآية الكريمة رقم 25 بسورة مريم " وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً"  بأن ميلاد السيد المسيح كان فى موسم حصاد النخل ما بين شهرى أكتوبر أو سبتمبر استنادًا إلى كتاب "بغية السائل من أوابد المسائل" للكاتب وليد مهدى كما ذكر فريدرك فرار فى كتابه "حياة المسيح"، أن الفلكى كيلر قال إن تاريخ الميلاد كان فى نحو سنة 5 أو 6 قبل الميلاد، ويشير الكتاب للفصل الذى ولد فيه السيد المسيح مستشهدًا بالآية الكريمة " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا" سورة مريم، ويرى الكاتب أنه يتبين من الآيات أن السيدة مريم قامت بهز جزع النخلة تلبية للنداء، وأن النخل سقط منها رطبًا جنيًا، والجميع يعلم أن موعد جنى البلح والرطب فى الصيف وليس الشتاء، أى أن المسيح لم يولد فى 25 ديسمبر ولا 7 يناير.

ويوضح الدكتور ريحان بأن ما ذكر فى الكتاب لم يرد فى أى تفسير للآية الكريمة حيث ورد فى معظم التفاسير ومنها تفسير الطبرى أن جذع النخلة كان جذعًا يابسًا وذلك فى أيام الشتاء وسقوط الرطب تم بمعجزة  وأن تفسير الكتاب المذكور للآية هو إنكار للمعجزة وفى تفسير القرطبى أمرها سبحانه وتعالى بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى فى إحياء موات الجذع وفى تفسير الشيخ الشعراوى أمرها الله سبحانه وتعالى بهز الجذع اليابس وفى تفسير ابن كثير أنها كانت شجرة فى غير أوان ثمرها فكانت المعجزة بنزول الثمرة.

ويضيف الدكتور ريحان أن المسيحيون فى الغرب يحتفلوا بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ليلة  25 ديسمبر وفى مصر ليلة  7 يناير وذلك لأن مسيحى مصر يحتفلون  بعيد ميلاد السيد المسيح  يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطى وهذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم الرومانى الذى سمى بعد ذلك بالميلادى ولقد تحدد عيد ميلاد السيد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر وذلك فى مجمع نيقية عام 325م حيث يكون عيد الميلاد فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكيًا) .

ويشير الدكتور ريحان إلى أسباب اختلاف  تاريخ الاحتفال بميلاد السيد المسيح بين الشرق والغرب إلى إنه فى عام  1582م فى عهد البابا جريجورى بابا روما لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر عيد الميلاد ليس فى موضعه أى أنه لا يقع فى أطول ليل وأقصر نهار وهناك فرق عشرة أيام  أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام ليقع فى أطول ليل وأقصر نهار ونتج ذلك من الخطأ فى حساب طول السنة (السنة تساوى دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يوم وست ساعات ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يوم وخمس ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها حسب التقويم اليوليانى بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى اليوليانى حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغورى إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا .


وينوه الدكتور ريحان إلى أن البابا غريغوريوس وضع قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد  فى موقعه الفلكى أطول ليل و أقصر نهار وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة لأن تجميع فرق 11 دقيقة و 14 ثانية يساوى ثلاثة أيام كل 400 سنة ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذى وصل إلى 13 يوم ولكن لم يعمل بهذا التعديل فى مصر إلا بعد دخول الإنجليز إليها عام 1882 فأصبح 11 أغسطس هو 24 أغسطس وفى تلك السنة أصبح 29 كيهك عيد الميلاد يوافق يوم 7 يناير بدلا من 25 ديسمبر كما كان قبل دخول الإنجليز إلى مصر أى قبل طرح هذا الفرق لأن هذا الفرق 13 يوما لم يطرح من التقويم القبطى.

ولفت الدكتور ريحان إلى أن التقويم القبطى هو التقويم المصرى القديم أقدم تقويم عرفته البشرية ويعود إلى عام  241 ق . م  وهو يعتمد على أحد النجوم الكبرى " نجم الشعرى اليمانية "  كأساس له فى الحساب  وأن ظهور هذا النجم مرتبط بفيضان النيل ولهذا يعرف  بالتقويم النجمى أو الفرعونى  وشهور هذا التقويم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمواسم الزراعية والفيضان وطقس مصر والسنة القبطية 365 يوم وست ساعات
وتابع بأن مدلول الشهور القبطية له جذور راسخة فى تاريخ مصر القديمة مازالت تستخدم حتى الآن فى قرى مصر خصوصًا فى الصعيد ومنها توت يقول للبرد إتفضل فوت، بابة ادخل واقفل البوابة، هاتور أبو الدهب المنثور، كيهك تقوم من فطارك تحضر عشاك، طوبة ماتبلش ولا عرقوبة، أمشير أبو الزعابير، برمهات روح الغيط وهات، برمودة دق العامودة، بشنس يكنس الغيطان كنس، بؤونة الحجر، أبيب إلى ياكل ملوخية يروح للطبيب، مسرى تجرى فيها كل قناة عسرى، نسئ ست أيام نسيان.