جنون العظمة مرض يدفع ثمنه من ينزلق الي دوامته، لكن الثمن الباهظ يتضح عندما يشغل صاحبنا الذي ينتابه هذا الجنون موقعا قياديا، والمصيبة لو كان ذلك الموقع في مستوي »‬رئاسة الدولة»!! وقد سجل التاريخ بمداد اسود قصصا مثيرة لبعض القادة والزعماء الذين انتشوا غرورا جامحا بأفكارهم وافعالهم، ففقدوا بوصلة التحرك المتوازن العاقل، ودفعوا الثمن الرهيب بسقوطهم او انتحارهم او اغتيالهم بعد ان يكونوا قد الحقوا الضرر البالغ ببلادهم!! هذه السطور ـ يا حضرات ـ ربما تدفعكم للاتجاه بأبصاركم وافكاركم نحو مسئول او اكثر في منطقتنا وزماننا، لكنكم ـ بالتأكيد ـ ستتوقفون باهتمام شديد امام ذلك الذي يكاد يعلن في كل مناسبة انه »‬العظمة» ذاتها، وانه لا يعبأ بأية ردود فعل غاضبة تجاهه سواء كانت من داخل بلده او من خارجه، وطبعا لن تحتاجوا الي ان اقول لكم ان اول حرف في اسمه هو »‬رجب»!! وان اردتم امثلة تجسد معني جنون العظمة عند سيادته فهي كثيرة ليس آخرها ما اطلقه من تصريحات عندما تنبه المجتمع الدولي لما ارتكبته السلطنة العثمانية ـ التي يحلم هو بإعادتها ـ من مذابح راح ضحيتها ما يزيد علي مليون ونصف مليون انسان، الي جانب من تم تشريدهم بعد قهرهم وتعذيبهم واغتصاب نسائهم، وقد تحرك ضمير المجتمع الدولي عندما حلت ذكري مرور مائة عام علي تلك المذابح التي وقعت في عامي 1915 و1916، فأصدر البرلمان الاوروبي قرارا يكشف ما ارتكبته الامبراطورية العثمانية من مذابح، وطالبت واشنطن تركيا بالاعتراف الكامل والصريح بالوقائع المرتبطة بتلك المجازر التي تعرض لها ارمن الاناضول إبان الحرب العالمية الاولي، ثم جاءت لطمة اخري من خلال »‬بابا الفاتيكان» الذي وصف ما حدث للارمن في تركيا بأنه ابادة بمعني الكلمة! هكذا ضاق الخناق الارمني الدولي حول رقبة السلطان العثماني الجديد، وكما هو متوقع من امثاله »‬عظماءالجنون» لم يعبأ بكل ما قيل، ووجه تهديدا عنيفا للبابا محذرا اياه من العودة الي وصف ما حدث للارمن بأنه ابادة، ثم قال ـ بالفم المليان ـ ان قرارات امريكا والبرلمان الاوروبي تثير السخرية ولا قيمة لها، وهي  »‬تدخل من أذنه اليمني لتخرج من اذنه اليسري!!» وانتقل معكم الي مثال اخر وهو ما تم من حجب مواقع تويتر ويوتيوب وفيسبوك اعتمادا علي قرار مسيس من احدي المحاكم لا لشيء إلا لأن هذه المواقع كشفت فساده وفساد ابنه وفساد المحيطين به، وكعادته لم يأبه بردود الفعل الغاضبة لذلك القرار، كما لم يعبأ بما اعلنه 7000 من الادباء والمفكرين والاعلاميين والفنانين والسياسيين الاتراك الذين وصفوا قراراته ومواقفه بالتهور والعشوائية، وطبعا دخلت هذه التصريحات والبيانات من أذنه اليمني لتخرج فورا من اليسري!! اما مواقفه مع مصر فحدثوا عنها يا حضرات ولا حرج، فقد تصاعدت حالة جنون العظمة لديه عندما تصور ان وصول الاخوان للحكم قد فتح له كل الابواب ليقيم الامبراطورية العثمانية، فجاء الي القاهرة منتفخ الاوداج حاد النظرات ملتهب التصريحات معلنا سعادته الجنونية الا ان الصدمة المفاجئة جاءته عندما هب الشعب المصري عن بكرة ابيه محتشدا بعشرات الملايين في ميادين التحرير معلنا سقوط النظام الفاشي الاخواني، فأصيب الرجل بلوثة عقلية لم يبرأ منها بعد ولعل اخر مظاهرها قد ظهر عندما حاول تهدئة اتحادات الصناعات الذين اعلنوا غضبهم من سياسته التي ادت الي توقف مصر ودول عربية عن التعامل التجاري معهم مما تسبب في انهيار منتجاتهم، فقد صرح سيادته بأنه مستعد للتسامح مع مصر وعودة العلاقات الطيبة معها بشرط ان تفرج عن المعزول مرسي وتلغي كل الاحكام الصادرة بحقه وحق رفاقه من قادة الجماعة! واكاد انا شخصيا اتصور ان سيادته جلس علي المقعد الوثير للسلطان الوهمي وحول حاشيته وجنوده الذين امر بأن يرتدوا الزي السلطاني المزركش واخذ يتحدث متوهما بأن الرئيس السيسي يقف امامه، فيقول له  : »نفذ يا عبدالفتاح تعليمات حضرتنا وسوف اتعطف عليكم بتنقية الاجواء معكم» واذا همس احد المحيطين به في اذنه قائلا له »‬ان السيسي ليس موجودا معنا الان، فإنه يبتسم ابتسامة واسعة ويهز رأسه وكأنه يقول »‬ان حضرتنا يري ما لا ترونه»!! انه ـ باختصار ـ جنو ن العظمة الذي فات اوان علاجه، وان كنت انصح اسرته برفع دعوي قضائية ضد مرسي ورفاقه لانهم ساهموا بشدة في تصاعد جنون العظمة لديه وذلك بخضوعهم له وتواطئهم معه بتسليم مصر إليه  »‬تسليم ع المفتاح» لتكون جزءا من امبراطوريته العثمانية، مما زاد من جنونه لدرجة احتقار اي انتقاد يوجه اليه، قائلا: انه »‬يدخل في اذنه اليمني.. ليخرج من اليسري».. صائحا :»انا سلطان.. انا سلطان»!