نحن والعالم

سياسة الضغط

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

كلما اشتعل الصراع فى مكان ما خرج علينا الإعلام مبشراً باقتراب الحرب العالمية الثالثة. يحدث هذا كلما ارتفع ترمومتر التوتر بين امريكا من جهة وكوريا الشمالية او الصين او روسيا او إيران من جهة اخرى، وكلما علا صوت الخلاف الأوروبى-التركى او الإسرائيلى-الايرانى.احدث هذه الصيحات مصدرها التوتر على الحدود الأوكرانية الروسية مع حشد الأخيرة لحوالى 125 الف جندى على الحدود فيما بدا وكأنه غزو وشيك للأولى.

والسؤال الذى طرحته فى مقالى السابق هو هل سيقدم الرئيس الروسى بوتين على هذه الخطوة؟ وهل سيجرنا ذلك لحرب عالمية؟ الواقع على الأرض يقول انه لا امريكا التى خرجت تجر أذيال الخيبة من العراق وافغانستان، ولا اوروبا التى فشلت فى الملفين السورى والليبى، مستعدان للتورط فى صراع عسكرى جديد. والسلاح الذى تشهره امريكا والاتحاد الاوروبى فى وجه موسكو حتى الآن اقتصادياً بامتياز مع الامتناع عن التعهد بأى تدخل عسكرى فى الصراع.

فهل يشجع هذا بوتين على تكرار تجربته الناجحة فى ضم القرم بعملية عسكرية فى 2014؟ أمر وارد. لكن بوتين يعلم ان الغزو سيكبده تكاليف عسكرية كبيرة وآلاف الأرواح،خاصة مع الدعم الامريكى والغربى المتزايد لأوكرانيا بالسلاح والتدريب.كذلك ستزيد العقوبات الموعودة متاعب الاقتصاد الروسى وتهدد مشروعات نقل الغاز الروسى لأوروبا. علاوة على ذلك ستزيد هذه الخطوة من العزلة الروسية ويجعلها تخسر بعض الأصوات الأوروبية المتأرجحة التى تفضّل اتباع سياسة «الباب المفتوح» مع موسكو واحتواء مخاوفها.

إذاً ما يمكن ان يجنيه بوتين من هذا الحشد بدون خسائر هو «الضغط». فموسكو تضغط على الغرب لتقديم ضمانات بعدم ضم أوكرانيا للناتو». والا يكون للناتو قوات أو بنية تحتية فى أوكرانيا، وكذلك لوقف المناورات العسكرية بالقرب من حدودها. ورغم ان تكتيك «الضغط» قديم ومعروف الّا انه ينجح عادة، خاصة اذا كنت تملك الكروت المناسبة.