أبو الغيط: يجب سد الفجوة الخطيرة بين اللغة العربية وعصر التكنولوجيا

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، "إنه تقع على عاتقنا جميعاً، حكوماتٍ ومؤسسات ثقافية وتعليمية، مسئولية صياغة سياساتٍ واستراتيجيات تسد الفجوة الخطيرة بين اللغة العربية وعصر التكنولوجيا، وبحيث تصبح لغة صالحة لتلقى العلم في كافة المجالات".
وأضاف أبو الغيط - خلال كلمته فى افتتاح قمة اللغة العربية "إكسبو 2020 دبى"، برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بحضور نوره بنت محمد الكعبى وزيرة الثقافة والشباب بدولة الإمارات - "لا يعنى أبداً أن نقصر فى تعلم اللغات الأجنبية، فكلا الجهدين مطلوب من أجل تكوين مجتمع المعرفة الذى ننشده.. والذى يُطلق الطاقات الوطنية على أفضل نحو ممكن".

وأثنى أبو الغيط - بحسب بيان للجامعة العربية اليوم الأحد - على دور وزارة الثقافة والشباب، ممثلةً فى شخص الوزيرة نوره الكعبي، التى حرصت على أن تكون جامعة الدول العربية ضيف شرف للقمة فى دورتها الأولى.

وقال إنها مبادرة تعكس وبصدق حرص القيادة الإماراتية والتزامها المعهود بتعزيز مكانة الجامعة العربية إقليمياً وعالمياً.

وقال "أشرف بتولى أمانة منظمة إقليمية تستمد من العربية اسمها، وتتخذ منها عنواناً لوجودها، الجامعة العربية هى حقيقة ثقافية قبل أن تكون رابطة سياسية وهى عنوان على وحدة الشعور والوعى بين الشعوب، قبل أن تكون تجسيداً لطموحات العمل المشترك على مستوى السياسة أو الاقتصاد".

وأضاف قائلا "وقد لا يعلم الكثيرون أن أول اتفاقية أُبرمت تحت مظلة جامعة الدول العربية مباشرة بعد تأسيسها هى المعاهدة الثقافية بتاريخ 27 نوفمبر 1945، وهى اتفاقية اهتمت بشأن اللغة العربية، إذ تضمنت فى مواضع عدة من موادها موضوعات تتعلق بالترجمة وسن التشريعات وتوحيد المصطلحات العلمية، بواسطة المجامع اللغوية والارتقاء باللغة العربية وجعلها لغة الدراسة فى جميع المواد وكل المراحل الدراسية".

وتابع "هذه الاتفاقية شكلت النواة الأولى لإطلاق مسار تعاونى عربى يُعنى بتعزيز اللغة العربية ودعمها، حيث انطلقت البعثات الدراسية لتعليم العربية بين الأجيال الجديدة من أبناء الدول العربية، وصدرت على إثرها توصيات عديدة من جامعة الدول العربية لدعم مكانة اللغة وحث المجموعات العربية داخل المنظمات الأممية والإقليمية، لدفع هذه المنظمات إلى الاعتراف بالعربية بها لغة رسمية ولغة عمل حتى تكللت هذه الجهود باعتمادها سنة 1973 كلغة رسمية سادسة فى الأمم المتحدة، بما ينطوى عليه ذلك من رمزية استعادة العربية لمكانتها بين اللغات الحية فى عالم اليوم".

وأوضح أبوالغيط، "ولا مبالغة فى القول بأن اللغة العربية هى الركن الأهم فى وحدة هذه الأمة، هى نواة ثقافتها الأصيلة ومحل هويتها الفريدة، وهى أيضاً عنوان امتدادها عبر الزمن، وحلقة الوصل بين ماضيها وحاضرها، والناقل للحمولة الحضارية الثرية التى تتميز بها الثقافة العربية، أدباً وفناً.. شعراً ونثراً.. علماً وفكراً.. وهى فوق ذلك، وقبله وبعده، جوهر عالمنا الروحى والوجداني.. فالعربية هى لغة القرآن.. اللغة التى تنزلت بها كلمات الله منذ أربعة عشر قرناً.. ونقرأ بها الكتاب العزيز إلى يومنا هذا.. وهى حالةٌ نادرة بين الأديان المختلفة والنظم العقائدية عبر العالم، وكانت عاملاً مهماً وراء ما تمتعت به لغة الضاد من بقاء واستمرارية عبر القرون الطوال".

وأضاف "لقد كانت اللغة العربية أيضاً هى البذرة الملهمة لفكرة العروبة.. وهى فكرةٌ لا تقوم على العنصر، ولا على الدين أو العرق.. وإنما على المشترك الحضارى والثقافي، ووحدة التجربة التاريخية، لذلك ليس صدفة أن يكون من بين أول من نادى بهذه الفكرة "فكرة العروبة" من غير المسلمين.. لقد ظلت اللغة العربية رابطاً بين مختلف الأعراق والأديان فى منطقتنا.. ونجحت نجاحاً باهراً فى صهر الأقليات المختلفة فى ثقافةٍ واحدة جامعة".

ونوه إلى أن مسيحيو الشرق، على سبيل المثال، لهم إرثهم الدينى المتميز وتراثهم الخاص، ولكنهم يبقون جزاءً لا يتجزأ من الثقافة العربية.. ويُمثلون مكوناً بارزاً فى مسيرة الحضارة العربية.. ليس فقط بالانتماء وإنما أيضاً بالإسهام والمشاركة.. وقد كان ذلك ممكناً فقط بفضل اللسان الواحد الذى خلق وعياً مشتركاً عابراً للأديان والطوائف، حاضناً للعرقيات المختلفة التى تشكل نسيج مجتمعاتنا المتنوعة".

وأكد أن اللغة العربية استطاعت بفضل جذورها الضاربة فى عمق التاريخ جمع كافة الثقافات التى انفتحت عليها فى حضارة واحدة عالمية البعد وإنسانية الرؤية، حيث أثّرت وتأثرت وأعطت وتلقت، وأثرت الثقافات الأخرى كما أفادت منها، ويزخر تاريخ اللغة العربية بالشواهد التى تبين الصلات الكثيرة التى جمعتها بغيرها من اللغات، عطاء وأخذاً".

وأشار أبو الغيط إلى دور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، الذى قاد جهوداً كبيرة لإطلاق المجلدات الأولى من "المعجم التاريخى للغة العربية" وهو أول وأكبر مشروع يؤرخ لكل مفردات لغة الضاد وتطورها عبر التاريخ.. وقال "لستُ من أنصار التشاؤم أو التباكى على حال اللغة.. برغم أننى أتفهم بواعث القلق والانزعاج لدى الكثيرين، فواقع الحال أن اللغة العربية لا تنحسر وإنما يزداد عدد المتكلمين بها ومن يقبلون على تعلمها لأسباب دينية واقتصادية وثقافية"، وتشير التقديرات إلى أن عدد الناطقين بها فى عام 2050 سوف يُصبح 647 مليوناً... أى أن لغتنا لا تموت بل تنمو وتكتسب كل يوم ناطقين جدد".

وأضاف "قد اطلعت باهتمام كبير على تقرير حالة اللغة العربية الذى بذلت وزارة الثقافة والشباب الإماراتية، جهداً مشكوراً فى إعداده وتوفر عليه فريق من خيرة الخبراء، والتقرير يرصد بشكل جامع حالة اللغة العربية، ويشخص واقعها من زوايا مختلفة.. ويقوم على رؤية علمية لا تُفرط فى التشاؤم أو تتغافل عن الواقع".
وأشار أبو الغيط إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية، وبالتعاون مع شركائها قد أطلقت مبادرة "شهر اللغة العربية" الذى من المقرر إقامته ابتداءً من يوم 21 فبراير القادم المصادف لليوم العالمى للغة الأم وحتى 22 مارس تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية، داعيا فى هذا الصدد كل محبى اللغة العربية إلى التعاون معنا لإنجاحه.
اقرأ أيضا: إيران تسجل أول حالة إصابة بمتحور «أوميكرون»