فى الصميم

صناعة الدواء.. من السمسرة إلى «التوطين»

جلال عارف
جلال عارف

هام جدا ما أعلنه عالمنا الكبير الدكتور عوض تاج الدين عن خطة لتطوير صناعة  الدواء الوطنية تم تكليفه بوضعها من رئيس الجمهورية. وهام ما أعلنه عن دعم الرئيس السيسى الكامل لهذه الخطة التى تتكلف مرحلتها الأولى 2 مليار جنيه.
لقد كشفت أزمة «كورونا» للعالم كله أن تأمين احتياجات أى دولة من الأدوية الاستراتيجية عبر صناعتها الوطنية هو جزء أساسى من أمن البلاد. وفى عز الأزمة رأينا دولا كبرى تلجأ للسطو على شحنات الأدوية وأجهزة التنفس لتأمين احتياجاتها. وعدا الكل ليراجع سياسة الاعتماد بصورة كاملة على الخارج بعد أن وجدت دول كبرى نفسها تقف فى طابور الانتظار للكمامات التى تنتجها شركاتها فى الصين بحثا عن تكلفة أرخص وربح أكبر!!
صناعة الدواء عندنا واجهت تطورات عديدة. كانت فى وقت من الأوقات توفر معظم الاحتياجات المحلية وتصدر للخارج. ثم جاءت سنوات إهمال الصناعة الوطنية وتراجع الاهتمام بالبحث العلمى مع تزايد سطوة الاحتكارات الكبرى فى العالم كله، لتدفع الصناعة الوطنية ـ بما فيها صناعة الأدوية ـ  الفواتير الفادحة لكل هذه الأخطاء.
والآن.. ومع العودة لتركيز الجهد على بناء الدولة التى تمتلك مفاتيح القوة الذاتية، تستعيد الصناعة الوطنية مكانتها وتنال الدعم الكامل من الدولة.. وفى هذا الإطار تأتى صناعة الدواء نموذجا لما يمكننا تحقيقه فى مجال نملك فيه العديد من مقومات النجاح وفى مقدمتها كنزنا البشرى من الخبرات العلمية القادرة على تحقيق الكثير فى مجال البحث العلمى بعد أن يتوافر لها الدعم الذى حرمت منه طويلا فى سنوات ساد فيها اقتصاد السمسرة وخبراء الفهلوة!
ندرك تماما أن المهمة ليست سهلة فى قطاع تتصارع فيه المصالح وتشتد فيه حروب الاحتكارات، لكننا نثق فى قدرتنا ـ بإذن الله ـ على النجاح. نملك كل الإمكانيات لذلك، ونملك ـ كما أكد عالمنا الكبير عوض تاج الدين ـ الدعم الكامل من الدولة، ونعرف جيدا ثمن التخلف فى هذا المجال ونحن فى عالم مازال ـ بعد كل ما عاناه العالم من كورونا ـ يقف عاجزا عن توفير اللقاحات للدول الفقيرة!!.. لهذا لانتحدث هنا عن «تطوير» صناعة الدواء ولكن أيضا وأولا عن «توطين»الصناعة فى دولة تملك كل الإمكانيات لذلك، ولو كره الوكلاء والسماسرة!!