حكم جديد ينتصر للمرأة.. الأم تستحق إجازة الوضع سواء كان المولود حياً أو ميتاً 

المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة

بشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا 2021 بعدم الطعن على الحكم التاريخي انتصاراً للمرأة الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بقبول الدعوى وبأحقية المدعية (ع.ص.ى) فى إجازة وضع بكل مدتها رغم وفاة مولودها.

وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدي لها الأجر الكامل المستحق لها عن إجازة الوضع سواء كان مولودها حياً أو ميتاً، شاملاً العلاوات والبدلات والحوافز والأجورالإضافية الأخرى ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى محسوبة على أساس أن المدعية كأنها قائمة بالعمل فعلاً ومشاركةً فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وقد أصبح هذا الحكم نهايئاً وباتاً .

تفاصيل قضية السيدة الحزينة أمام المحكمة 

وتعود القضية إلى يوم شتاء قارص حيث كانت المحكمة مكتظة بالمتقاضين، فنادى الحاجب على السيدة (ع.ص.ى) فوقفت أمام القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وقالت " سيادة القاضى أنا أعمل موظفة بالجهة الإدارية وحصلت على إجازة وضع لكنى فوجئت بأن الإدارة أعطتنى الأجر الأساسى فقط ودة ضئيل جداً لا يكفي شئون الحياة "، ثم قال لها القاضي أكملى استمع إليكى جيداً، ثم بكت وقالت في مفاجأة " المولود توفى ولما علمت الإدارة بوفاته قالوا مالكيش مرتب خلال إجازة الوضع ولا ليكي إجازة أصلاً بوفاة المولود وترجعى الشغل " فهدأ القاضى من حالتها الباكية وطلب من الحاضر عن الإدارة التعقيب فقال " إجازة الوضع عشان المولود وهو مات يبقى ليه تأخذ مرتب , وتأخذ إجازة لمين ؟ " فنظر القاضي للسيدة الحزينة نظرة خاطفة وقال لها عاوزة تقولى حاجة أخيرة فقالت له " عاوزة أقول للحاضر عن الإدارة يعني حزنى مرتين على مولودى إللى مات وعلى مرتبى إللى انتقص وانقطع دة ظلم " وظلت تبكى،فأصدر القاضي حكمه لصالح السيدة الحزينة بأحقيتها في منحها إجازة الوضع كاملة المدة كما أمر بصرف مرتبها كاملاً بكل ملحقاته وتوابعه، وجاء الحكم برداً وسلاماً لها ورفعت يدها إلى السماء باكية قائلة " يارب أكرم كل من أكرمنى بفضلك الكبير" فى موقف مؤثر أبكى من فى القاعة .

القواعد الأربعة انتصاراً للمرأة فى إجازة الوضع بالأجر الكامل سواء كان المولود حياً أو ميتاً:

وقد أكدت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على أربع قواعد انتصاراً للمرأة في إجازة الوضع بالأجر الكامل سواء كان المولود حياً أو ميتاً :

الأولى : الأم تستحق الإجر الكامل عن إجازة الوضع شاملاً العلاوات والبدلات والحوافز والأجورالإضافية ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى كأنها قائمة بالعمل فعلاً ومشاركةً فيه

والثانية : الحكمة في منح الأم إجازة وضع حال مولودها حياً هى منحها مدة تسمح لها بالراحة بعد عناء الحمل والولادة وقيامها اللصيق بدورها كأم في العناية الفائقة للمولود والتصاقها الروحي والجسدى به لوهنه الشديد واعتماده بشكل كلي عليها لتلبية احتياجاته الفطرية

والثالثة : الغاية من منح المرأة إجازة وضع حال مولودها ميتاَ أوجب لمراعاة حاتها الصحية والنفسية على فقدان وليدها وما يصاحبها من الاكتئاب والاضطرابات النفسية تمتد لفترة تعادل مدة الإجازة ذاتها فتأخذ حكمها

والرابعة :  موت المولود صدمة نفسية حقيقة تهز وجدان المرأة بفرط القلق والألم النفسي يفوق الألم الجسدي للولادة  يستنهض همة المحكمة فى تقديم المساعدة والدعم النفسي القضائى للتخفيف من معاناتها النفسية.

حيثيات الحكم التاريخي المنصفة للمرأة : 

وقالت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن الدولة تكفل التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة ومتطلبات عملها في المجتمع وبتوفير الرعاية والحماية للأمومة وما يتفرع عنها من حقوق،ومنها حقها في حصولها على إجازة الوضع بأجر كامل بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة عملها، وفي تحديد المقصود بمفهوم الأجر الكامل الذى عناه المشرع  فإن الأجر ينصرف إلى كافة ما تحصل عليه العاملة من أجر و توابعه وملحقاته من علاوات وحوافز وبدلات وأجور إضافية وغيرها من المزايا التكميلية بحيث تستصحب المرأة العاملة ما كان عليه أمرها قبل إجازة الوضع وتستمر معاملتها فيما يتعلق بما تحصل عليه من حوافز وأجور إضافية ومكافآت وغيرها كأنها قائمة بالعمل فعلاً حسب ما كان عليه الحال فى الآونة السابقة على حصولها على إجازة الوضع.

وأضافت المحكمة أن المدعية حصلت على إجازة الوضع المدة المقررة، لكن الإدارة لم تصرف لها سوى الأجر الأساسي فقط خلالها بل أوقفته حين علمها بوفاة مولودها وطلب منها العودة من الإجازة وإلا اعتبرت منقطعة عن العمل ومن ثم تكون الإدارة قد خالفت الدستور والقانون والمبادئ الدستورية المستقر عليها عالمياً نحو حقوق الأمومة , مما يتعين معه القضاء بإلزامها أن تؤدى للمدعية كافة المستحقات المالية المقررة عن إجازة الوضع وفقا للأجر الكامل شاملاً العلاوات والبدلات والحوافز والأجور الإضافية الأخرى ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى محسوبة على أساس أن المدعية كأنها قائمة بالعمل فعلاً ومشاركةً فيه أسوة بالعاملين معها .

وأشارت المحكمة إلى أنه إذا كانت الحكمة فى منح الأم إجازة وضع هي منحها الوقت الذي يسمح لها بالراحة بعد عناء الحمل والولادة وكذلك قيامها اللصيق بدورها كأم في العناية الفائقة للمولود بكامل وقتها والتصاقها الروحى والجسدى به والرضاعة لوهنه الشديد واعتماده بشكل كلى عليها لتلبية احتياجاته الفطرية ، فإن الأم تستحق تلك الإجازة سواء أكان المولود حياً أو ميتاً , بل لعله فى كثير من الحالات يكون أوجب فى حالة نزوله ميتاً , حيث تكون الغاية من منح المرأة العامة الأجر الكامل بكل توابعه وملحقاته فى إجازة الوضع حال مولودها ميتاَ هو مراعاة الحالة الصحية والنفسية للأم على فقدان مولودها وما يصاحبها من إصابتها بالاكتئاب واضطرابات نفسية , قد تمتد لفترة تعادل مدة الإجازة ذاتها فتأخذ حكمها , ولا ريب أنها صدمة نفسية حقيقة تهز وجدان المرأة إذ تعاني فرط القلق والألم النفسي والحزن والكآبة , ويفوق الألم النفسي الذي تشعر به الألم الجسدي للولادة , وبهذه المثابة لا يجب اهمال الأم أو التهاون فى حقها مما يستنهض همة المحكمة فى تقديم المساعدة والدعم النفسي القضائى للتخفيف من معاناتها النفسية.

وأوضحت المحكمة أنه لا يوهن من هذا النظر أن يكون التنظيم الذى وضعته الجهة الإدارية فى لائحتها الداخلية بحرمان العامل من هذه المبالغ حال قيامه بإجازة من أى نوع لمدة معينة , فمثل هذا الحرمان لا يتسنى إعماله فى شان إجازة الوضع التى هى إنعكاس لما استوجبه الدستور من رعاية الأسرة والأمومة والحفاظ عليها وحماية حقوق المرأة العاملة التى جاهدت من أجل اكتسابها ردحاً من الزمن حتى أصبحت تلك الحقوق راسخة فى الدستور المصرى والمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية .

مصادر مهتمة بشئون المرأة طبياً الحكم القضائى انتصار جديد فى التطبيقات القضائية المنصفة للمرأة على أعلى مستوى فني لأسباب موت المولود :

وأعربت مصادر مهتمة بشئون المرأة من الناحية الطبية أن هذا الحكم القضائى يعد انتصاراً جديدا فى التطبيقات القضائية المنصفة للمرأة على أعلى مستوى فنى , حيث تثير تلك القضية ذات الرأي العام حدثاً مهماً للمرأة حال مولودها ميتاً لعدة أسباب منها تعرض الأم لصدمة في البطن بسبب حوادث السيارات أو السقوط أو تقييد النمو داخل الرحم أو ارتفاع ضغط الدم أو المشاكل المتعلقة بالحبل السري أو بالعدوى أو بالعيوب الخلقية ومشاكل الجينات أو المشاكل المتعلقة بالمشيمة ومضاعفات الحمل والمخاض وتُعرف وفاة الجنين بعد الأسبوع العشرين من الحمل طبياً بالإملاص Stillbirth الذى يختلف عن الإجهاض Miscarriage فالإجهاض هو فقدان للحمل قبل الأسبوع العشرين من الحمل، وهو على ثلاثة أنواع هي: الإملاص المبكر بين الأسابيع 20-27 من الحمل، والإملاص المتأخر بين الأسابيع 28-36 من الحمل، والإملاص المكتمل بعد الأسبوع 37 من الحمل، ويبلغ عدد حالات الإملاص 2.6 مليون تقريباً على مستوى العالم، وهو ما يعادل أكثر من 7178 حالة وفاة يومياً.

ويأتي هذا الحكم التاريخي في ظل اهتمام الدولة الكبير بحقوق المرأة فى كافة المجالات خاصة وأن قانون الخدمة المدنية الجديد منح الموظفةحق إجازة وضع لمدة أربعة أشهر، بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة عملها بالخدمة المدنية بأجر كامل ، على أن تبدأ هذه الإجازة من اليوم التالي للوضع، ويجوز أن تبدأ هذه الإجازة قبل شهر من التاريخ المتوقع للوضع بناءً على طلب مقدم من الموظفة وتقرير من المجلس الطبي المختص.

 اقرأ أيضا| الإدارية العليا ترفض طعن وزارة التعليم بسبب رعاية الأم لطفل من ذوي الاحتياجات