سيصبح مثل نزلات البرد

قــريبـاً .. ترويض «كورونا» وتحوله إلى مصدر إزعاج موسمي

فيروس كوفيد-19
فيروس كوفيد-19

دينا توفيق

نفق مظلم دخله العالم منذ أواخر 2019.. حبيسًا فيه حتى الآن، يحيا على أمل الخروج منه.. محاولات مضنية وصراع مع الزمن بحثًا عن نهايته، ومع ظهور بصيص نور نسير وراءه لعله يهدينا إلى مخرج، طريق نسلكه ربما يقضى على فيروس كوفيد-19 والعودة إلى الحياة الطبيعية، بعد عامين من ارتداء الأقنعة وعمليات الإغلاق والذى قلب الحياة رأسًا على عقب فى غضون أيام.. ومع الإعلان عن ظهور لقاحات واحدا تلو الآخر كان الأمل يتجدد ولكن سرعان ما يتلاشى وينطفئ نوره مع ظهور سلالات جديدة من المرض، وكأنه سباق بين تلقى اللقاحات والفيروس الذى أخذ فى الانتشار والتحور.

 

متحور بيتا ودلتا والآن أوميكرون، موجة ثانية وثالثة والآن نحن بصدد الرابعة، ولكن يظل السؤال عالقا دون إجابة واضحة متى سينتهى الوبـــاء؟ وكيـــف؟ تلقـــى اللقاحـــات والجرعات المعززة يبدو هــــو الحـــل الحــالى لمواجهة أى طفرة جديدة من الوباء، بحسب ما أعلنت عنه شركات الأدوية الكبرى اBig Pharmaب ومنظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والأوبئة CDC فى الولايات المتحدة. وبوجه عام، أعلن الرئيس التنفيذى للشركة فايزر الأمريكية ألبرت بورلا، عن الحاجة إلى تلقى جرعة رابعة من اللقاح بعد مرور عام من تلقى الجرعة الثالثة، ولكن بظهور أوميكرون، قد يكون هناك ضرورة لتلقيها فى أسرع وقت ممكن، وفقًا لما نشرته شبكة اCNBCب الإخبارية الأمريكية. ولا يزال الكثير غير معروف عن السلالة الجديدة أوميكرون، بما فى ذلك ما إذا كان يسبب عدوى شديدة ومقدار الحماية التى توفرها اللقاحات والجرعات المعززة. وتشير البيانات المبكرة إلى أنه قد يكون أكثر انتشارًا من السلالات السابقة، ولكنه يسبب التهابات أقل خطورة وربما يتم هزيمته بالحقن التعزيزية. 

ومع زيادة الطلب عالميًا وتوسيع وتسريع عمليات تلقى اللقاحات، بدأت تظهر عقبات أخرى، من نقص فى توفير الجرعات واللقاحات بجانب نقص عالمى فى الحقن، ما دفع مسئولى الصحة العامة فى منظمة الصحة العالمية والعديد من الدول الأوروبية وعلى رأسهم ألمانيا وبريطانيا إلى تأييد فكرة المزج بين اللقاحات بحيث تكون الجرعة الأولى من لقاح والجرعة الثانية من نوع مختلف، ما قد يؤدى إلى تقوية المناعة أكثر من الاعتماد على أخذ لقاح واحد. ومنذ ظهور سلالة الأوميكرون، حقق ثمانية من كبار المساهمين فى شركتى فايزر وموديرنا ورؤسائهم التنفيذيين أرباحًا قدرت بنحو 10٫31 مليار دولار؛ وفقًا للبيانات التى جمعتها منظمة االعدالة العالمية الآنب، المعروفة سابقًا باسم احركة التنمية العالميةب (WDM) ومقرها المملكة المتحدة، على الرغم من التقارير التى كشفت عن أن المتغير الجديد ضعيف. حيث قفزت أسهم شركة موديرنا بنسبة 13٫61% بين 24 نوفمبر ومطلع الشهر الحالي، بينما ارتفعت أسهم شركة فايزر بنسبة 7٫41%. كما شهد الرئيس التنفيذى لشركة موديرنا، ستيفان بانســـيل، زيــادة أسهمـــه محققــًا مكاسب قدرها 824 مليون دولار. فيما حقق الرئيس التنفيـذى لشــركة فـــايزر، مكاســب قدرها ما يقرب من 340 ألف دولارًا.

ووفقًا لصحيفة ديلى ميل البريطانية، أنه جنبًا إلى جنب مع الرؤساء التنفيذيين، حقق كبار المساهمين الأربعة فى موديرنا وفايزر وحدهم  حوالى 5٫16 مليار دولار. ومن بين أكبر المساهمين فى فايزر؛ مجموعة فانجارد، شركة أمريكية للاستشارات فى الاستثمارات 1٫72 مليار دولار، وبلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول فى العالم 1٫46 مليار دولار، شركة للخدمات المالية وشركة للبنوك القابضة فى بوسطن 1٫1 مليار دولار، وكابيتال وورلد انفستورز، شركة استثمارات أمريكية 909 ملايين دولار. فيما أعلن المسئول عن مكافحة الوباء فى إدارة الرئيس الأمريكى السابق ادونالد ترامبب الدكتور اأنتونى فاوتشىب والمستشار الحالى فى فريق الرئيس اجو بايدنب، عن قرب تغير تعريف التطعيم الكامل ليشمل الجرعة الثالثة. ويتوقع فاوتشى فى مقابلة مع شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، إمكانية البدء فى السيطرة على الوباء فى الربيع، بينما يعتقد الرئيس التنفيذى لشركة اموديرناب، أن الوباء قد ينتهى فى غضون عام.

وتماشيًا مع تقرير لجنة الدفاع البيولوجى الأمريكية، فإن وسائل الإعلام بدأت فى التحذير بـاالبدء فى التخطيط للتعايش مع وباء دائم. وعلى سبيل المثال، نشر الكاتب اأندرياس كلوثب، تقريراً فى 24 مارس الماضى بوكالة ابلومبرجب الأمريكية، يحذر فيه من أن يصبح SARS-CoV-2، المسبب لفيروس كورونا عدوا دائما، مثل الأنفلونزا ولكنه سيكون أسوأ.

وأضاف، تختفى معظم الأوبئة بمجرد أن يصل السكان إلى مناعة القطيع؛ التى تأتى من خلال الجمع بين المناعة الطبيعية لدى الأشخاص الذين تعافوا وتطعيم بقية السكان. ومع ذلك، فى حالة فيروس كوفيد-19، تشير التطورات الأخيرة إلى أن العالم قد لا يحقق أبدًا مناعة القطيع؛ ويرجع السبب الرئيسى هو الظهور سلالات جديدة له وتوسيع عملية تلقى اللقاحات لايزال الفيروس يقاوم مثل جهاز مناعة البشر.

ووفقًا لمجلة ذى كونفرزيشن الأسترالية، فإن توقف انتشار الفيروس لن يأتى باللقاحات نظرًا لأن اللقاحات ليست وقائية بنسبة 100%، ما يجعل من تلقوا اللقاح عرضة للإصابة بالمرض ويمكن أن تكون درجة الإصابة شديدة ويمكن أن ينشروا الفيروس إلى غيرهم، كما أن مناعة القطيع التى لا يمكن تحقيقها، ما يعنى أنه من المحتمل أن يصبح الوباء مستوطنًا. لذا كما حذر من قبل الرئيس التنفيذى للشركة افايزرب، فى مقابلة مع شبكة NBC نيوز الأمريكية، فإن الأمل فى مواجهة الوباء يستلزم التطعيم السنوى بلقاح كورونا، مثل تطعيم الإنفلونزا.

وبينما نعرف الآن المزيد عن فيروس SARS-CoV-2 المسبب لجائحة كوفيد-19 أكثر مما كنا نعرفه منذ بداية تفشى المرض، ورغم ذلك لا تزال هناك علامة استفهام كبيرة حول تاريخ انتهاء الجائحة ومستقبلها. وفقًا للمجلة الأسترالية، ستختلف كيفية انتهاء المرض من بلد إلى آخر، اعتمادًا إلى حد كبير على نسبة الأشخاص المحصنين بعد الإصابة بالفيروس ومقدار المناعة الطبيعية التى تكونت منذ بداية الوباء؛ وبما أن المزيد من مناعة الأشخاص تتعزز بمرور الوقت، فمن المتوقع أن تكون نسبة متزايدة من الإصابات الجديدة بدون أعراض أو تسبب فى أسوأ الأحوال أعراضاً خفيفة. سيبقى الفيروس معنا، لكن المرض سيصبح جزءًا من تاريخنا. ويتفاءل عملاق التكنولوجيا ابيل جيتسب بشأن عام 2022 وانتهاء حدة الوباء، على الرغم من تحور الفيروس وظهور سلالة أوميكرون المقلقة، ولكن كل ما مر به العالم خلال العامين الماضيين جعله أكثر استعدادًا للتعامل مع المتغيرات السيئة المحتملة أكثر من أى وقت آخر. سيظل العالم يشهد تفشى سلالات جديدة مع تحور الفيروس من حين إلى آخر ولكن ستتوفر أدوية جديدة يمكنها علاج معظم الحالات وستكون المستشفيات قادرة على التعامل مع حالات أخرى. كلما عرف الباحثون المزيد عن استجابتنا المناعية لـ SARS-CoV-2، كما يقول عالم الفيروسات بجامعة روكفلر ابول بينياسب، أصبح أكثر تفاؤلاً بأن سيناريو نهايته سوف يتحقق، بناءً على ما توصل إليه العلماء، ويبدو أن الجهاز المناعى سيتفوق فى النهاية على هذا الفيروس. وسيعتمد مستقبلنا بعد الوباء بشكل كبير على كيفية تطور الفيروس خلال السنوات القادمة؛ فالفيروس جديد تمامًا لا يزال يتكيف مع مضيفه الجديد الإنسان.

تنتشر الفيروسات التاجية الأربعة المستوطنة التى تسبب نزلات البرد كل عام خاصة خلال أشهر الشتاء، وتؤثر على الأطفال أكثر من البالغين، والفيروس الذى يسبب كوفيد-19 لم يستقر بعد فى نمط معين وبدلاً من ذلك ينتشر بشكل غير متوقع فى جميع أنحاء العالم بطرق يصعب التنبؤ بها. وبمرور الوقت، قد يصبح أقل عدوى وأعراضه أقل حدة على غرار الفيروسات التاجية الأربعة التى تسبب نزلات البرد، والتى لا تمثل سوى مصدر إزعاج موسمي.