يوميات الأخبار

رفقا يا خطباء التجديد

إبراهيم ربيع
إبراهيم ربيع

والله هذا ليس نفاقا ولا تطبيلا فأنا مواطن عادى بدرجة صحفى لم يحظ بميزة ولا ينتظرها ولا يحتل موقعا مرموقا أو منصبا يتطلب تأمينا كلاميا

شكرا للرئيس السيسى


أنا كأى مواطن أسكن الهرم وأركب الميكروباص وأتعاطى الفول والطعمية بانتظام كالمضاد الحيوى.. ولا أكترث إن غابت اللحمة عن المائدة بعض الوقت.
وبناء على ذلك سأتشجع وأقول:


 مهما جادلوا ومهما جاءوا بالأدلة ومهما ألقوا على مائدتي كل أصناف التشكيك.. بمنطقى أنا وحدى وبقناعتى وإرادتى الكاملة وبدون أى غرض أقرر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أهم رجل قاد هذه الأمة على طول تاريخها مع احترامى وتقديرى لكل الملاحظات ووجهات النظر التى تناقشنى فى أمور أخرى لا تعجبهم أراها لا يمكن أن تتوفر قبل أن يتوفر كيان وبناء ومجتمع يتحملها ويستوعبها ولا ينهار بسببها.. وأراها فرعية فى زمن وظروف تتطلب التعامل أولا مع الأصول لا الفروع وتتطلب أيضا قبضة لا تسمح لمستصغر الشرر أن يشعل معظم النار.


قل لى لماذا أنا أقرر بكل هذه الثقة والقناعة موقفى المنحاز للرئيس عبد الفتاح السيسى؟ ..أقول لك لأنه الوحيد الذى يفكر ويعمل فى ذات الوقت... والوحيد الذى يحسم بسرعة ويتمهل بصبر فى ذات الوقت.. والوحيد الذى يبلغنا بما فعل قبل أن يبلغنا بما سيفعل.. والوحيد الذى لا يملك شلة تفعل بما لا يدرى.. والوحيد الذى جعل منا قوة عسكرية حقيقية محترفة خالصة وليس محترفة تنتظر غطاء سياسيا.. والوحيد الذى أسس منظومة اقتصادية مستقبلية واضحة حتى لو صاحبها كثير من المتاعب المعيشية.. والوحيد الذى وضع حجر أساس الصناعات العسكرية.. والوحيد الذى وضع يده فى عشش العشوائيات.. والوحيد الذى أنجز فكرة كانت للآخرين حلما وهى العاصمة الجديدة.. والوحيد الذى ربط قلب الدولة بأطرافها بشبكة طرق وكبارى .. والوحيد الذى كان واضحا فى علاقته مع الجماعات غير الرسمية التى اعتبرت نفسها دولا داخل الدولة .. والوحيد الذى يعمل بيده ولا يعتمد على تقارير وبالتالى يعرف ويفهم كل ما يمشى على الأرض ويطير فى الفضاء أو يحوم حول الحدود... وهو الوحيد الذى هبط بالبراشوت مسلحا بالشجاعة والحسم فى وكر مافيا اغتصاب أملاك الدولة وتجريف الأرض الزراعية.. والوحيد الذى أطلق مشاريع واضحة المعالم ومستدامة للفقراء مثل ''حياة كريمة''.. والوحيد الذى لا يحب الشعارات ولا الخطب الرنانة ولا ثقافة إشعال حماس الجماهير ولا المغامرة لإرضاء المشاعر وهى التى جرت على من سبقوه بالكوارث.. ولو أردتم أن تتأكدوا انظروا إلى ملفات تعامله العبقرى فى أزمات ليبيا وتركيا وأثيوبيا وقطر. وهو الوحيد الذى يشكل الوزارات وعنده تفاصيل خيرها وشرها وعنده مفاتيح تشغيلها حتى طاقتها القصوى.


شكرا سيادة الرئيس.


● ● ●


 منذ انطلاق دعوة تجديد الخطاب الدينى انخرط الجميع فى الخطابة فى سباق محموم لإخراج كل الأفكار المكبوتة التى تحررت من الحبس فانطلقت تهرول وتجرى وتصرخ وتقفز فى الهواء وكأنها تريد أن ترى الحرية كائنا حيا مجسما أمامها تحتضنه وتفرغ فيه شحنتها المكبوتة.. كما هو حال سجين خرج من السجن فجأة بقرار عفو.. فلم يصدق أنه رأى الرصيف ورأى الناس والسيارات والشوارع والميادين والبراح الواسع الذى يجرى فيه الهواء بسلاسة الذى كان يصله فى زنزانته بحساب ومقدار.


الدعوة البريئة الهادفة المحددة المعالم حولها الخطباء إلى قنبلة كلام عنقودية تحصد الصالح والطالح والثوابت والفروع.. وبسرعة ارتدى هؤلاء الخطباء أقنعة الفكر لا أقنعة الوجه فلم يخرج الكلام واضحا وسهلا ومحدد كل كلمة تخرج مقنعة و''حمالة أوجه'' لا تعبر صراحة عن عقيدة المتحدث.. والنتيجة أن هؤلاء الناس البسطاء الذين هم وقود الخطباء.. تشتتوا وتاهوا وضلوا السبيل.. يسمعون الخطيب وهو يتحدث عن التراث فلا يعرفون إن كان يريد إصلاحا للتدين أم إقصاء للدين.


ومن فرط حماس الخطيب المجدد فهو رغم ادعائه الثقافة لا يفهم أن الفكرة حتى لو كانت براقة تحتاج إلى أسلوب وطريقة واعية للطرح والحوار والمناقشة.. لا تحتاج إلى انفلات لفظى ولا سخرية ولا تعصبا لرأيه ولا حكما مطلقا بأن قوله هو الحق وقول الآخر هو الباطل.. خطباء التجديد لم يخدموا الدعوة البريئة وحولوها إلى دعوة خبيثة كانت محصلتها حتى الآن أن المخطوب فيهم انقسموا إلى قسمين.. الأول: اندفع إلى الإلحاد، والثانى: اندفع إلى التطرف.. والذى خسر فى النهاية هو البلد.. هم خطباء مستفزون قليلهم يفهم ولا يعبر جيدا عن فهمه.. وبعضهم لا يفهم لكنه فى موقع خطابة إعلامى وعليه أن يساير الرائج من الكلام ويتحدث فيما لا يعنيه ولا يفهمه.. وبعضهم وجدها فرصة ذهبية أن تحظى أفكاره الإلحادية أو الدينية بالتثبيت والاستقرار فى وعاء مجتمعى تعيش به الحياة المصرية إلى الأبد.. أما الذى يعرف ويفهم ولديه قدرة على الطرح والمناقشة لا يسمع أحد صوته وسط هذا الضجيج المتنافر فى مهرجان الكلام للجميع.


هذا الوضع يجب ألا يستمر.. لابد من دعوة جديدة مدروسة لتجديد الخطاب الدينى على أسس مختلفة.. لابد له من رؤية ومنهج وانتقاء للخطباء وضوابط لوسائل الخطابة.. وعنوان كبير قبل انطلاق الدعوة هو ''نصرة الدين'' حتى لا يتشكك التراثيون فيزدادوا عنادا وتطرفا.. وعنوان كبير آخر هو معاداة الإلحاد العلنى ''على المشاع'' الموجه لعامة الناس.. نحن لا نريد أمة متطرفة ولا أمة ملحدة.. نحن نريد أمة هادئة واعية تعبد الله وتحب الوطن.. وتركز فى العمل والإنتاج.. فلا أعتقد أن فى العالم شعبا مثلنا مشغولا طول الوقت فى جدل دينى.. ومعه جدل عقيم فيما مضى عن الأفضل من بين عبد الناصر والسادات ومحمد نجيب والملك فاروق.. هذا مكانه فى مؤسسات علمية لا شعوب عليها أن تعمل وتفكر فى الحاضر والمستقبل.. ولا تستهلك وقتها وذهنها وطاقتها فى هذا العبث... اعرف ربك بمفردك فهو قريب وسهل أن تجده معك بلا تعقيدات ولا نظريات ولا فتاوى ... وإن أردت أن تعبده بجد .. اعمل وانتج .. فأنت تعرف جيدا أن العمل عبادة.. سحقا لبعض خطباء التجديد. 


● ● ●


التردد مرض من أمراض الوسوسة وقد يكون تعبيرا عن الطمع.. إذا ترددت تأخر قرارك فى الاختيار بين طريقين ينجزان لك مصلحتك أو يحددان مستقبلك فتجد نفسك فجأة قد أهدرت الوقت فى محاولة الجمع بين مزايا الطريقين لتكون مجمعة فى طريق واحد بسبب جشعك.. يضيع منك الطريقان معا.. فلا أنجزت مصلحتك ولا حددت مستقبلك.. ولا انتهزت فرصة لن تتكرر.


والخوف طبيعة بشرية يشترك فيها البشر بنسب متفاوتة.. ولدينا عنه حكمتان متناقضان.. من خاف سلم.. وإللى يخاف من العفريت يطلعله.. ورغم التناقض إلا أن فيهما منطقا مقبولا.. الخوف الصحى أن تخاف بعد أن تؤدى واجبك فى عمل تقدمه.. أما الخوف زيادة عن اللزوم فهو تعايش سلبى مع فكرة الخوف يسيطر عليك فى كل الأحوال فيداهمك ما تخاف منه.. وقد سمعت من الشيخ الشعراوى أن الخوف من الحسد يستدعى لك الحسد فورا.


والانسحاب من معركة.. إما أن يكون شجاعة إذا كنت ستحتفظ بقدرتك على العودة فى ظروف أفضل.. وإما أن يكون مهانة إذا كنت مريضا بالعاهتين السالف ذكرهما ''التردد والخوف''.. المهم هو مقياس الإرادة.


والمتعصب شخصية ناقصة التكوين النفسى.. يشعر بنقص يفهمه ولا يريد أن يفهمه الآخرون.. يريد أن يكون تابعا لشيء يعزز به وجوده بين المكتملين نفسيا.. هو يرى نفسه فى غيره.. فيريد لغيره أن يكون بشعر كثيف يتباهى به أمام كل الرءوس المكشوف فيها النقص.


إذا رأيت أحدا متفذلكا ينتقد الجيش المصرى سواء عن حسن نية أو تعمد لا تأمن له.. فإما أنه لا يفهم وسيتعبك وإما أنه مغرض وسيعذبك بأكليشيهات محفوظة وخيالية يتفوق أعداؤنا فى تسخيرها لخراب دولنا.


يا أخى إذا رأيت جيشا يوفر احتياجاته بنفسه ويؤسس المشاريع ويمارس نشاطا اقتصاديا لينفق على تسليحه وتدريبه وحمايتك.. فهو فكر خارج الصندوق.. هل تريدون أن تقترن دولة فقيرة بجيش فقير فيزداد الاثنان فقرا فتتكالب علينا الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها.. لا توجد أمة حرة مستقلة بدون جيش قوى.. ولا توجد رفاهية لا تحميها قوة مسلحة.. ولا يوجد اقتصاد مستقر بدون حدود مستقرة.. ولأننا بلد أنهكتها الحروب.. فإن الجيش القوى يمنع هذه الحروب.. أما الجيش الضعيف فتجرى وراءه الحروب جريا.. افهموا أولا قبل أن تتكلموا..

فى البلاد التى على مقاسنا من الخطر أن نسمع فيها من يظن أن المثالية هى أن يبقى الجيش بعيدا عن السياسة وقريبا من الحدود.. أومن يظن أن المشكلة فى الحكومات فقط بينما الشعوب ما زالت لا تعرف الفارق بين الحرية والفوضى.. ولا تعى متى تتكلم ومتى تصمت ومتى تعترض.. هذا كلام لوجه الله.


حديث النفس :


باستثناء أوقات العمل لا يوجد شيء أفعله كما كنت أفعل فى شبابى..

احتفظت بالتدخين وصادقت السيجارة وأقلعت عن الخناقات والمشاحنات.. لا أكترث بأموال تأتى أو لا تأتى بعد أن أدركت أنها لا تغير إلا الشكل..

لا خروج إلى أماكن ولا دخول لزائرين بعد سهولة وسائل التواصل.. ولا حضن أم ولا نصيحة أب.. ولا ابن تسيطر عليه كما كان طفلا..

توكلت على الله وسجلت اسمى فى قائمة الانتظار لنداء السماء.. لو سألنى أحدهم على الهاتف بتعمل إيه أرد عليه مستنى بكرة.. طيب عملت إيه إمبارح أقول له كنت مستنى النهاردة..

وعندما يتعاطف معى ويقترح بحماس أن ''أغير جو'' فى مكان ساحلى.. فأقول له سأغير المكان لكن من سيغير دماغى..

فأنا آخذ معى إلى المكان الجديد عقلى المشحون بالهموم الخاصة والعامة..

إذن ما هو وجه الاختلاف لرجل ممل مثلى بين الهرم والغردقة أو بين ترعة المريوطية والبحر الأحمر.