فرفش كده.. تاكسي يعاني من التنمر بسبب «لوحته»

فرفش كده | على مقهى سيدهم فرويد ٢
فرفش كده | على مقهى سيدهم فرويد ٢

عبد الصبور بدر

أعرفكم بنفسى، أنا تاكسى أسود، اسمى «ط ر ى» حسب لوحة النمر المعلقة.


 كثيرا ما تسببت حروفى الثلاثة فى التنمر علىّ، وعلى صاحبى الذى يقودنى، ومع ذلك لم يحاول الرجل تغيير اسمى أو الاعتراض عليه حين تسلم اللوحة من إدارة المرور، كان سعيدا لأنه استطاع أن يحولنى من ملاكى إلى أجرة ولم يفكر فى العار الذى سيلحق بى مدى الحياة.


كنت سيارة ملاكى -على سن ورمح- استعمال طبيب، عاملنى أحسن معاملة، لم يغفل يوما عن تغيير الزيت، والمية، والاطمئنان على ضغط الهواء داخل عجلاتى، واستبدالها فى الوقت المناسب، واصطحابى إلى الميكانيكى لمتابعة حالتى الصحية، وتكليف حارس العقار بتنظيفى كل صباح، وترويقى بغسلة معتبرة كل جمعة قبل الصلاة.


 وبعد عشرة سنين حملته فيها، وتحملت شقاوة عياله ومرمطتهم ليا، قرر الطبيب بعد ما ربنا فتح عليه فجأة الاستغناء عن خدماتى واستبدالى بسيارة «فرفورة» من بتوع اليومين دول اللى لو ريحت على رفرفها يتطبق، بس فيها كل الكماليات: تكييف وباور وسنتر لوك، وإشى فرامل «أيه بى إس»، على فتحة سقف، وفتيس أوتوماتيك.


رمانى ومفكرش فيا واختارعربية تدلعه، ومعملش أى حساب للدبرياج ورزعة الباب اللى بينا، لينتهى بى الحال فى موقف تاكسيات، كل يوم الصبح ألاقى فوطة زفرة ريحتها تقرف حد بيمسح بيها وشى. 


 أصبحت تاكسى أجرة لكل من هب ودب، لتبدأ رحلة معاناتى الطويلة فى زحمة الشوارع من صباحية ربنا لا نصاص الليالى، أدور وألف على الفاضى والمليان، أستعطف الناس فى الطرقات والميادين.


أصيب ظهرى بـ «الديسك» بسبب هبد المطبات والحفر والبلاعات التى لا تخلو منها شوارع القاهرة بما فيها التجمع ومصر الجديدة، فما بالك ببولاق، وشبرا، وإمبابة، وعزبة الهجانة، والحارات الشعبية اللى محتاجة بلدوزر يمشى فيها عشان ميتأثرش.


وبسبب الإهمال والتراب المتراكم على الموتور أصبحت مريضا بالربو والسعال، دون أن يحن قلب صاحبى ويعرضنى على ميكانيكى فى صقر قريش، ولا حتى الحرفيين، رغم وقوفى المتكرر فى منتصف الطرقات فاقد الوعى، وكل ما يفعله هو رفع الكبوت، والعبث فى أسلاكى والدق على بطاريتى بأقرب حجر مرمى فى الشارع، وبعد وصلة التعذيب أضطر للعودة من جديد إلى العمل والحركة حتى أحمى نفسى من الفناء، ولا أجدنى فى نهاية الأمر مفككا إلى قطع ومعروضا فى سوق الخردة تمهيدا لتوزيعى على محلات «وكالة البلح». 


أومال لو أنا مش «ط ر ى»، كان الزمن عمل فيا أيه أكتر من كده!

إقرأ أيضاً|فرفش كده | على مقهى سيدهم فرويد ٢