شىء من الأمل

الحظ وسنينه !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

مُلفت للانتباه أن يبرر المدير الفنى لمنتخبنا لكرةَ القدم فوز المنتخب التونسى فى مباراتنا معه بأن الحظ حالفه .. وذات الشىء فعلته مسئولة فى الفيفا أيضا حينما قالت ان الحظ حالف المنتخب التونسى ففاز فى الوقت  بدل الضائع من المباراة بخطأ من كابتن المنتخب المصرى! ..

فإن المدير الفنى للمنتخب المصرى أوروبى، بينما مسئولةَ الفيفا أفريقية وهذا يعنى اننا نحن المصريون  لسنا وحدنا الذين نحمل الحظ مسئولية ما يحدث لنا منذ زمن بعيد، وهو ما تشهد به أمثالنا الشعبية القديمة والتى تعبر عن طريقة تفكيرنا وأشهرها: (قيراط حظ ولا فدان شطارة)! ..

وانما يشاطرنا فى ذلك ايضا من يقدرون فى مجتمعاتهم قيمة العمل لتحقيق ما يبتغيه الإنسان ويراهنون دوما على الاجتهاد فى تحقيق النجاح ويعرفون أن الإخفاق سببه ارتكاب الأخطاء، وأن التوفيق له أسبابه العلمية مثل عدم التوفيق أيضا..

وهكذا القناعة بدور الحظ فى الحياة ليست ظاهرة مصرية محلية  فقط، وإنما هى أيضا عالمية، رغم أن هذه القناعة تعفى المرء من مسئولية ما يتعرض له من إخفاقات فى حياته، وهذا أمر يتناقض مع مبدأ بشرى مهم يقضى بمسئولية كل فرد على ما يقوم به من أعمال، وهو مبدأ تقره الأديان أيضا مثلما تأخذ به القوانين والتشريعات فى شتى الدول الديمقراطية منها وغير الديمقراطية، وأيضاً تمارسه الشعوب حينما تحاسب مسئوليها على نتائج أعمالهم وعلى أخطائهم سواء من خلال حجب أصواتهم عنهم فى أول انتخابات تجرى فى دولهم، أو بالثورة عليهم والسعى من خلال الانتفاضات الجماهيرية للتخلص من حكمهم إذا لم تمكنهم الانتخابات من ذلك!..

وربما هذا يفسر لنا سبب رواج تنبؤات المنجمين عالميا وليس عندنا نحن فقط، خاصة فى أوقات الاستعداد لاستقبال عام جديد دوما، رغم أن ما يحدث لنا هو من صنع  أيدينا.. فنحن نحصد فقط ما نزرعه..

كما أن هذا  يفسر لنا أيضا لجوء  سياسيين وحكام للمنجمين ليكشفوا لهم ما ينتظرهم من عقبات ومخاطر لكى يتفادون تلك العقبات ويتحصنون ضد هذه المخاطر ..

وإذا كان  ثمة مبالغة هكذا فى تقدير دور الحظ فى الحياة السياسية  فانه لن يكون غريبا ان تكون هناك مبالغة لدوره فى الألعاب الرياضية ايضا، رغم أن خوض المنافسات الرياضية فى العالم كله يسبقه إعداد جاد وشاق وجهد كبير فى التدريب والتجهيز بدنيا ونفسيا وإعداد الخطط، وكل ذلك يكلف أموالا كبيرة وضخمة..  ولذلك فإن إلقاء المسئولية كلها عند الإخفاق فى شتى المجالات ومنها الرياضة على (الجنرال حظ) وحده هو تهرب من المسوءلية والمحاسبة على الأخطاء!