فرنسا ترفع السرية عن الأرشيف القضائي لحرب الجزائر

 الأرشيف القضائي لحرب الجزائر
الأرشيف القضائي لحرب الجزائر

رفعت فرنسا اليوم الخميس السرية عن الأرشيف السري القضائي الخاص بالحرب الجزائرية خلال الفترة من 1954 وحتى 1962 ميلادية، ونشر القرار الوزاري، بالجريدة الرسمية الفرنسية، والذي بموجبه تبسط فرنسا الوصول إلى المحفوظات القضائية للحرب الجزائرية ، حيث يفتح المرسوم الوزاري الأرشيف القضائي الفرنسي فيما يتعلق بالحرب الجزائرية قبل خمسة عشر عامًا من التقويم القانوني.

واعتبر عدد من المؤرخين - العاملين في هذا الحقل - أن القرار يحقق تقدمًا كبيرًا، لأن قانون التراث يُخضع هذه الوثائق- من حيث المبدأ- إلى فترة 75 عامًا قبل فتحها للاطلاع بشكل مجاني ومباشر من قبل الجمهور ، ما يعني أن هذه الوثائق كان محدداً لها أن ترى النور بين أعوام 2029 و2037 ميلادية.

وبموجب القرار الوزاري بفتح الإطلاع والوصول إلى هذه الوثائق يصبح من الآن فصاعدًا الوصول إليها دون قيود بحكم ما يسمى بإجراء «الإعفاء العام» وتتعلق بتحقيقات الضابطة العدلية والقضايا المعروضة أمام القضاء، خلال هذه الفترة التاريخية .

وكانت وزيرة الثقافة روزلين باشيلو التي تشرف على الأرشيف الوطني - باستثناء الوثائق الخاصة بوزارتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية - قد أعلنت بالفعل في العاشر من ديسمبر عن هذه البادرة، تماشيًا مع عملية إحياء الذكرى التي قادها الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.

وكان المؤرخ «بنيامين ستورا» قد أعد تقريرًا حول التوفيق بين الذكريات الفرنسية الجزائرية وقدمه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون - في يناير الماضي - دعا فيه بشكل خاص إلى تحسين الوصول إلى أرشيف هذه الفترة من أجل التحرك نحو مزيد من الحقيقة.

وقال «ستورا»: «التأثير على العلاقة المعذبة بين الجزائر وباريس يجب أن يكون محدودًا - حيث أن الخلاف التذكاري ليس سوى قطعة واحدة من أحجية استراتيجية متوترة - وتهدف الرسالة إلى إظهار الرأي العام على جانبي العالم، البحر الأبيض المتوسط ​​أن السلطة التنفيذية الفرنسية تتحمل مسؤولياتها».

واعتبر مؤرخون ما قامت به الجمهورية الفرنسية - اليوم - استكمالاً للجهود المبذولة في طريق تحقيق المصالحة مع الشعب الجزائري في اطار خطة الجمهورية الفرنسية التي تهدف لذلك منذ فترة بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة للجزائر في 7 ديسمبر 2017، وتقديم اعتذار رسمي عن المجازر التي ارتكبها الجيش الفرنسي في حق الجزائريين خلال فترة الاستعمار التي امتدت من عام 1830 حتى 1962.

بدوره اعتبر عثمان توزغارت - الكاتب الجزائري المقيم في باريس - أن رفع السرية عن الارشيف التاريخي يعد خطوة هامة على طريق المصالحة، مؤكدًا أنها ليست خطوة كافية، مرجعًا ذلك لمًا ببره بأن لأن الشدة الدبلوماسية بين البلدين «فرنسا والحزائر»، ليست ناجمة فقط عما يسمى بـ«حرب الذاكرة»، وبإرث الفترة الاستعمارية، بل إنه - بحسبه أيضًا - له أبعاد سياسية راهنة مرتبطة بتزايد الخلافات بين البلدين بخصوص قضايا الهجرة وحقوق الجاليات المغتربة المقيمة في فرنسا وتباين وجهات النظر بخصوص عدد من القضايا الإقليمية، منها الأزمة في ليبيا، الوضع في تونس، والحرب ضد الارهاب في مالي ومنطقة الساحل الافريقي عمومًا.

ورجح «توزغارت» أن تستمر حالة البرود الدبلوماسي بين البلدين حتى تضع انتخابات الرئاسة الفرنسية أوزارها، وبالتالي يمكن القول هل سيتم التمديد للرئيس ماكرونـ، أم سيتم انتخاب رئيس جديد لفرنسا؟.

وقال «توزغارت» بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وفي حال انتخاب رئيس جديد لفرنسا ستكون هناك خطوط اكبر للمصالحة وكسر للحاجز النفسي بين حكومتي البلدين.

وكان «ماكرون» قد زار الجزائر أثناء حملته الانتخابية وأطلق خلالها تصريحات لاتزال عالقة في الأذهان، حيث قال الرئيس الفرنسي الحالي في تصريحاته وقتذاك إن الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي استمر 132 عامًا جريمة ضد الإنسانية.

ولاقت تصريحات «ماكرون» التي أطلقها من الجزائر - وقتذاك - هجرمًا شديدًا ضده من اليمين واليمين المتطرف، في حين لاقت ترحيبًا من الجزائريين.

وقبل أن يترشح «ماكرون» للرئاسة الفرنسية كان قد زار الجزائر عدة مرات خلال وجوده في منصبه كوزير للاقتصاد الفرنسي.

وكان الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان، قد زار الجزائر كأول رئيس لفرنسا يقدم على هذه البادرة في عام 1975، بعدها توالت زيارات رؤساء فرنسا إلى الجزائر.

ويدأت فكرة تبني نهجًا تصالحيًا مع الجزائر قد تبلورت في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند الذي وصف استعمار بلاده للجزائر بأنه «وحشي وجائر».

 

اقرا ايضا : ماكرون يعرض أولوياته للرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي