بشارة العام الجديد.. عودة صالون مي

بشارة العام الجديد| عودة صالون مى
بشارة العام الجديد| عودة صالون مى

كانت مصر ولا تزال قبلة العالم العربى، ودرته الفريدة التى تمتزج فيها الحضارات، وتتلاقح فتعطى أطيب الثمار الثقافية، وفى هذا الحوار مع الشاعر جورج ضرغام، الأمين العام لـلمركز المارونى اللبنانى للثقافة والإعلام بالقاهرة، نسعى إلى نبش الماضى الثقافى وإجلاء صفحاته البيضاء التى لا يعرفها الكثيرون، وكذلك إسهامات المركز المارونى اللبنانى ودوره الثقافى،  والشاعر جورج ضرغام أديب وباحث متخصص فى السياسة اللبنانية، ومؤرخ للتراث المارونى واللبناني؛ عشقه للتراث جعله يعمل لسنوات على حفظ وأرشفة وثائق وأعمال الروّاد اللبنانيين، الذين أسهموا فى النهضة العربية والمصرية قبل قرن من الزمان:

فى البداية.. ألا ترى أن ما قدمه المركز المارونى لأديبة قديرة عربيا وعالميا مثل (مى زيادة) لا يزال ضئيلا؟

- مى أديبة كبيرة ملك للثقافة العربية، وقد أصدرنا مؤخرا كتابا ضخما يضم مقالاتها الكاملة فى (الأهرام) بتصدير المطران جورج شيحان، وتحرير الشاعر عزمى عبدالوهاب، وسنتقدم بطلب لتغيير اسم (شارع حمدي) بحى الظاهر إلى (شارع مى زيادة)، ونرجو أن تساعدنا الفنانة إيناس عبدالبدايم، وزيرة الثقافة؛ وهو الشارع الذى تقع فيه: الكاتدرائية المارونية، والمطرانية المارونية، والمركز الثقافى، والمدرسة المارونية

 

وجمعية المساعى الخيرية المارونية، وكلها أماكن مرَّت فيها مى زيادة وتحمل ذكرياتها؛ وليس معقولا ألا يوجد شارع فى القاهرة يحمل اسم الأديبة التى كانت أول من اقترحت ضرورة تغيير أسماء الشوارع قبل 92 عاما (فى مقال لها بالأهرام 1929)، إضافة إلى أننا سنعيد (صالون مى زيادة الثقافى)، الذى ندشنه فى الشهر المقبل، على أن يعقد كل ثلاثاء مثلما كان يعقد صالونها الشهير؛ وسنقدم أيضا وساما باسمها يمنح لإحدى الشخصيات النسوية المتميزة كل عام فى يوم ميلاد (مي).


مرجعية فكرية
 بصفتك الأمين العام للمركز.. فى رأيك ما أهمية إظهار تراث هؤلاء الروّاد؟
- الروّاد هم المرجعية الفكرية والوطنية لأى مجتمع، فلا يمكن أن تُؤصّل حادثة دون المرور بسيرتهم وإسهاماتهم، مثلا حينما نتكلم عن قضية التعايش وحوار الأديان سنذكر أن «مى زيادة» كتبت عن المساجد وصوت الأذان، إضافة إلى أن هؤلاء الرواد قد استشرفوا الأخطار الخارجية والصهيونية على العالم العربي، ومنهم «نجيب عازوري» صاحب كتاب «يقظة الأمة العربية» و»أمين الريحاني» الذى دعا إلى الوحدة العربية قبل إنشاء جامعة الدول العربية بعشرات السنوات، وحذر أيضا من المخططات الاستعمارية.


 لديك ثلاثة دواوين حتى الآن ولا تزال جعبتك ملأى.. كيف بدأت رحلتك مع «نداهة» الشعر؟
- الشعر بدأ عندى حينما سمعت اسم «جبران خليل جبران» من أساتذة وتلاميذ المدرسة، وأردت أن أقلده فكتبت سطورا لا ترقى إلى مرتبة الشعر، لكنها محاولات

وأتذكر أن شقيقتى الكبرى كانت تدرس فى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وكنت أقرأ مقرراتها، وأعجبت بشعر «توماس جراي»، و»فيليب لاركن»، و«توماس إليوت»، وقرأتهم باستفاضة فيما بعد، بجانب قراءتى «للماغوط» و«حلمى سالم». وأصدرت أول ديوان عام 2012 بعنوان «هيستريا شتاء قاهري»

وكتبت قصائد من العام 2010 وحتى الآن لم أنشرها فى ديوان، ربما غير راض عن شكلها النهائى، فما زلت أغيّر فيها، كما أننى لا أؤمن بأن القصيدة رهينة اللحظة الوجدانية، القصيدة عمل فنى متدرج ومتكامل يمكننى أن أتممه على عدة مراحل وأزمنة، ما المانع أن أكتب قصيدة ثم أعيد صياغتها بإضافة أفكار متعددة، وأستبدل صورا بأخرى أعمق، القصيدة ملك شاعرها وله الحق أن يبنيها ويشرّحها، ويتصرف بها كيفما يشاء؛ ثم أصدرت هذا العام ديوان «شبيه المسيح يشعل حربا باردة».


دراما شعرية!
 ألا ترى أن هذا عنوان شائك لديوان؟
- أحب العناوين الفائقة، فأنا فى الأصل صحفى «ديسك»، وعليّ أن أشغل القارئ بعنوان يُربكه، ويُثير فضوله، ليتساءل:

مَن يكون شبيه المسيح؟! ربما «الدجّال»، وربما رجل وسيم، وربما مسيح نهاية الزمان، أو هذا الزمان! أما الحرب الباردة فما هى إلا سجالات فكرية بين الإيدولوجيات المختلفة؛ والديوان عبارة عن دراما شعرية متقطعة ترسم صورة لرجل يشبه المسيح، ويبشر بفلسفات ورؤى جديدة.


 أعلم أنك تعكف الآن على كتابة روايتك الأولى.. لماذا جفوت الشعر ولجأت إلى الرواية بديلا عنه؟!
- أنا قدمت رؤى جديدة فى قصيدة النثر، واكتفيتُ بهذا الشرف، وأنتظر فقط صدور الديوان الرابع، أما الرواية فهى السيرة الذاتية للإنسان، أما الشعر فهو جنونه. تخيلت شيئا جذبنى إلى كتابة الرواية، أنى مت وأنا قامة فكرية كبيرة، وتساءلت:

ماذا سيكتب عنى الآخرون؟! بالتأكيد لم أنتظر رأيهم! سأكتب نفسى ومذكراتى وحكايات أبى وجدى عن القاهرة القديمة «الصاغة والحُسين والغورية» بفولكلورها وتنوعها الفريد.


كرم «الخال»
 ومن أبرز الرموز الثقافية التى تعرفت إليها خلال مسيرتك الشعرية؟
- أذكر لقائى بالشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى فى بيته الأبيض «فيلا آية ونور» بالإسماعيلية عام 2008، وكيف كان رجلا مثاليا يدعو جيرانه البسطاء من قرية «الضبعية» كل يوم خميس ليجالسهم، فتنبهتُ بأن «الخال» يفعل حيلته هذه كى يطعمهم فى الخفاء! والتقيت بالشاعر الكبير «حلمى سالم» الذى شجعنى على إصدار الديوان الأول، فأخذه ليصححه لغويا، لكنه لم يتممه بسبب وفاته وتعرفتُ أيضا على الكاتب الكبير «أنيس منصور».

 

وطلب منى أن أصطحبه إلى زيارة الكاتدرائية المارونية التى كانت تتردد عليها «مى زيادة»، وتصطحب معها العقاد، وأخذ يسألنى عن سينما كان يقيمها الموارنة فى الكاتدرائية، وانتهزت الفرصة وأخذت أسأله عن موسى صبرى، وأنطون الجميّل، وعزيز ميرزا.

 

أقرا ايضا | مبدعة الثلاثيات التاريخية بعد «القطائع»: لن أحبس نفسي في هذا اللون